مشاريع مونديال 2030 ودعم السكن يُحدثان طفرة في قطاع البناء بالمغرب

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعدما بصمت على مؤشرات مشجعة في أول فصل من العام 2024، تستمر مبيعات الإسمنت بالمغرب مسارها نحو تحقيق أرقام “قياسية” جديدة مع نهاية كل شهر، في أفق أن تختم أداء سنويا متميزا حسب خبراء متابعين، ليتجاوز قطاع البناء والأشغال العمومية (BTP) بعد ذلك “ركودا موروثا” عن تداعيات زمن “الجائحة الوبائية” خيم على أنشطة واحد من أبرز قطاعات المنظومة الاقتصادية المغربية.

هذا المعطى تُزكيه الأرقام الصادرة حديثا عن “الجمعية المهنية لشركات الإسمنت” حول مبيعات الإسمنت التي أفاد المهنيون بأنها “تجاوزت 4,10 ملايين طن عند متم شهر أبريل 2024، بارتفاع نسبته 3,5 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها قبل سنة”.

وحسب بيانات الجمعية المذكورة المتضمنة في وثيقة منشورة على موقعها الإلكتروني، فإنه “بالنسبة لشهر أبريل لوحده، بلغت مبيعات هذه المادة الحيوية بمثابة المؤشر الرئيسي لقطاع البناء والأشغال العمومية ما مجموعه 867 ألفا و743 طنا، مقابل 716 ألفا و483 طنا خلال الشهر ذاته من سنة 2023؛ ما يعني “زيادة” واضحة نسبتُها 21,11 في المائة.

عند استقراء البيانات “حسب الفئات”، تصدرت “المبيعات الموجهة للتوزيع” بـ2,37 مليون طن، تلتْها تلك الموجهة “للخرسانة الجاهزة للاستخدام” بما يعادل 897.792 طنا، ثم فئة “الخرسانة المُعدة مسبقا” بما يعادل 396.129 طنا، والبناء (130.372 طنا)، وكذا “البنية التحتية” (282.304 أطنان)، فضلا عن “الملاط” بحجم مبيعات بلغ 21.266 طنا.

“بنية تحتية”

إدريس الفينة، الخبير الاقتصادي المهتم بمجال العقارات والتعمير بالمغرب، أكد أن “الأرقام المتعلقة بمبيعات الإسمنت للأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية سجلت ارتفاعا ملموسا لم تخطئه عيون المهنيين”.

وأرجع الفينة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، هذا الارتفاع المسجل إلى “فضل الدينامية التي خلقتها مختلف مشاريع البنيات التحتية الكبرى، خصوصا الملاعب الرياضية والموانئ والمطارات والطرق بمختلف أنواعها”، مذكرا بـ”تخصيص الحكومة ميزانية تتجاوز 180 مليار درهم لقطاع البناء والأشغال العمومية، بزيادة فاقت 30 في المائة”.

ولفت المتحدث، ضمن تحليله، إلى أن “قطاع بناء المساكن ساهم بدوره في هذه الدينامية التي عرفها قطاع الإسمنت بفضل برنامج دعم السكن الذي أقرته الحكومة من خلال قانون مالية 2024، مبرزا أن نسبة مساهمة قطاع الإسكان والتعمير في هذه الدينامية لا تتعدى 1 في المائة”.

وعن توقعات باقي الأشهر إلى حدود نهاية السنة الجارية، أفاد الخبير الاقتصادي بأن “هذه السنة ستعرف نسبة زيادة تناهز 5 إلى 7 في المائة في مبيعات واستهلاك الإسمنت بفضل مشاريع البنية التحتية وقطاع السكن”.

وختم متفاعلا بالقول: “بطبيعة الحال، فإن مشاريع إعادة الإعمار على مستوى المناطق التي شملها دعم الدولة قصد تأهيل مناطق زلزال الحوز وباقي مناطق الأطلس الكبير المتضررة لها مساهمة في خلق هذه الدينامية الجديدة”، رغم إشارته إلى أنها “تعرف بعض التعثرات الكبيرة على مستوى الإنجاز”، وفق تعبيره.

مسار متصاعد

التفسيرات ذاتها تقريبا ساقَها أمين مرنيسي، خبير في المجال العقاري بالمغرب، مؤكدا أن “مؤشر المبيعات مرتبط بعوامل عديدة؛ لكنه محكوم أساسا بدينامية الأوراش الراهنة المفتوحة”، مسجلا أن المعطيات “تكشف دينامية كبيرة في مجال قطاع البناء والأشغال العمومية بكامل فروع أنشطته”.

وبشكل متلازم، ربط مرنيسي، في إفادات تحليلية لهسبريس، ارتفاع المبيعات بالاستعداد لموعد كأس العالم 2030؛ وهو ما يُؤشر، حسبه، أن “الدولة تقوم بمجهودات كبيرة وضخمة من حيث مشاريع البنيات التحتية الأساسية العمومية وكذا تأهيل أهم البنيات العمومية (الطرق بمختلف أصنافها، والقناطر، الملاعب والمنشآت الرياضية).

وزاد المحلل في الشأن العقاري شارحا: “من المعلوم أن أشغال تشييد بنيات تحتية تتطلب استهلاك كبيرا ومتزايدا من مادة الإسمنت، على اختلاف فئات وأشكال بيعها”، مشددا على فكرة أن “مشاريع الدولة لتجهيزات البنية التحتية والمنشآت العامة الحيوية ستبقى مستمرة في هذه الوتيرة المتصاعدة، إلى حدود العام 2030 موعد تنظيم المونديال، خاصة بمدن كبرى هي الدار البيضاء والرباط ومراكش وأكادير وطنجة وفاس، مستحضرا أيضا استعدادات متسارعة لكأس إفريقيا لكرة القدم، بحيث إن المدن المجاوِرة ستستفيد كذلك من هذه الدينامية الجديدة”.

“هذا المؤشر، من الآن حتى سنة 2030، سيظل رهينَ الارتفاع؛ لأن الدولة سيتعين عليها أن تقوم ببناء وتشييد تجهيزات لاستقبال ملايين الزوار خلال مباريات كأس العالم”، خلص الخبير في المجال العقاري.

“برنامج الدعم يرفع الطلب”

لم يغفل مرنيسي، في حديثه لهسبريس، أن “برنامج الدعم المباشر للسكن” المنطلق مطلع يناير 2024 مَنح مبيعات قطاع الإسمنت دينامية جديدة”، مستدلا بـ”إقبال كبير بلغ حوالي 70 ألف طلب للاستفادة، منها حوالي 8 آلاف مواطن اقتنوْا سكنهُم عبر هذا الدعم”.

وتابع المتحدث معلقا: “هذا مؤشر على مواكبة المنعشين العقاريين، سواء الخواص أو التابعين للدولة، تنزيل هذا البرنامج مع التركيز على فئة السكن من فئة 300 ألف درهم”.

واعتبر الخبير العقاري أن “هذه الفرص خلقت تفاؤلا كبيرا، مع توقعات بتزايد الطلب على الإسمنت أو استهلاكه على حد سواء”، لافتا إلى أن “تشييد المنشآت السياحية والفندقية والمطاعم وكذا المباني المخصصة للاستثمار في الاستئجار العقاري معنيٌّ أيضا بهذه البيانات”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق