«تأثيرات مناخية مقلقة: موجات حر أطول وأشد، جفاف وفيضانات تهدد العالم»

موجات حر.. يعاني كوكب الأرض في السنوات الأخيرة من تغيُّرات مناخية غير مسبوقة، إذ تزايدت الظواهر الجوية المتطرفة، مثل موجات الحر القاسية، فترات الجفاف الممتدة، الأمطار الغزيرة التي تسبب الفيضانات، وحرائق الغابات الهائلة.

يتفق العلماء على أن الأنشطة البشرية، وخاصة حرق الوقود الأحفوري، هي المحرك الرئيسي وراء هذه التغيرات، حيث ينتج عنها انبعاث كميات كبيرة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

موجات حر أشد وأطول

على الرغم من أن الزيادة في متوسط درجات الحرارة العالمية تبدو طفيفة، إلا أن تأثيراتها على درجات الحرارة القصوى عميقة، فمع تحول نطاق درجات الحرارة اليومية إلى مستويات أكثر دفئًا، تزداد احتمالية أن تصبح الأيام الحارة أطول وأكثر شدة.
في يونيو 2025، أعلن مكتب الأرصاد الجوية البريطاني أن احتمالات تجاوز موجات الحر لدرجات حرارة 40 مئوية أصبحت أعلى بمقدار 20 ضعفًا مقارنة بالستينيات، وأن هذه الاحتمالات ستستمر في الارتفاع بفعل الاحتباس الحراري.
شهدنا بالفعل مظاهر واضحة لهذا التغير، إذ وصلت درجات الحرارة في مالي إلى 48 درجة مئوية في أبريل 2024، بينما اجتاحت موجة حر الدول الاسكندنافية في يوليو 2025، حيث تجاوزت الحرارة في النرويج 30 درجة، وهو أمر نادر في تلك المناطق.

يرتبط هذا النوع من الظواهر بما يعرف بـ”قباب الحرارة”، وهي أنظمة ضغط جوي مرتفع تعمل على حبس الهواء الساخن لفترات طويلة فوق بعض المناطق.

أمطار غزيرة وفيضانات مدمرة

مع كل درجة مئوية إضافية ترتفع في حرارة الغلاف الجوي، تزداد قدرة الهواء على الاحتفاظ بالرطوبة بنسبة 7%، مما يؤدي إلى مزيد من الأمطار الغزيرة.
بين أكتوبر 2023 ومارس 2024، شهدت المملكة المتحدة ثاني أكثر مواسمها رطوبة على الإطلاق، وفي سبتمبر 2024، اجتاحت فيضانات مدمرة دول وسط أوروبا مثل بولندا، التشيك، رومانيا، النمسا، وإيطاليا.
تشير تقارير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن احتمالية حدوث مثل هذه الأمطار قد زادت بمقدار أربعة أضعاف بسبب الاحترار العالمي، كما أكدت هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة أن حوادث الأمطار الغزيرة أصبحت أكثر تكرارًا، وغالبية المناطق تواجه زيادة في فرَص مواجهتها.

فترات جفاف ممتدة

رغم صعوبة الربط بين جميع حالات الجفاف وتغير المناخ، إلا أن التغيرات في أنماط الأمطار توضح تغيراً جذريًا، فبينما تصبح بعض المناطق أكثر رطوبة، تواجه أخرى جفافًا مستمرًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي إلى تبخر أسرع للمياه من التربة، مما يزيد من تفاقم فترات الجفاف.
يزيد الطلب على المياه خلال فترات موجات الحر الشديدة، خاصة في الزراعة، مما يضاعف الضغط على الموارد المائية، ففي شرق أفريقيا بين عامي 2020 و2022، تسببت خمسة مواسم أمطار فاشلة في أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود، مما أدى إلى نزوح أكثر من 1.2 مليون شخص في الصومال وحدها.

حرائق غابات أكثر تدميرًا بسبب موجات حر

رغم كون الحرائق جزءًا من دورة طبيعية للنظم البيئية، إلا أن تغير المناخ جعلها أكثر تواترًا وضراوة، فقد أدى ارتفاع درجات الحرارة الممتد إلى جفاف الغطاء النباتي والتربة بشكل مفرط، ما يحولها إلى وقود سريع الاشتعال.
في أوائل عام 2024، شهدت منطقة شمال شرق الأمازون واحدًا من أسوأ مواسم الحرائق على الإطلاق، وأظهرت الدراسات أن الظروف المناخية التي ساعدت على انتشار هذه الحرائق أصبحت أكثر احتمالًا بنسبة تتراوح بين 30 و70 مرة نتيجة تغير المناخ، وأسفرت تلك الحرائق عن تدمير مساحات تعادل أربعة أضعاف ما كان يمكن أن تحترق في عالم لم يتأثر بتدخل البشر.