«وسط ترقب حذر» الدولار على أعتاب خسارة أسبوعية والأنظار تتجه نحو بيانات اقتصادية أمريكية حاسمة

يشهد الدولار الأمريكي حالة من عدم الاستقرار في تعاملات اليوم الجمعة، مع اتجاه واضح نحو تسجيل خسارة أسبوعية ملحوظة، وسط ترقب حذر من المستثمرين لصدور مجموعة كبيرة من البيانات الاقتصادية المؤجلة، والتي تأتي بعد إعادة فتح المؤسسات الحكومية الأمريكية، ويتزامن هذا الترقب مع تزايد المخاوف بشأن إمكانية أن تعكس البيانات ضعفًا أعمق في الاقتصاد الأميركي، وهو ما قد يؤثر بشكل مباشر على توقعات السياسة النقدية خلال الأشهر القادمة.

وفي أسواق آسيا، سادت حالة من التذبذب الواضح في تداولات العملات، حيث شهد الجنيه الإسترليني والوون الكوري الجنوبي تقلبات حادة، بينما صعد اليوان الصيني إلى أعلى مستوى له في أكثر من عام، مدفوعًا بتحركات محلية وتوقعات خاصة بالطلب على الدولار.

ضغوط متزايدة على توقعات خفض الفائدة الأمريكية

على الرغم من أن جزءًا من الاتجاه الهبوطي للدولار يرتبط بتوقعات المستثمرين، فإن الاتجاه العام في الأسواق لا يزال متأثرًا بتحول متشدد في توقعات أسعار الفائدة، حيث يرى المحللون أن احتمالية خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر أصبحت أقل من 50%، وقد جاء هذا التحول في التوقعات عقب تصريحات متتالية من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، الذين أكدوا خلالها على ضرورة الحذر الشديد في تبني سياسة تيسير نقدي، مع الإشارة إلى مخاطر التضخم واستمرار قوة سوق العمل.

ومع ذلك، لم يتمكن الدولار من الاستفادة من هذه التصريحات، حيث فقد زخمه أمام العملات الرئيسية، فقد صعد اليورو مرة أخرى فوق مستوى 1.16 دولار، بينما حافظ الفرنك السويسري على قربه من أعلى مستوياته في ثلاثة أسابيع، كما بقي مؤشر الدولار الأميركي عند حدود 99.11 نقطة، متجهًا لخسارة أسبوعية تقارب 0.45%.

غموض يكتنف البيانات الاقتصادية الأمريكية

تسود الأسواق حالة من عدم اليقين بشأن البيانات المقبلة، خصوصًا مع إعلان الإدارة الأمريكية أن بيانات البطالة لشهر أكتوبر قد لا تتوافر نتيجة عدم إجراء مسح الأسر خلال فترة الإغلاق الحكومي، وأوضح المحللون أن غياب البيانات الموثوقة يضع الاقتصاد في «منطقة ضبابية»، على حدّ تعبير جوزيف كابورسو، رئيس قسم العملات الدولية في بنك الكومنولث الأسترالي، الذي أشار إلى أن المستثمرين «عندما لا يرون الصورة بوضوح، يفضلون إبطاء وتيرة اتخاذ القرارات، سواء ما يتعلق بخفض الفائدة أو بتحركات الأسواق».

ورغم ذلك، ظلت توقعات أسعار الفائدة لعام 2026 شبه ثابتة، حيث لا تزال الأسواق تتوقع خفضًا شبه كامل في يناير المقبل.

نظرة على تحركات العملات العالمية

الجنيه الإسترليني تراجع بنحو 0.32% ليصل إلى 1.3149 دولار، بعد فقدانه جزءًا من مكاسب الجلسة السابقة، ويرتبط هذا التراجع بتقرير لصحيفة “فاينانشيال تايمز” حول تخلي الحكومة البريطانية عن خطط رفع ضريبة الدخل قبل إعلان الموازنة.

وفي آسيا، قفز الوون الكوري الجنوبي بنسبة 1% أمام الدولار بعد تعهد حكومي بدعم العملة، وسط توقعات بعمليات تدخل مباشرة في السوق، كما استفاد الين الياباني من تراجع الدولار، لكنه بقي قرب أدنى مستوى له في تسعة أشهر، مسجلًا 154.34 ين للدولار.

أما الدولار الأسترالي فتعافى جزئيًا بعد عمليات بيع حادة في الجلسات الماضية، بينما ارتفع الدولار النيوزيلندي بدعم من بيانات قوية حول النشاط الصناعي ومن قرار بنك الاحتياطي النيوزيلندي تخفيف قيود الإقراض العقاري بدءًا من ديسمبر.

اليوان يسجل أقوى مستوى له في عام

سجّل اليوان الصيني مستوى قويًا عند 7.0908 لكل دولار، وسط عمليات بيع واسعة للدولار من جانب المصدّرين، بعد كسر مستوى فني مهم، وجاء ذلك بالتزامن مع بيانات اقتصادية أظهرت تراجعًا جديدًا في أسعار المنازل في الصين بأسرع وتيرة منذ عام، مما يعكس استمرار أزمة قطاع العقارات.