«من ملاعب الأحياء إلى منصة ويمبلدون».. محلل أداء مصري يُضيء سماء التنس العالمية بعد رحلة كفاح

«من ملاعب الأحياء إلى منصة ويمبلدون».. محلل أداء مصري يُضيء سماء التنس العالمية بعد رحلة كفاح

وضع أحمد جمال، محلل الأداء المصري، بصمة مميزة في الملاعب الإنجليزية، وذلك بعد مساهمته الفعالة في صعود فريق ويمبلدون إلى دوري الليج 1، الدرجة الثانية في إنجلترا، بنهاية الموسم الماضي، ويأتي هذا الإنجاز ليؤكد على الكفاءات المصرية في مجال تحليل الأداء الرياضي.

يعتبر هذا الإنجاز إضافة نوعية لمسيرة أحمد جمال المهنية، حيث عمل جاهداً لتقديم أفضل ما لديه من تحليلات ساهمت بشكل كبير في تحقيق هذا الصعود التاريخي، وتعد هذه التجربة بمثابة نقطة انطلاق نحو مزيد من النجاحات في عالم كرة القدم، مما يجعله نموذجاً يحتذى به للشباب الطموح في هذا المجال.

### بداية المسيرة كمحلل أداء

بدأت مسيرتي في عالم تحليل الأداء عام 2020، حيث كنت أدرس الهندسة وتوقفت الدراسة بسبب جائحة كورونا، لذا بدأت رحلة البحث عن كورسات متخصصة في هذا المجال من مؤسسات ومنظمات مختلفة، وحتى من أندية كبيرة مثل برشلونة، استفدت من بعضها بشكل كبير، والبعض الآخر كان مجرد تجربة لاكتساب المعرفة والخبرة.

بعد ذلك، التقيت بالمحلل المصري المتميز حسن بلتاجي، الذي كان يعمل في ألمانيا، وتعاونت معه في مشروع تخرجه، ثم انضممت إلى شركته الخاصة كمدير لقسم تحليل الأداء، وفي نفس الوقت، عملت عن بعد مع أحد الأندية الفنلندية تحت قيادة مدرب برتغالي، ونجحنا في الصعود بالفريق من الدرجة الثالثة إلى الثانية بعد غياب دام حوالي 20 عامًا، وبعدها سافرت إلى لندن للدراسة في جامعة سانت ماري، حيث حصلت على بكالوريوس في تحليل الأداء واكتشاف المواهب.

### أهمية الدراسة في إنجلترا للتطور المهني

المناهج التعليمية في مجال كرة القدم قد لا تكون عملية بشكل كامل، إلا أنها تعلمنا كيفية إعداد وقراءة الأبحاث، بالإضافة إلى جوانب أخرى تتعلق بالتعامل مع اللاعبين الناشئين، ولكنها تختلف عن الواقع العملي، فالجانب التقني في كرة القدم لا يتم تدريسه في الجامعات، وإنما يُكتسب من خلال العمل المباشر مع المدربين والفرق.

### الأندية التي عملت معها قبل ويمبلدون

أقرأ كمان:  «فرصة ذهبية لأبنائكم».. رابط التقديم للصف الأول الابتدائي الأزهري 2025 متاح الآن بسهولة

عملت مع فريق كاجاني هاكا في دوري الدرجة الثالثة الفنلندي عام 2021، بشكل تطوعي تحت قيادة المدرب البرتغالي لويس فيجيريدو، ثم عملت مع الأندية الشريكة لشركتنا، مثل فريق جلاسجو سيتي الإسكتلندي للسيدات، حيث كنت مديرًا لقسم التحليل وأقدم التحليلات للمدربة، وشاركنا في دوري الأبطال خلال تلك الفترة، كما عملت لفترة مع بعض أندية الدرجة الرابعة في ألمانيا، قبل الانضمام إلى نادي ويمبلدون، هذه التجارب المتنوعة منحتني الخبرة اللازمة للتعامل مع المدربين والتخطيط للمباريات بكفاءة.

### الفارق بين العمل في فنلندا وألمانيا وإنجلترا

يكمن الفارق الأكبر بين هذه التجارب في الموارد المتاحة، والتي تؤثر بدورها على عدد المحللين والجوانب الأخرى، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على جميع الأندية في مختلف الدول، إلا أن الميزة في إنجلترا تكمن في أن الدرجة الرابعة التي بدأت بها تعتبر أولى درجات الدوريات المحترفة، مما يعني وجود حقوق رعاية وبث تلفزيوني للمباريات، وبالتالي تكون الموارد أعلى والمنافسة أقوى.

### خطة ويمبلدون للصعود

ويمبلدون كان يكافح للهروب من الهبوط قبل عامين، حيث احتل المركز 21 تقريبًا، والنجاح تحقق بفضل مدير الكرة في النادي، الذي نجح في استقطاب لاعبين بتكاليف منخفضة نظرًا لمحدودية الموارد، فالنادي مملوك للجماهير ولا يوجد مالك يضخ الأموال لتمكينه من المنافسة، ونجح في تطوير الفريق والجهاز التدريبي، وهذا ما ساعدنا على الوصول إلى هذه المرحلة.

المدرب أخبرنا خلال فترة الإعداد أن هدفنا هو احتلال المراكز السبعة الأولى، وكان يعتمد على طريقة 4-4-2، ولكنه اضطر لتغييرها إلى خطة 3-5-2 وفقًا للعناصر المتاحة، وكانت هوية الفريق تعتمد على الضغط العالي لاستغلال التحولات، بالإضافة إلى استغلال الكرات الثابتة، والتي سجلنا منها 18 هدفًا، وبدأت بعض الفرق تتجنب لعب ضربات المرمى بشكل قصير أمامنا بسبب إتقاننا للضغط العالي.

### لقاء توماس فرانك مدرب برينتفورد

لم أصدق أننا سنواجه الفريق الأول لبرينتفورد، وأنني سألتقي بمدربي المفضل توماس فرانك، كانت من أجمل لحظات البداية، لأنني كنت على دراية بكل ما يقوم به، شعرت بإحساس مختلف، ولم أتردد في الحديث معه وإخباره بأنه مثلي الأعلى في التدريب خلال السنوات الخمس الماضية، والتقطت صورة معه للذكرى، وأتمنى العمل معه في المستقبل.

أقرأ كمان:  «هام للمواطنين» إضافة المواليد الجدد إلى بطاقات التموين 2025: دليل شامل بالشروط والإجراءات

### الاستعداد لمواجهة نيوكاسل

كان من المفترض أن نلعب المباراة على ملعبنا، لكنه غرق وتعرض لأضرار بالغة، مما أدى إلى إغلاقه لمدة شهر، وتم نقل المباراة إلى ملعب نيوكاسل، مما زاد من صعوبة المهمة علينا.

علمنا أننا سنكون تحت الضغط طوال المباراة لمواجهة هجمات نيوكاسل، وبدأنا في تحليل أداء نيوكاسل أمام الفرق التي تلعب بطريقة 5-3-2 في الحالة الدفاعية مثلنا، نقوم عادة بتحليل 3 إلى 4 مباريات لخصومنا، ولكن في هذه الحالة قمت بتحليل مباراتين لهم ضد نوتنجهام فورست وساوثامبتون، وركزنا على كيفية دفاعهم وضغطهم ضدهم، وحاولنا تطبيق ذلك في سياقنا الخاص، وبدأنا في وضع التدريبات المناسبة لاستخدام دفاع منخفض، وكيفية إيقاف تحركاتهم ومواجهة تمركز الأظهرة وتقدم لاعبي الوسط، عملنا أيضًا على تطبيق فكرة أو فكرتين في الركنيات ورميات التماس الطويلة، لأننا كنا نعلم أنها قد تكون فرصتنا الوحيدة لتسجيل هدف، كانت تجربة مفيدة جدًا واحتكاك قوي للغاية، وخسرنا بهدف وحيد من ركلة جزاء.

### تأثير نجاح اللاعبين المصريين في أوروبا

لم ألمس تأثيرًا مباشرًا لنجاح اللاعبين المصريين في أوروبا على مسيرتي، لكن بالتأكيد كان هناك مزاح من بعض اللاعبين حول محمد صلاح ومصطفى محمد، والبعض كان يناديني “قريب مصطفى محمد” لمجرد أنني مصري.

في الوقت نفسه، كانت هناك مناقشات مع المدرب المساعد حول عدد المصريين الذين عملوا في ملعب ويمبلي قبل مشاركتنا في البلاي أوف، وتذكر أحمد المحمدي ومحمد صلاح ومحمد النني.

### دور اللاعب اللبناني عمر شعبان في التأقلم

عمر شعبان، لاعب ويمبلدون، هو لاعب من أصل لبناني ولكنه ولد في ألمانيا وعاش معظم حياته في إنجلترا ولا يتحدث العربية، ومع ذلك، كنت أقوم بمساعدته لتعلم بعض الكلمات العربية، وكان من اللاعبين المقربين مني وساعدني على التأقلم مع الأجواء في الفريق.

أقرأ كمان:  «فخر الجيزة» سلمى تتألق في الثانوية العامة وتحصد مركزًا بين الأوائل: "توفيق ربنا كلل تعب سنة كاملة"

### أبرز تحديات محللي الأداء في مصر

تكمن أبرز الصعوبات في الحصول على فرصة حقيقية أو وجود من يستمع إليك، فلا توجد وظائف معلنة لمحللي الأداء، وكل الأمور تعتمد على العلاقات الشخصية التي تؤدي إلى ترشيحك للوظيفة، هذا الأمر موجود في أوروبا أيضًا، لكن هناك عدد كبير من الفرص والأندية المحترفة، بينما في مصر، هناك فقط 4 أو 5 أندية تعترف بتحليل الأداء، والبعض يعتبره مجرد موضة ولا يستفيد منه بشكل كامل.

نسبة كبيرة من الأندية، ربما تصل إلى 90%، ليس لديها علم بمهام محلل الأداء وكيفية الاستفادة منه بشكل صحيح، وفي أحد الأندية الكبيرة في مصر، تم الحكم على محلل بأنه صغير السن، وكان هذا سببًا لرحيله، وهذا لا علاقة له بجودة عمله، كل هذه الأمور تدفع المحللين للعمل في الدوري السعودي أو أوروبا، وهذا مكلف للغاية، وقد تضطر للعمل بشكل تطوعي أو أثناء الدراسة في البداية، هناك العديد من العوائق التي تواجه محللي الأداء في مصر.

### دور اتحاد الكرة في إعاقة فرص الشباب

أوافق بنسبة كبيرة على أن اتحاد الكرة يشكل عائقًا أمام منح الفرص للمحللين والمدربين الشباب بسبب الشروط الخاصة بممارسة كرة القدم، فالأمر يعتمد بشكل كبير على العلاقات، وهذا موجود في جميع المجالات في مختلف الدول، ولكن في الخارج هناك أندية محترفة تعترف بهذا المجال ويمكنك التقديم على الوظيفة، بينما في مصر هناك عدد قليل جدًا من الفرص المتاحة، وحتى الأندية الكبيرة لا تعرف ما هو دور المحلل لتحديد ما إذا كان مؤهلاً أم لا.

الشروط الموضوعة للحصول على الرخصة تعطي الأولوية لمن فاز بلقب قاري مثل دوري أبطال أفريقيا، وهذه شروط شبه تعجيزية، وحتى من ينجح داخل الأندية لا يحصل على الدعم الكافي لمساعدته على التطور، فالبعض لا يهتم بتطوير المنظومة بقدر ما يهتم بالحفاظ على منصبه.