«خطوة جديدة نحو تنظيم السوق» الرقابة المالية تطلق أول ضوابط رسمية لشركات إعادة التأمين في مصر

في خطوة تنظيمية مؤثرة، أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية، ضوابط جديدة لتنظيم عمل شركات إعادة التأمين وفروعها في السوق المصري للمرّة الأولى، وذلك ضمن خطة الهيئة الرامية إلى تطوير قطاع التأمين المصري بشكل شامل، بما يسهم في تعزيز استقراره وموثوقيته، وبالتالي دعم نمو الاقتصاد الوطني.

يأتي هذا القرار في سياق استراتيجية الهيئة لتطوير القطاع المالي غير المصرفي ورفع كفاءة سوق التأمين، بما يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية، حيث يهدف إلى حماية حقوق حملة الوثائق وتعزيز الوضع المالي لشركات التأمين.

ضوابط لتنظيم عمل شركات إعادة التأمين

تُعتبر عملية إعادة التأمين آلية فعّالة لحماية شركات التأمين من المخاطر الكبيرة، إذ يمكنها إعادة تأمين عملياتها لدى شركات تأمين أكبر تُعرف بشركات إعادة التأمين، مما يعزز قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه العملاء ويضمن استقرار السوق التأميني.

يضمن القرار تنظيمًا غير مسبوق لعمل شركات إعادة التأمين وفروعها، حيث وضع ضوابط جديدة وقاسية لقيد الشركات والفروع، وألزم شركات التأمين المصرية بالتعامل حصريًا مع الكيانات المسجّلة والمعتمدة من الهيئة، مما يضمن التعامل مع معيدي تأمين يتمتعون بملاءة مالية قوية وتصنيف ائتماني دولي جيد.

تطوير قطاع التأمين

أفاد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية بأن هذا القرار يمثل نقطة تحوّل في استراتيجية الهيئة لتطوير قطاع التأمين، الذي يُعتبر جزءًا أساسيًا من إدارة المخاطر الاقتصادية والاجتماعية في مصر، إذ يضع معايير واضحة لاختيار معيدي التأمين، ويعزز قدرة شركات التأمين المصرية على الوفاء بالتزاماتها المالية والفنية.

تضمن القرار رقم (230) لسنة 2025 إنشاء قائمة جديدة لأول مرة لقيد شركات وفروع شركات إعادة التأمين المسموح بالتعامل معها من قبل شركات التأمين المرخصة في مصر، كما اشترط أن تكون هذه الكيانات غير قد مارست أي أنشطة ضارة بالسوق المصري خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وأضاف رئيس الهيئة أن إنشاء قائمة معتمدة على أساس التصنيف الائتماني والملاءة المالية سيرفع الكفاءة التشغيلية للسوق، ويحد من مخاطر التركز، مما يجعل السوق المصري أكثر توافقًا مع المعايير الدولية ويعزز ثقة المستثمرين في قطاع التأمين.

وضعت الهيئة قواعد صارمة لضمان الملاءة المالية، حيث اشترطت خضوع شركات إعادة التأمين لجهة رقابية أجنبية مماثلة لاختصاصات الهيئة، لضمان التزامها بالقوانين والمعايير الصارمة، وعدم كونها كيانات وهمية.

كما اشترط القرار الحصول على تصنيف ائتماني سارٍ من إحدى وكالات التصنيف الائتماني الدولية، بحيث لا يقل عن (B+) من وكالة A.M Best، أو (BBB) من ستاندرد آند بورز S&P، أو (BBB) من وكالة فيتش، أو (Baa) من وكالة موديز.

شروط قيد شركات إعادة التأمين التجاري

لقيد شركات إعادة التأمين التجاري، اشترطت الهيئة توفر شرطين على الأقل من الشروط التالية: ألا يقل التصنيف الائتماني للدولة التي يتم ممارسة النشاط بها عن BBB- من مؤسسة فيتش أو ما يعادلها، أو ألا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن 75 مليون دولار أمريكي، أو ألا تقل حقوق ملكية الشركة عن 125 مليون دولار أمريكي، بينما في حالة شركات إعادة التأمين التكافلي، يكتفى بتوافر أحد الشروط المذكورة.

تهدف الهيئة من هذه الشروط إلى إنشاء سوق قوي يضم شركات إعادة التأمين ذات القدرات المالية القادرة على تسديد التعويضات وقت الأزمات، مما يوفر الحماية اللازمة لشركات التأمين المصرية.

شروط قيد فروع شركات إعادة التأمين

فيما يتعلق بقيد فروع شركات إعادة التأمين، اشترطت الهيئة أن تكون شركة التأمين الأم المالكة للفرع مقيدة في سجلات الهيئة، مع تقديمها خطاب ضمان يقر بمسؤوليتها الكاملة عن الأعمال المُسندة للفرع من قبل شركات التأمين العاملة في مصر.

كما نص القرار على أن الشركة الراغبة في القيد، عليها تقديم طلب على النموذج المعد لذلك، مرفقًا بترخيص مزاولة نشاط إعادة التأمين من الجهة الرقابية بالخارج، وأحدث تقرير تصنيف ائتماني دولي والقوائم المالية وتقرير مراقب الحسابات لآخر 3 سنوات، بجانب دراسة جدوى فنية لنشاطها في السوق المصري تشمل خطة العمل والتشغيل وبيان المساهمة في نقل الخبرات الفنية.

وألزمت الهيئة شركات التأمين المصرية بحجز المخصصات الفنية وإفراجها في الربع المماثل من العام التالي، والتأكد من صحة البيانات والمستندات المقدمة، وإبلاغ الهيئة بنهاية شهر مارس من كل عام باستمرار التعامل مع الشركات والفروع المقيدة.

وضعت الهيئة حدودًا واضحة لعمليات إعادة التأمين، حيث لا يجوز أن تزيد النسبة المُسندة إلى معيد تأمين واحد عن 25% من إجمالي محفظة إعادة التأمين، وأن تتجاوز نسبة إجمالي حجم عمليات إعادة التأمين السارية لدى معيدي التأمين الخاضعين للسيطرة الفعلية عن 30% من إجمالي المحفظة.

كما نص القرار على أن لا تتجاوز النسبة 50% في حالة امتلاك معيد التأمين لـ 50% أو أكثر من شركة التأمين، وألا تزيد نسبة العمليات مع معيدي التأمين في دولة واحدة عن 40%، وألا تزيد العمليات مع معيدي التأمين في دولة ما عن 60% إذا كانت شركة التأمين مملوكة لمعيدي تأمين في تلك الدولة بنسبة تزيد عن 50%.

تأمينات الأشخاص

أما في تأمينات الأشخاص، فقد أوجب القرار على الشركات التي تتجاوز فيها عمليات إعادة التأمين نسبة 30% من إجمالي أقساط الخطر، ألا تزيد نسبة عمليات إعادة التأمين المتبقية لدى معيد تأمين واحد عن 30% من إجمالي المحفظة.

يمنح القرار مجلس إدارة الهيئة الحق في شطب قيد أي شركة أو فرع حال فقدان أحد شروط القيد، أو عدم إسناد أي عمليات لمدة عامين متتاليين، أو الإخلال بالالتزامات، دون الإعفاء من تنفيذ الالتزامات تجاه شركات التأمين المصرية، مع إمكانية إعادة القيد حال زوال سبب الشطب.

كما ألزم القرار شركات التأمين بتوفيق أوضاعها وفقًا لأحكامه خلال سنة من تاريخ العمل به، مع جواز مد المهلة بقرار من الهيئة، واستبعاد الشركات والفروع غير المستوفية للمتطلبات الجديدة من القائمة، مع السماح لمن تم استبعاده بتقديم طلب لإعادة القيد خلال شهرين إذا كان لديه ما يبرر ذلك.

تعمل الهيئة على إنشاء قائمة بالموقع الإلكتروني الخاص بها، تشمل فقط شركات إعادة التأمين المتوافقة مع الضوابط الجديدة.

تجدر الإشارة إلى أن قائمة الهيئة لمعيدي التأمين المعتمدين، والتي كانت تعمل وفقًا للضوابط السابقة، تضم حاليًا 268 شركة إعادة تأمين نشطة تنتمي إلى 47 دولة حول العالم، كما تضمنت 16 فرعًا نشطًا لشركات أجنبية.

ستكون جميع هذه الشركات والفروع مُلزمة بالامتثال للمعايير الجديدة، بما فيها التصنيف الائتماني ومتطلبات الملاءة المالية خلال مهلة توفيق الأوضاع المحددة بعام، لضمان استمرار قيدها في القائمة المعتمدة.