تمر 1.8 مليار امرأة حول العالم بعملية الحيض كل شهر، وهي عملية بيولوجية طبيعية، ومع ذلك، لا تزال هذه التجربة محاطة بتحديات كبيرة في العديد من المناطق، تشمل نقص المنتجات الصحية الآمنة، وضعف الوعي الصحي، وغياب الأدوات التشخيصية الفعالة التي تستفيد من المؤشرات الحيوية الهامة التي يكشفها دم الحيض. هذه الفجوة الواسعة في مجال الرعاية الصحية النسائية كانت المحرك الرئيسي وراء ابتكار متميز، شارك هذا العام في معرض “حلول دبي للمستقبل – ابتكارات للبشرية”، حيث تم اختياره ضمن أفضل 100 مشروع من بين 3000 ابتكار مقدم من 120 دولة حول العالم.
“الفوط الصحية الذكية”: ابتكار مصري واعد في الكشف المبكر عن الأمراض
في أجنحة المعرض، التقى “اليوم السابع” بالباحث المصري أبانوب عبدالملك، طالب الدكتوراه في معهد جورجيا للتكنولوجيا، الذي تحدث عن مشروعه الذي يبدو بسيطًا في جوهره، لكنه يمتلك القدرة على إحداث نقلة نوعية في الكشف المبكر عن المشكلات الصحية الخطيرة التي تواجه المرأة، وذلك عبر جمع وتحليل البيانات الحيوية بدقة أثناء الاستخدام اليومي للفوط والسدادات الصحية.
أبانوب عبدالملك، خريج هندسة أنظمة الاتصالات والبصريات من جامعة عين شمس، أمضى أكثر من ثماني سنوات في صناعة أشباه الموصلات بشركة عالمية كبرى، ثم استكمل دراساته العليا في التعلم الآلي بجامعة جورجيا، ومع تراكم هذه الخبرة التقنية، دفعه تساؤل إنساني مباشر: كيف يمكن لمنتج بسيط، تستخدمه المرأة شهريًا، أن يتحول إلى أداة تشخيصية فعالة، متاحة، سهلة الاستخدام، وغير مكلفة؟
يوضح أبانوب قائلًا: “تعاني واحدة من كل ثلاث نساء من النزيف الحيضي الشديد، ولكن غالبًا ما تبقى هذه الحالة دون تشخيص دقيق، نظرًا لاعتماد التقييم الحالي على الأوصاف الشخصية والذاكرة، هدفنا هو توفير بيانات موضوعية تجمع تلقائيًا، دون أن تضطر المرأة لتغيير روتينها اليومي أو الشعور بأي إزعاج.”
ويضيف أبانوب: “يحتوي دم الحيض على كمية هائلة من المعلومات الحيوية، ولكنها تُهمل عادة، هدفنا هو تحويل هذا المورد الموجود بالفعل إلى أداة استباقية للكشف عن أي مخاطر صحية محتملة.”
شكلت البساطة جوهر التصميم، حيث يؤكد الباحث المصري أن المواد المستخدمة منخفضة التكلفة، ويمكن تصنيع المنتج بكميات كبيرة بالاعتماد على تقنيات التصنيع الموجودة حاليًا، وهذا يضمن توفيره في المتاجر والصيدليات دون زيادة كبيرة في سعره، ويرى أبانوب أن هذا الجانب تحديدًا سيضمن وصول الابتكار إلى شرائح مجتمعية أوسع، خصوصًا في الدول التي تواجه تحديات في التشخيص الطبي أو نقصًا في المتابعة الصحية.
هذا الابتكار يمثل منصة تشخيصية متكاملة، تحتوي على قنوات دقيقة للسوائل ودوائر حيوية متقدمة، تستخلص مؤشرات حيوية مثل الهيموجلوبين، مؤشرات الالتهابات، وهرمونات معينة، بالإضافة إلى المستشعر المعروف CA-125، المرتبط بالكشف المبكر عن سرطان المبايض، تُرسل هذه البيانات عبر وحدة بلوتوث صغيرة إلى تطبيق مخصص على الهاتف المحمول، الذي يعرض النتائج بطريقة واضحة ومفهومة، ويتيح الاتصال المباشر بمقدم الرعاية الصحية المرتبط سحابيًا بالمستخدمة، وفي حالات الطوارئ، يمكن للنظام الاتصال تلقائيًا بخدمة الطوارئ لضمان التدخل السريع وإنقاذ الحالة.
هذا الابتكار، الذي لا يزال في مراحله الأولية، يستعد للدخول في التجارب السريرية خلال ستة أشهر، مدعومًا بشراكات استراتيجية مع جامعة جونز هوبكنز، ومراكز بحثية وطبية رائدة في الولايات المتحدة، مصر، ودبي، ويأمل فريق البحث أن يفتح هذا المشروع آفاقًا جديدة أمام النساء، لتمكينهن من فهم أجسادهن بشكل أعمق، ومواجهة أي مؤشرات خطر صحية في وقت مبكر، قبل أن تتطور إلى أزمات حادة.
هذا المقال لا ينتمي لأي تصنيف.
