متلازمة العالم المكتسب لغز العبقرية المفاجئة كيف تتحول لعبقري رياضيات فجأة

يشهد العالم حالات فريدة من نوعها، حيث يكتسب أفراد فجأة قدرات استثنائية بعد تعرضهم لإصابات دماغية أو حوادث خطيرة، ليتحول الشخص فجأة إلى موسيقي موهوب، أو رسام بارع، أو عالم رياضيات فذ، وتُعرف هذه الظاهرة بـ “متلازمة العالم المكتسب”.

وذكرت صحيفة لوفيغارو أن عدد هذه الحالات النادرة لا يتجاوز بضع عشرات حول العالم، إلا أن قصصهم تثير فضول العلماء، مؤكدة أن علم الأعصاب بدأ في فك رموز هذا اللغز المحير.

حالات نادرة تثير الفضول

استعرضت الصحيفة، في تقرير للدكتورة ناتالي زابيرو مانوكيان، قصة الأميركي جايسون بادجيت، الذي أصبح فجأة عبقريًا في الرياضيات بعد إصابة في الرأس عام 2002، حتى أن كل ما يراه يبدو له مقسمًا إلى عدد لا نهائي من الأشكال الهندسية الصغيرة التي يستطيع رسمها، كما أشارت الصحيفة إلى قصة أميركي آخر، يدعى توني سيكوريا، الذي عاش تجربة مماثلة في عام 1994، إذ أصبح فجأة موهبة موسيقية غير مسبوقة بعد أن صعقه البرق، مما دفعه إلى التأليف الموسيقي واتخاذها مهنة جديدة له.

العامل المشترك بين الحالات

نبهت الصحيفة إلى أن العامل المشترك بين هذه الحالات هو وجود مشكلة أولية في الدماغ، سواء كانت إصابة، أو جلطة دماغية، أو خرف أمامي صدغي، مما أدى إلى ظهور هذه الموهبة، وأوضحت أن هذا ما يُعرف بـ “متلازمة العالم المكتسب”.

الدماغ لا يخلق مهارات جديدة

على الرغم من أن عدد الحالات المعروفة لهذه المتلازمة لا يتجاوز 40 حالة في العالم، إلا أنها ليست غامضة أو خارقة كما تبدو، وفقًا لعلماء الأعصاب، فالمهارات التي تظهر فجأة، هي في الواقع مهارات كامنة كانت موجودة في الدماغ دون أن تظهر إلى الوعي، ويستبعد المختصون تمامًا فكرة اكتساب مهارات غير معروفة مسبقًا، مثل التحدث بلغة أجنبية دون تعلمها، موضحين أن الدماغ لا ينتج مهارة جديدة من العدم، بل يحرر قدرات كانت خاملة.

دور دراسات التوحد في فهم المتلازمة

وقد ساهمت دراسات التوحد في فهم هذه الظاهرة، حيث يمتلك ما بين 10 إلى 30% من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد موهبة استثنائية في مجال محدد، مثل الموسيقى أو الرسم أو الحساب، على الرغم من معاناتهم من صعوبات معرفية في مجالات أخرى، ويرتبط ذلك بنمط غير اعتيادي في توصيل الدوائر العصبية، حيث تكون بعض المناطق مفرطة الاتصال وأخرى ضعيفة الاتصال، مما يسمح ببروز قدرات خارقة في مجالات معينة.

آلية ظهور القدرات الكامنة

يشرح الخبراء أن ضعف الدور المثبط للفص الجبهي قد يحرر دوائر عصبية محلية، فتظهر القدرات المخفية، سواء لدى الأطفال أو بعد إصابة دماغية لدى البالغين، ويسعى الباحثون اليوم، عبر تخطيط دماغي عالي الدقة، إلى رسم خريطة لهذه الشبكات العصبية لفهم آليات هذه المهارات غير العادية لدى الأطفال المصابين بالتوحد، بهدف مساعدتهم على تطوير قدراتهم الأخرى، خصوصًا الاجتماعية، وتحسين جودة حياتهم.