«تعزيز الجودة التعليمية: خطوات لتطوير المدارس الخاصة والدولية»

«تعزيز الجودة التعليمية: خطوات لتطوير المدارس الخاصة والدولية»

تابعت وما زلت أتابع الآثار المترتبة على الجريمة البشعة التي هزت الرأي العام في مصر، خاصة وأن هذه الجريمة وقعت لأول مرة بهذه الصورة في مدارس مصر، من تحرش وإعتداء جنسي منظم بواسطة شبكة من العاملين في مدرسة دولية خاصة في مدينة العبور، وهي مدرسة سيدز الدولية.

لم يكن المجرم فردًا واحدًا كما تعودنا في حالات سابقة، بل كان هناك عدة أفراد من العاملين بالمدرسة، ولم تكن الضحية طفلاً أو طفلة واحدة، بل مجموعة من الأطفال في سن الخامسة إلى السادسة، ولم تُرتكب هذه الجريمة مرة واحدة، بل كانت عبارة عن سلسلة من الاعتداءات التي استمرت لعدة سنوات ضد أطفال حالياً في المرحلة الابتدائية بالمدرسة.

تشير التحقيقات التي تجريها النيابة العامة حاليًا إلى أن الضحايا لم يبلغوا عن هذه الجرائم في وقتها خوفًا على حياتهم جراء التهديدات التي تلقوها من مرتكبي هذه الأفعال، خاصة وأنهم أطفال لا حول لهم ولا قوة، ولم يتم اكتشاف الأمر من قبل المدرسة أو القائمين عليها، بل اكتشفته إحدى أولياء الأمور صدفةً، بعد أن لاحظت تغيرات في تصرفات طفلها، خاصة أثناء تغيير ملابسه الداخلية أو عند دخوله الحمام.

مرحلة الحضانة والكي جي

كشف الطفل لأمه عن قضايا أقرانه من أطفال المدرسة في مرحلة الحضانة والكي جي الذين تعرضوا لهذه الجرائم داخل المدرسة سواء تحت التهديد بالسلاح أو التهديد بخنق بعض الأطفال أو بقتل الضحية أو عائلته إذا تحدثوا عن ما كان يحدث لهم على يد هؤلاء المجرمين.

وكان من الجيد أن أولياء الأمور تواصلوا مع بعضهم، وواجهوا إدارة المدرسة، وأبلغوا الشرطة والنيابة العامة، التي بدأت في التحقيقات المكثفة بعد أن أمرت بحبس ثلاثة متهمين، بما في ذلك فرد الأمن وكهربائي المدرسة وعامل فيها.

على الجانب الإداري، قرر محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم إرسال لجنة تحقيق عاجلة إلى المدرسة، وبعد التأكد من حدوث الواقعة والتستر والإهمال من القائمين عليها، قرر وضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري لوزارة التربية والتعليم.

هذا يعتبر أقصى عقاب إداري يتم اتخاذه ضد المدرسة، لأنه يعني إقصاء القائمين عليها أو المالكين عن أي علاقة بالمدرسة.

كما قرر إحالة جميع المتسترين والمتقاعسين عن مواجهة هذه الأفعال المشينة إلى التحقيق، وتوقيع أقصى العقوبات عليهم، والبحث في باقي المخالفات المرتكبة في المدرسة لتحديد القرار النهائي، حتى لو أدى الأمر إلى إلغاء ترخيص المدرسة وإغلاقها تمامًا.

ولم تتوقف وزارة التربية والتعليم عند هذا الإجراء، بل قررت أن تكون هذه الواقعة سببًا لإصدار مجموعة من القرارات لضبط العمل في جميع المدارس الخاصة والدولية في مصر، وعودة الانضباط إليها، بعد أن كان القائمون عليها يعتقدون أنهم فوق القانون.

لم يكن أي وزير تربية وتعليم سابق يجرؤ على اتخاذ أي إجراءات عقابية حيال أي من هذه المدارس، بحجة أن معظم الملتحقين بها هم أبناء النخب في المجتمع الذين سيقومون بدعم أي مدرسة في مواجهة وزارة التربية والتعليم.

إلا أن الوزارة، في إطار حرصها على أمن وسلامة طلابنا، قررت بعد هذه الواقعة إصدار كتاب دوري يُعمم على جميع المدارس الخاصة والدولية في مصر، والتي تطبق مناهج ذات طبيعة خاصة “دولية”، ويشمل إلزام المدارس بتحديث أنظمة كاميرات المراقبة لديها، والتأكيد على تغطية جميع المساحات داخل نطاق المدرسة وفصولها، بعد أن ثبت أن المدرسة التي حدثت فيها الجريمة لم تكن تغطي غرفة الاعتداء بكاميرات، مما ساهم في عدم اكتشاف ما كان يحدث.

كما قررت الوزارة إلزام كل مدرسة خاصة ودولية بتكليف أكثر من موظف لمتابعة كاميرات المراقبة حتى نهاية اليوم الدراسي، والإبلاغ الفوري لمدير المدرسة عن أي مخالفات قد تهدد أمن وسلامة الطلاب، حتى لا يتوقف الأمر على موظف واحد يمكن التفاهم معه لتعطيل الكاميرات عند الحاجة، كما قررت الوزارة أيضًا إلزام جميع المدارس الخاصة بإجراء تحاليل دورية للكشف عن المخدرات لجميع العاملين في المدرسة (معلم، إداري، مشرف، سائق، خدمات معاونة… إلخ).

وينبغي على أي موظف جديد يلتحق للعمل في المدرسة، تقديم ما يفيد ذلك، حيث لا يُسمح بترخيص المدرسة أو تجديده إلا بعد تقديم المستندات اللازمة، كما يحظر تواجد أي أفراد صيانة داخل المدرسة خلال اليوم الدراسي، ولا يُسمح بتواجد أي فرد قبل الساعة الخامسة مساءً، وفي أيام العطلات الرسمية فقط، كذلك يجب منع وجود أي فرد أمن داخل أسوار المدرسة أثناء اليوم الدراسي وحتى مغادرة آخر طالب.

يجب أيضًا منع حركة أي أتوبيس، سواء كان خاصًا بالمدرسة أو تابعًا لشركة خاصة، إلا بتواجد مشرفة معتمدة من إدارة التعليم، مع إلزام جميع المدارس الخاصة والدولية بتواجد عدد (2) عاملة على كل دورة مياه قبل وصول الطلبة، وتبقى حتى مغادرة آخر طالب بساعة على الأقل.

قدمت الوزارة أيضًا مهلة أسبوعين لاعتماد جميع العاملين بالمدارس من الإدارات التعليمية، مع مرفق صورة من صحيفة الحالة الجنائية لجميع العاملين، واعتماد جميع عقود العاملين الأجانب وتصاريح العمل الخاصة بهم.

كما يجب مراعاة نسب الإشراف، بحيث لا تقل نسبة العاملين عن 1:6، حيث لوحظ أن معظم المدارس الخاصة والدولية لا تهتم إلا بتحصيل مبالغ ضخمة من أولياء الأمور، وتتجاهل توفير ما تحتاجه المدرسة من عاملين ومشرفين يتناسب عددهم مع عدد الطلاب.

كما قررت الوزارة أيضًا أنه لا يجوز لمغادرة مدير أي من هذه المدارس إلا بعد مغادرة آخر طالب، ويحظر تواجد أي طالب في مرحلة رياض الأطفال أو المرحلة الابتدائية دون إشراف دائم من المدرسة، سواء كان ذلك من مدرس الفصل أو مشرفة أثناء التواجد في أتوبيس المدرسة، مع التأكيد على تواجد إشراف دائم في طرقات المدارس والإشراف على تحرك الطلبة.

أكدت الوزارة في كتابها الدوري أيضًا أنه سيتم متابعة جميع هذه المدارس بشكل دوري من قِبل لجان مشكلة، للتحقق من تنفيذ جميع الآليات المذكورة في الكتاب الدوري، ورصد أي مخالفات قد تعرض المدرسة لعقوبات، مثل إخضاعها للإشراف المالي والإداري للوزارة، مع التأكيد على أنه سيتم تطبيق جميع العقوبات المنصوص عليها في القرارات الوزارية رقمي (420 – 422) لسنة 2014 تجاه أي مدرسة تخالف، إذا ثبت إهمال أو تقصير من قبل إدارة المدرسة.