«حصريًا للأسواق العالمية» رويترز تكشف لغز هبوط النفط المفاجئ هذا هو المحرك الخفي للأزمة

«حصريًا للأسواق العالمية» رويترز تكشف لغز هبوط النفط المفاجئ هذا هو المحرك الخفي للأزمة

شهدت أسعار النفط تراجعًا طفيفًا خلال التعاملات الآسيوية المبكرة ليوم الثلاثاء، مما أدى إلى تقليص المكاسب التي حققتها في الجلسة السابقة، وذلك في ظل استمرار المخاوف بشأن زيادة المعروض العالمي وتراجع مستويات الطلب، الأمر الذي غلب على التفاؤل الذي ساد الأسواق إثر الأنباء عن إنهاء الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة.

تذبذب الأسعار الرئيسية

عكست هذه التراجعات حالة من الترقب في الأسواق قبل صدور بيانات جديدة تتعلق بمستويات الإنتاج والمخزونات العالمية، وقد جاءت الأرقام كالتالي:

الخام نسبة التراجع السعر الجديد (دولار للبرميل)
خام برنت الآجل 0.2% 63.93
خام غرب تكساس الوسيط (WTI) 0.2% 60.00

تأثير إنهاء الإغلاق الحكومي الأمريكي

يأتي هذا التراجع في أسعار النفط بعد جلسة سابقة سجلت فيها الأسعار ارتفاعًا نسبيًا، وذلك بدعم من تحسن مؤشرات الأسواق الأمريكية، عقب موافقة مجلس الشيوخ على تسوية أنهت أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، وهو الإغلاق الذي خلف اضطرابًا واسعًا في المرافق والخدمات العامة على مدى أسابيع.

لقد تسبب الإغلاق الحكومي في تعطيل برامج مساعدات غذائية حيوية لملايين المواطنين الأمريكيين، بالإضافة إلى حرمان مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين من مستحقاتهم المالية، كما أدت الأزمة إلى إرباك كبير في حركة الطيران المدني وتأخير رحلات متعددة عبر المطارات الأمريكية.

حذر قطاع الطاقة رغم التفاؤل

على الرغم من أن إنهاء الإغلاق قد بث بعض التفاؤل في الأسواق المالية بشكل عام، إلا أن قطاع الطاقة لا يزال يتعامل بحذر أكبر، وذلك لغياب مؤشرات قوية وواضحة تدل على تحسن ملموس في الطلب العالمي على النفط على المدى القريب، خصوصًا في ظل تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد العالمي.

وفقًا لتقارير صادرة عن وكالة رويترز، لا يزال المستثمرون يساورهم القلق من أن استمرار ارتفاع إنتاج دول منظمة أوبك، بالإضافة إلى بعض المنتجين المستقلين، قد يؤدي إلى إعادة التوازن العالمي نحو حالة من فائض المعروض، مما يضع ضغطًا مستمرًا على الأسعار ويحد من أي فرص لانتعاشها بشكل مستدام.

تحليلات السوق وتوقعات الخبراء

في مذكرة تحليلية حديثة صادرة عن شركة ريتر بوش أند أسوشيتس، أكد المحللون أن التوجهات السوقية الحالية تميل إلى السلبية، ويعزى ذلك إلى زيادة مستويات الإمدادات النفطية، بينما يبقى الطلب عند مستويات منخفضة نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي في الدول الكبرى المستهلكة للطاقة كالصين والولايات المتحدة.

كما أشار المحللون إلى أن تزايد إنتاج النفط في بعض الدول الأعضاء بمنظمة أوبك، بالإضافة إلى الإمدادات القياسية المستمرة من الولايات المتحدة، يبقي الأسواق العالمية في حالة ترقب وقلق بشأن احتمالية تراكم المخزونات النفطية خلال الأشهر القادمة.

أضاف التقرير أيضًا أن الأسواق النفطية تفتقر حاليًا إلى أي محفزات قوية يمكن أن تدعم الأسعار، خاصة في ظل عدم وجود قرارات جديدة من منظمة أوبك أو تحالف أوبك بلس بشأن خفض مستويات الإنتاج، مما يترك الأسعار عرضة لتقلبات الطلب العالمي وتأثيرات حركة الدولار الأمريكي.

توضح المؤشرات الاقتصادية أن تباطؤ النشاط الصناعي في كل من الصين وأوروبا يحد بشكل كبير من استهلاك النفط الخام، وفي المقابل، تؤثر حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسة الأمريكية على استقرار الأسواق العالمية عمومًا.

توقعات قصيرة الأمد

من المتوقع أن تبقى أسعار النفط ضمن نطاق ضيق من التذبذب خلال الأسابيع القادمة، حيث يترقب المستثمرون بفارغ الصبر بيانات المخزون الأمريكي، التي قد تقدم مؤشرات حاسمة حول الاتجاه الفعلي للطلب في أكبر اقتصاد مستهلك للطاقة على مستوى العالم.

ويرى خبراء الطاقة أن الحلول السياسية في الولايات المتحدة قد تساهم في تعزيز ثقة المستثمرين بشكل مؤقت، إلا أن المعادلة الأساسية للعرض والطلب لا تزال تفتقر إلى التوازن، مما يفرض ضغوطًا هيكلية مستمرة على الأسعار.

من المرجح أن يقوم المنتجون بمراجعة سياساتهم الإنتاجية خلال الربع الأول من العام المقبل، خاصة إذا استمرت الأسعار في الهبوط دون مستويات الدعم الحالية التي تُعتبر بالغة الأهمية بالنسبة لعدد من الاقتصادات المعتمدة بشكل أساسي على النفط.

أشار مراقبون أيضًا إلى أن استمرار الأسعار عند مستوياتها الراهنة قد يدفع بعض شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى تقليص حجم إنتاجها، وذلك في مسعى للحفاظ على التوازن المالي وتجنب تكبد خسائر تشغيلية.

مسار التعافي والتفاؤل المستقبلي

يبدو أن عودة التفاؤل الكامل إلى الأسواق النفطية مرهونة بتحقق تحسن واضح وملموس في مؤشرات النمو الاقتصادي العالمي، أو بصدور قرارات تنسيقية جديدة بين كبار المنتجين بهدف الحد من وفرة الإمدادات.

في ظل هذه المعطيات الراهنة، تظل الأسواق النفطية في حالة من الحذر الشديد والترقب، بانتظار ورود بيانات أوضح حول توجهات السياسة النقدية العالمية وأسعار الفائدة، التي تؤثر بشكل مباشر على مستويات الطلب على الطاقة.

تحدث هذه التحركات ضمن مشهد اقتصادي عالمي مضطرب، يتسم بتداخل معقد بين العوامل الجيوسياسية والمالية، مما يجعل عملية التنبؤ بمسار أسعار النفط أكثر تعقيدًا وصعوبة من أي وقت مضى.

وبحسب تقديرات المحللين، فإن تحقيق الاستقرار في الأسواق النفطية سيتطلب مزيجًا من الإجراءات التنسيقية المحكمة بين الدول المنتجة، إلى جانب ظهور مؤشرات قوية وواضحة لتعافي النشاط الاقتصادي في الدول الصناعية الكبرى خلال النصف الأول من العام المقبل.