يرى خالد إسماعيل، نجم المنتخب الوطني ونادي النصر السابق، أن كرة القدم الإماراتية تمر بمرحلة حرجة تستدعي إجراء تصحيحات جذرية وشاملة، وذلك بهدف إعادة تنظيم اللعبة بعد الفشل في التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026.
وفي حديث خاص لـ«الإمارات اليوم»، أعرب خالد إسماعيل، أحد أبرز نجوم الجيل الذهبي الذي تأهل إلى مونديال إيطاليا 1990، عن أسفه لما آلت إليه الأوضاع الكروية في الإمارات، مؤكدًا أن ذلك لا يليق بتاريخ الكرة الإماراتية العريق ولا يتماشى مع تطلعات الجماهير التي لم تدخر جهدًا في دعم المنتخبات والأندية، وأضاف: «الإخفاق في التأهل إلى كأس العالم 2026 لم يكن مجرد صدفة، بل هو نتيجة حتمية لسلسلة طويلة من القرارات الخاطئة والإدارة غير الفعالة».
تجدر الإشارة إلى أن خالد إسماعيل هو صاحب أول هدف للإمارات في تاريخ نهائيات كأس العالم، وذلك في المباراة التي جمعت “الأبيض” مع ألمانيا وانتهت بفوز الأخير بنتيجة (5-1)، وشهدت حضورًا جماهيريًا غفيرًا تجاوز 70 ألف متفرج، وقد شاركت الإمارات في مونديال 1990 في ثلاث مباريات، خسرتها جميعًا أمام كل من كولومبيا (0-2)، وألمانيا (1-5)، ويوغوسلافيا (1-4) (سجل هدف الإمارات علي ثاني).
المال ليس كل شيء
أكد خالد إسماعيل أن الاعتقاد السائد بأن ضخ الأموال يمكن أن يضمن النجاح هو تصور خاطئ تمامًا، وقد أثبتت التجارب فشله الذريع، فالتأهل لكأس العالم لا يعتمد على المال وحده، بل يتطلب تخطيطًا سليمًا، وعملاً جادًا، وإدارة فعالة للموارد البشرية والفنية وفقًا لنهج مدروس.
أثر اللاعبين الأجانب والمقيمين
أضاف إسماعيل قائلاً: «لقد أنفقنا للأسف مليارات الدراهم على مدى السنوات الماضية على استقطاب لاعبين أجانب ومقيمين، ولكن ذلك لم ينعكس إيجابًا على مستوى المنتخبات الوطنية، بل على العكس، فقد تسبب في كثير من الأحيان في تهميش اللاعب المواطن وتقليل فرصته في التطور والبروز، لذا يجب علينا التوقف فورًا عن اتخاذ القرارات العشوائية التي أضرت بكرة القدم الإماراتية، وفي مقدمتها القرارات المتعلقة بالتجنيس واللاعبين المقيمين».
التجنيس المدروس
وأوضح إسماعيل: «أنا لست ضد التجنيس من حيث المبدأ، فهو إجراء معمول به في جميع أنحاء العالم، وقد حقق نجاحات كبيرة في دول متقدمة كرويًا مثل فرنسا، ولكن يجب أن يستند التجنيس إلى أسس واضحة ومعايير فنية دقيقة، تضمن أن اللاعب المجنس هو نتاج حقيقي للبيئة المحلية، وليس مجرد صفقة يتم إبرامها لأغراض مؤقتة أو مصالح شخصية».
الالتفاف على المقيمين ومواليد الدولة
كما أشار إلى أن «اعتماد الأندية على المقيمين ومواليد الدولة قد تم استغلاله بشكل يتعارض مع الغاية الأصلية التي وُضع من أجلها، حيث أصبح الهدف هو خدمة مصالح فردية بدلًا من خدمة مستقبل الكرة الإماراتية».
غياب الكفاءات الوطنية
وشدد إسماعيل على أن المشهد الكروي الحالي يعاني من نقص حاد في الكفاءات الوطنية المؤهلة، وخاصةً غياب نجوم كرة القدم السابقين الذين يمتلكون الخبرة والرؤية الثاقبة، واعتبر أن إبعادهم كان خطأ فادحًا أضر باللعبة في الصميم، وأفقدها القدرة على التطور الطبيعي، لافتًا إلى أن التعيينات الإدارية تشوبها المجاملات، وقد حان الوقت لوضع حد لذلك.
عودة النجوم السابقين
ودعا إلى ضرورة عودة هؤلاء النجوم إلى مواقع القيادة، سواء في الأندية أو في اتحاد الكرة، فهم الأجدر بفهم احتياجات كرة القدم واللاعب الإماراتي، وهم الأقدر على صياغة مشروع وطني يعيد الهيبة للكرة المحلية، والتخطيط من الآن لكأس العالم 2030 كهدف استراتيجي.
إدارات الأندية والإنفاق العشوائي
أكد إسماعيل أن إدارات الأندية لعبت دورًا رئيسيًا في تراجع المستوى الفني للكرة الإماراتية، وذلك من خلال الإنفاق غير المنضبط والتعاقدات العشوائية التي أضرت بالمواهب الوطنية، وقضت على فرصتها في المنافسة، على حد تعبيره.
وأضاف: «العديد من اللاعبين الأجانب والمقيمين الذين تم استقدامهم لم يقدموا الإضافة المرجوة، سواء على مستوى الدوري أو على مستوى المنتخبات».
تدخل الجهات العليا ضروري
وشدد على أن «الوقت قد حان لتدخل الجهات العليا، لمحاسبة تلك الإدارات على كل ما ارتكبته في حق كرة القدم الإماراتية، وإعادة تصحيح مسار اللعبة، ووضع ضوابط صارمة تمنع هدر الأموال، وتعيد منظومة العمل الكروي إلى مسارها الصحيح».
إعادة بناء شاملة
وأوضح أن «المرحلة الحالية لا تحتمل حلولًا سطحية أو تجميلية، بل تتطلب إعادة بناء شاملة، تضع مصلحة الكرة الإماراتية فوق كل اعتبار، فالجماهير وجميع المنتسبين إلى كرة القدم يستحقون مشروعًا وطنيًا حقيقيًا يعيد للعبة حضورها وتألقها على الساحة الآسيوية والدولية».
انتقاد المطالبة بإقالة المدرب
انتقد خالد إسماعيل الدعوات المطالبة برحيل مدرب المنتخب الوطني، الروماني أولاريو كوزمين، معتبرًا أن سياسة تغيير المدربين المستمرة، سواء على مستوى المنتخبات الوطنية أو الأندية، هي بمثابة ذريعة تعلق عليها الإدارات أخطاءها وفشلها في التخطيط.
وأكد أن «تغيير المدربين لن يحل المشكلة في ظل غياب مشروع متكامل، فهذه السياسة تعكس فهمًا قاصرًا لطبيعة التطوير الرياضي الذي يتطلب صبرًا ورؤية ومسارًا طويلاً يتم الإعداد له بصورة علمية وبخطوات مدروسة».
الكرة علم يُدرس
واختتم حديثه قائلاً: «كرة القدم أصبحت علمًا يُدرس في الجامعات والمنظمات الدولية، التي ابتعدنا عنها تمامًا، وللأسف، فإن كرتنا المحلية تدار بـ(الفهلوة) والعلاقات الشخصية، والنتيجة هي هذا الواقع الذي نعيشه حاليًا».
- التأهل لكأس العالم لا يتحقق بالمال فقط، بل بالتخطيط والعمل الجاد.
- اعتماد الأندية على المقيمين ومواليد الدولة تمّ الالتفاف عليه بشكل يُخالف الأصل الذي وُجد من أجله.
