ترقية ائتمانية تاريخية لإيطاليا بعد أكثر من عقدين.. استقرار سياسي واقتصادي يعيد ثقة وكالات التصنيف الدولية
قرار “موديز”: رفع التصنيف إلى (Baa2) مع نظرة مستقرة
أعلنت وكالة “موديز” في بيانٍ صدر يوم الجمعة، عن رفع التصنيف الائتماني لإيطاليا درجة واحدة إلى (Baa2)، مع الإبقاء على النظرة المستقبلية مستقرة، ويُعتبر هذا التصنيف الأدنى بين اقتصادات مجموعة السبع، إلا أن الرفع يعكس تحولًا في رؤية الوكالة تجاه الأوضاع الاقتصادية في إيطاليا، وأوضح البيان أن القرار جاء نتيجة “استمرار الاستقرار السياسي واستقرار السياسات الحكومية، مما يعزز قدرة البلاد على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاستثمارات ضمن الخطة الوطنية للتعافي والمرونة”.
ميلوني تدخل عامها الرابع.. وحصيلة استقرار سياسي تعيد الثقة الدولية
كانت “موديز” آخر وكالة تصنيف تحافظ على نظرة حذرة تجاه إيطاليا، وظلت خلال السنوات الأخيرة أقل تفاؤلاً مقارنة بالوكالات الأخرى، ومع ذلك، اعترفت اليوم بفاعلية الإجراءات المالية التي اتخذتها حكومة ميلوني منذ توليها المنصب، خاصة بعد سنوات شهدت اضطرابات سياسية وحكومات متعاقبة، ويعود آخر خفض حاد للتصنيف الائتماني لإيطاليا إلى عام 2018 خلال حكومة جوزيبي كونتي، حين هبط التصنيف إلى مستوى (Baa3)، وهو الحد الأدنى للدرجة الاستثمارية، وفي 2022، كانت إيطاليا على وشك الانزلاق إلى فئة الخطر، قبل أن تغير ميلوني الاتجاه تدريجيًا منذ نهاية 2023.
تحسن المؤشرات المالية.. تقدم في السيطرة على الدين والعجز
أشارت “موديز” في تقييمها الجديد إلى أن الحكومة الحالية قد حققت تقدمًا ملحوظًا في استقرار الدين العام، الذي يعد ثاني أكبر دين في منطقة اليورو، كما تعمل روما على خفض عجز الموازنة إلى مستوى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الحد الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي، مما يمهد لخروج البلاد من آلية الرقابة المالية الأوروبية، وتُتوقع الوكالة أن يبدأ الدين العام في التراجع تدريجيًا بدءًا من عام 2027، مع استمرار اعتماد سياسات مالية أكثر انضباطًا.
وكالات أخرى سبقت “موديز”.. وإجماع دولي على تحسن الصورة الائتمانية
تأتي خطوة “موديز” بعد أن اتجهت وكالات أخرى خلال العام الجاري لتحسين تقييماتها لإيطاليا، فقد رفعت “إس آند بي غلوبال” التصنيف في أبريل، كما جاءت خطوة مماثلة من “فيتش” في سبتمبر، وأيضًا الوكالات الأصغر مثل “مورنينغستار DBRS” و”سكوب ريتنغز”، فقد منحت تقييمات إيجابية تُعتبر الأفضل منذ سبعة أعوام، مما يشير إلى تغيير واضح في نظرة المؤسسات الدولية تجاه الاقتصاد الإيطالي.
ردود الفعل الحكومية: خطوة تعزز الثقة في الاقتصاد الإيطالي
علق وزير المالية، جيانكارلو جيورجيتي، على قرار “موديز”، مؤكدًا أنه يمثل “دليلاً واضحًا على نجاح جهود الإصلاح المالي التي تنتهجها الحكومة”، مشددًا على أن الترقية تعكس تجدد الثقة الدولية في إيطاليا.
انعكاسات في الأسواق.. وتراجع مخاطر السندات
تحسن رؤية المستثمرين لإيطاليا انعكس بسرعة على أسواق السندات، فقد انخفض الفارق بين عوائد السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات ونظيرتها الألمانية إلى أقل من 80 نقطة أساس، وهو مستوى يقل بأكثر من الثلث مقارنة بالفترة التي وصلت فيها ميلوني إلى السلطة منذ ثلاثة أعوام.
تحديات مقبلة: دين مرتفع ونمو ضعيف وضغوط سياسية
رغم الترقية، لا تزال التحديات قائمة، فالدين العام يتجاوز 130% من الناتج المحلي، بينما تشير تقديرات الحكومة إلى نمو اقتصادي لا يتجاوز 0.5% خلال العام الجاري، وهذه العوامل ستفرض ضغوطًا متزايدة على ميلوني ووزير ماليتها لتحقيق توازن بين ضبط المالية العامة وتقديم حوافز ضريبية للناخبين قبل انتخابات 2027.
