محاميات ينتقدن صيغة القانون الجنائي.. تجريم الإجهاض و"ذكورية القوانين"

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بنفس جماعي واضح انتقدت فاعلات حقوقيات ومحاميات ينتمين إلى جمعيات متعددة تؤثث الحقل الحقوقي النسائي الوطني الصيغة الحالية للقانون الجنائي، الذي رأين فيه “قانونا متجاوزا ويعبر عن مغرب ما بعد الاستقلال، وتتعارض نصوصه مع ما وصل إليه المجتمع المغربي الذي بات سائرا في طريق الحداثة”، مؤكدات بذلك أن “المغرب يحتاج إلى قانون جنائي يليق به”.

وشددت المتدخلات، اللواتي شاركن ضمن الندوة التي عقدتها “منظمة النساء الاتحاديات” بمقر نادي المحامين بالرباط، اليوم الأربعاء، على ضرورة “تغيير القانون الجنائي الحالي بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني، ويساهم في حماية النساء من التمييز والعنف والرقي بحقوقهن الأساسية”، داعيات إلى “إلغاء تجريم الإجهاض وفتح الباب أمام الحريات الفردية”.

“قانون ذو صبغة ذكورية”

فتيحة أشتاتو، فاعلة نسوية محامية، قالت إن “القانون الجنائي مازال يحمل بين طياته صبغة ذكورية وتطغى عليه المقاربة الأمنية على حساب الحريات الفردية، إذ إن المرأة مازالت لا يمكنها التحكم في حملها، على اعتبار أن هنالك تجريما للإجهاض إلى حدود اليوم، رغم كوننا نرى أننا نحتكم إلى دستور حداثي”.

وأضافت أشتاتو في كلمتها خلال الندوة: “للأسف مازالت الخيانة الزوجية لا تتحرك إلا بالشكاية التي تسقط عند التنازل بالنسبة للرجال، في حين أنها لا تسقط بالنسبة للنساء اللواتي يحاكمن بالفساد، وهو حيف واضح”، لافتة إلى أن “الفصلين 490 و491 يتعارضان في ما بينهما، بينما لم تتم بعد مراجعة النص الخاص بالإجهاض لتمكين النساء منه بشكل آمن، عوضا عن الأساليب غير الصحية التي تشكل خطرا على صحتهن”.

وبيّنت المتحدثة ذاتها أن “الإحصائيات تشير إلى ارتفاع نسب الإجهاض غير الآمن”، داعية إلى “ضرورة حذف الفصول من 489 إلى 493 من القانون الجنائي، وهي قوانين تتعارض مع المواثيق الدولية وما تقتضيه حماية الحرية الفردية للأشخاص، مع ضرورة تجريم الاعتداء الجنسي داخل المؤسسة الزوجية”.

“قانون متجاوز”

عائشة ألحيان، محامية رئيسة “اتحاد العمل النسائي”، قالت إنه “حان الوقت من أجل المرور نحو إصدار قانون جنائي جديد يوازي التغيرات الحديثة التي طرأت على المجتمع، حيث راكم المغرب تجربة كبيرة تمكنه من إصدار قانون جنائي جديد يليق بالبلد الحالي، عوضا عن القانون الجنائي المعمول به الذي عمر طويلا، وأعياه الترقيع، إذ نشتغل به منذ سنة 1962”.

وأضافت ألحيان، في كلمتها خلال الندوة، أن “تشعّب القانون الجنائي مع القوانين الأخرى، بما فيها التنظيم القضائي والقانون الأسري، يؤكد ضرورة إحالته على التجديد، وذلك من خلال إحداث تغييرات مهمة في المفاهيم وطبيعة الجرائم والجنح التي ينص عليها، حتى نكون أمام قوانين سهلة وواضحة وحامية للحقوق النسائية وقاطعة مع التمييز الذي تتعرض له النساء ضمن النصوص القانونية”.

وبيّنت المحامية بهيئة الرباط أنه “في عدد من المرات تكون السياسات العمومية متقدمة على القانون الجنائي في ما يخص الحقوق الخاصة بالنساء، في وقت تبقى المقاربة الأخلاقية مرفوضة في هذا الصدد الذي يتم فيه تقديم الآداب العامة على حقوق النساء الاقتصادية والاجتماعية”، متابعة: “نريد مساواة حقيقية في نصوص القانون الجنائي وضمانا للحق في الكرامة والسلامة البدنية والنفسية واستقلال الأجساد لفائدة النساء”.

وأبرزت المحامية المذكورة: “التمييز ضد النساء واقع، في وقت يجب أن يتم إلغاء كل المفاهيم المنافية لروح العصر ضمن القانون الجنائي وتقليص السلطة التقديرية للقضاة والتنسيق بين السياسة الجنائية والسياسات العمومية؛ فنحن كحقوقيات سبق أن قدمنا مذكرات علمية وقانونية كان بإمكانها أن تعفينا من نقاش مجاني حول الإجهاض وأمور أخرى”.

“حماية الحريات الفردية”

مريم جمال الإدريسي، محامية بهيئة الدار البيضاء، زكت بدورها مختلف النقاط التي أثارتها زميلاتها المتدخلات ضمن الندوة، غير أنها ركزت بالأساس على صعوبات الولوج النسوي إلى العدالة من أجل تقديم شكايات إلى النيابة العامة بخصوص حالات العنف، وأكدت أن “النساء يتعرضن للمضايقات عند تعبيرهن عن رغبتهن في اللوج إلى القضاء، وهو ما يسائل المشرع في حمايتهن وضمان حقوقهن في التواجد ضمن جميع مراحل المحاكمة”.

ولفتت المتحدثة التي كانت تتحدث بتشدد إلى أن “الوقت حان كذلك من أجل الحديث عن الاغتصاب الزوجي الذي بات مسلطا على عدد من النساء اللواتي صرن يجبرن على معاشرة أزواجهن رغم عدم رضاهن”، موضحة أن “هنالك عددا من الجهات المنفذة للقانون التي مازالت لديها أفكار نمطية مثل التي تسيطر على العقل المجتمعي إلى اليوم”.

المحامية المذكورة عادت لتتحدث عن الحريات الفردية وضرورة ضمانها بالقول: “من المؤسف أن يتم اعتبار العلاقة بين راشدين حدثا بإمكانه أن يحدث اضطرابا اجتماعيا، بل الواضح هنا أن هذا النص الذي يتضمنه القانون الجنائي هو الذي يتعارض مع روحه وفلسفته الأصلية، في وقت تتزايد عدد من الأطياف في هذا الصدد لضمان استمرارية الاضطهاد المجتمعي”، خاتمة: “لا شأن للمشرع في الرغبات الجنسية للأفراد، سواء كانت في الإطار الشرعي أم خارجه”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق