السلطات المحلية تحاصر محتلي الملك العمومي وسط مطالب بتطبيق القانون

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشُنُّ السلطات المحلية بعدد من المدن حملات مكثفة لتحرير الملك العمومي على مستوى الأزقة والشوارع من الباعة وأصحاب المقاهي وغيرهم، مضطرة إلى استعمال القوة عبر الجرافات لهدم كل ما بُني على الملك الذي تحوزه الدولة بشكل حصري.

ولم تكن هذه الحملات التي باشرتها السلطات بمدن كلميم ومراكش وآسفي وسطات لتخلو من رفض من قبل معنيين للامتثال للقرارات التي جرى اتخاذها في حقهم، بمن فيهم تجار وحرفيون وأصحاب مقاهٍ، في وقت ظلت الإشادة ترافق هذه الحملات نظير “تمكينها المواطنين من ملك عمومي كان في ما مضى مُحتلاً”.

وعلى النقيض من ذلك لم تكن هذه الحملات لتُرضي بعضا من النشطاء، إذ اعتبروا أن موضوع تحرير الملك العمومي “يحتاج إلى عمل متواصل ومُتصف بالدوام”، عوضا عن “حملات لحظية وفجائية لا يستمر مفعولها كثيرا قبل أن يعود الملك العمومي إلى حضن الملكية الخاصة مجددا”، مثيرين بذلك تساؤلات عن “أصل المشكل وكيف أن السلطات المحلية تقوم بهدم بنايات تظل شاهدة على بنائها أو أن منتمين إليها ساهموا في ذلك خلافا للقانون”.

في تعليقه على الموضوع قال عبد العزيز خليل، خبير قانوني، إنه “من المعلوم في الأدبيات القانونية أن الملك العمومي لا يمكن أن يكون محل تفويت أو استغلال دائم إلا بموجب سند قانوني يستوفي الضوابط القانونية المتعلقة بكراء واستغلال الملك العمومي، غير أنه يتم إيجاد مبررات واقعية واقتصادية تزيد من حدة ظاهرة احتلال الملك العمومي، كالبطالة والفقر، رغم تناقضها الصارخ مع القانون”.

وأضاف خليل، في تصريح لهسبريس، أنه “في كثير من الأحيان يحضر الطمع في استغلال الملك العمومي من قبل أصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، إلى درجة تسييج هذا الملك، في إشارة واضحة إلى تملكه بدون سند قانوني أو وجه حق”، مشيرا إلى أن “تدخل السلطة المحلية من الزاوية القانونية واضح لكونها تحوز الاختصاص في إرجاع هذا الحيز العمومي إلى حالته القانونية بإزالة ما أُقيم أو شُيد فوقه”.

وبيّن المتحدث ذاته أن “تدخّل السلطة لتحرير الملك العمومي يتم عبر مساطر قانونية ملزمة، بما فيها إنذار المحتل ومنحه أجلا، ثم الانتقال إلى التدخل بالقوة لإزالة الاحتلال الواقع على الملك العمومي”، مبرزا أن “الدفع بأن السلطات لم تتدخل لمنع هذا الاحتلال منذ الوهلة الأولى يبقى عديم الأساس القانوني، كون الاعتداد يكون من تاريخ علمها بهذا الاحتلال ومباشرتها مسطرة تحرير الملك العمومي”.

الخبير القانوني ذاته عاد ليؤكد ضرورة “إعداد مقاربة شاملة وذات بعد جهوي ومحلي تراعي الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية لكل منطقة، من أجل تطبيق القانون بشكل سليم، بل تطبيق روح القانون وتجاوز نصيته الجامدة، بالنظر إلى كون هذه الظاهرة تظل نتاجا لعوامل هيكلية”.

من جهته قال عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش، إنه “من الطبيعي أن تكون هنالك مقاومة لتطبيق القانون من قبل الفئات التي تَهُمها قرارات تحرير الملك العمومي؛ فالأمر يتعلق أساسا برغبة في تثبيت الأمور على حالها من قِبلهم رغم كونهم يخالفون القانون في هذا الصدد”.

العلام، الذي تحدث لهسبريس، أوضح أن “الدولة مدعوة إلى تطبيق القانون بشمولية وليس فقط الاقتصار على الحالات التي تهم الأزقة الضيقة والشوارع، لأن هنالك شواطئ عمومية محتلة وبنايات خاصة مبنية على أملاك عمومية”، لافتا إلى أن “تطبيق القانون بصرامة وبعمومية سيدفع بما لا شك فيه إلى احترامه والانصياع لنصوصه”.

وعاد المتحدث ليسجل أن “تحرير الملك العمومي يجب أن يكون شاملا ويطال مختلف الفئات، بما يشمل النافذين إن ثبت كونهم مساهمين في احتلال الملك العقاري الذي يخص الدولة؛ فالأمر هنا أشبه بعملية تسلسلية ومتراكبة لا تقبل استثناء أيّ كان إن كانت هنالك رغبة في تحقيق النجاعة”.

وجوابا عن سؤال حول هدم منشآت تظل السلطة شاهدة على بنائها أورد الأستاذ الجامعي ذاته أن “المواطن يظل مطالبا بتحمل كامل مسؤولياته في ما وقع، خصوصا إن كان قدم رشوة أو طلب تسهيلات من أي طرف من السلطة في هذا الصدد، سواء كان هذا الطرف الممثل للسلطة مازال يحتفظ بمكانه أو جرى تنقيله”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق