القوات الجوية النيجيرية تراهن على نجاعة التداريب العسكرية المغربية

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أجرى حسن بالا أبو بكر، قائد أركان القوات الجوية النيجيرية، نهاية الأسبوع الماضي بالعاصمة أبوجا، محادثات مع الملحق العسكري للسفارة المغربية في بلاده، العقيد محمد أبونصر. وعبر المسؤول العسكري النيجيري، في منشور على حسابه الرسمي بمنصة “إكس”، عن رغبته نيجيريا في تعزيز العلاقات مع المغرب في إطار المصالح المشتركة، مؤكدا استمرار القوات الجوية النيجيرية في الاستفادة من تجربة نظيرتها المغربية في تدريب الطيارين وصيانة الطائرات.

ويبدو أن العلاقات الثنائية بين المغرب ونيجيريا آخذة في التطور على جميع المستويات، خاصة المستوى الاقتصادي الذي تترجمه رغبة البلدين وعزمهما المشترك على إخراج مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري إلى الوجود، حيث نجحت الدبلوماسية المغربية في تحييد أبوجا من “منطقة الظل الانفصالية” في إفريقيا التي كانت محسوبة ضمنها حتى وقت قريب، لتؤسس الدولتان على إثر ذلك لنموذج جديد للتعاون السياسي والاقتصادي والعسكري ما بين الدول الإفريقية بما يخدم تحقيق التنمية وجلب الاستقرار للقارة السمراء.

نموذج مغربي

في هذا الإطار، قال محمد شقير، باحث في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، إن “القوات المسلحة الملكية، خاصة القوات الجوية، راكمت في إطار العلاقات والشراكة العسكرية بين الرباط وواشنطن تجربة فريدة ومتميزة في تدبير مجال الطيران العسكري وتحديث أسرابه الجوية، حيث اقتنى المغرب مجموعة من الطائرات والمقاتلات الحديثة الأكثر كفاءة في العالم من شريكه الأمريكي وباقي الشركاء، على غرار مقاتلات إف-16، سواء النسخة التقليدية منها أو النسخة المعدلة”.

وأضاف شقير، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الشراكة الاستراتيجية مكنت الطيارين المغاربة من تلقي تدريبات بشكل منتظم ودوري على أحدث التكنولوجيات المرتبطة بالطيران الحربي من أجل مواكبة مختلف المستجدات التكنولوجية والتكتيتكية التي يعرفها هذا المجال، وهو ما مكن ضباط القوات الملكية الجوية من رفع مهنيتهم وكفاءتهم في هذا الصدد”، موضحا أن ” التميز المغربي على هذا المستوى هو ما يفسر اهتمام نيجيريا للاستفادة من تجربة المغرب ليس فقط على مستوى التدريب وإنما أيضا على مستوى تصنيع الطائرات الذي قطعت فيه المملكة أشواطا كبيرا، خاصة الطيران المدني”.

في السياق ذاته، أشار المتحدث إلى أن “الجهود التي قام به المغرب من أجل تحديث أسطوله الجوي لمواكبة مختلف التحديات وكذا التطورات التي يشهدها هذا القطاع، أضف إلى ذلك كفاءة الطيارين المغاربة، عوامل شكلت مصدر إلهام بالنسبة لنيجيريا التي تسعى هي الأخرى لتحديث ترسانتها العسكرية وتعزيز كفاءة ضباطها وطياريها”.

وخلص شقير إلى أن “تعويل نيجيريا باعتبارها قوة إقليمية واقتصادية في منطقة غرب إفريقيا على المغرب في موضوع تدريب الطيارين، يؤكد المكانة المتميزة والسمعة الجيدة التي تتمتع بها المؤسسة العسكرية المغربية في محيطها الإقليمي والقاري، بفضل حرصها المستمر على مواكبة آخر الصيحات العالمية، سواء فيما يتعلق بالتسلح أو بالتدريب”، مستحضرا في هذا الصدد “الأمر اليومي” للملك محمد السادس، القائد الأعلى رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، بمناسبة الذكرى الـ68 لتأسيس القوات المسلحة الملكية، الذي أمر فيه بإجراء تقييم شامل لمناهج التكوين والتدريب العسكريين بما يتلاءم والتحولات الجديدة.

منطلقات مغربية

في الشق السياسي والاقتصادي، قال سعيد بركنان، محلل سياسي، إن “العلاقات المغربية-النيجيرية حققت مؤشرات تطور متنامية بشكل هادئ في السنوات الأخيرة، إذ كان المنطلق الأول فيها هو مقترح المغرب للربط الاقتصادي وتحقيق التنمية في دول غرب إفريقيا عبر أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب في اتجاه أوروبا”، موضحا أن “الهدف من هذا المشروع هو تعزيز التعاون بين البلدين، وخلق أسواق جديدة للغاز النيجيري عبر المملكة بالشكل الذي يحقق مستويات من التنمية تُمكن دول غرب إفريقيا من تجاوز مشاكلها الاقتصادية”.

أما المنطلق الثاني الذي يحكم التقارب بين الرباط وأبوجا، يضيف المصرح لهسبريس، فيتثمل في “تحقيق ثورة زراعية تعتمد فيها نيجيريا على الخبرة المغربية، خاصة على مستوى صناعة الأسمدة، حيث قدم المغرب لنيجيريا تراكمات تجربته في هذا المجال بفتح المكتب الشريف للفوسفاط لواحد من أكبر مركباته خارج المغرب في هذا البلد منذ سنتين”.

بناء على ذلك، أشار المحلل السياسي ذاته، إلى أنه “من الطبيعي أن يفتح هذا التطور المتنامي والهادئ لهذه العلاقات مجالات أخرى للتعاون بين البلدين، بما فيها المجال العسكري”، مسجلا في هذا الصدد أن “نيجيريا تعتبر من دول الواجهة الأطلسية المطلة على المحيط الأطلسي، وبالتالي فهي معنية بمبادرة الحلف الأطلسي الإفريقي التي أطلقها المغرب، والتي تروم إنشاء حلف جنوب-جنوب بمنطق اقتصادي رابح-رابح بعيدا عن سياسة الاستنزاف التي عانت منها القارة الإفريقية طوال عقود من الزمن”.

وخلص بركنان إلى أن “رغبة نيجيريا في الاستفادة من التجربة العسكرية المغربية والصناعة المرتبطة بالمجال العسكري، تأتي نتيجة لتطور العلاقات المغربية النيجيرية تبعا للأهداف والخطة التي رسمت خلال الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى أبوجا سنة 2016، والتي حددت مجالات التعاون الاقتصادي والفلاحي والعسكري لتقوية العلاقات الثنائية، من أجل محاصرة المجالات الجغرافية الإفريقية التي كانت تنشط فيها دعاية البوليساريو التي تستهدف الوحدة الترابية للمغرب”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق