يسعى العراق بين الحين والآخر إلى إعلان إجراءات تلاحق عمليات تهريب النفط ومشتقاته خارج البلاد، لكن يبدو أن الحملة الأخيرة -المخطط لها بالتعاون مع هيئات إيرانية معنية- ستلقي بظلال سلبية على سوق القار.
وخلال الأشهر الأخيرة زادت وتيرة تهريب الخام ومشتقاته من بغداد إلى إيران وتركيا ودول أخرى، عبر حدود إقليم كردستان ومنافذه؛ ما أثّر سلبًا في مدى الالتزام بالحصة الإنتاجية المقررة ضمن تحالف أوبك+.
وبحسب تفاصيل إجراءات ملاحقة التهريب الصادرة مؤخرًا، التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، اشترطت وزارة الخارجية تمتُّع الصادرات بترخيص من شركة تسويق النفط في البلاد "سومو" حتى تتمكن من تجاوز المناطق الحدودية.
ورغم أن الإجراءات الحاسمة تصبّ في صالح ضبط ميزان الإنتاج والتصدير، فإن سوق القار (البيتومين) باتت محل تهديد جراء الخطوات الجديدة، خاصة مع افتقار غالبية المنتجين إلى ترخيص سومو.
دور إيراني
تشمل خطة العراق للسيطرة على عمليات تهريب النفط ومشتقاته دورًا إيرانيًا مهمًا، إذ طالبت وزارة خارجية حكومة بغداد السلطات المعنية لدى طهران بمنع عبور شحنات النفط والنفط الأسود والمنتجات المكررة.
ووفق موسوعة المفاهيم لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، لا يعدّ مصطلح "النفط الأسود" إشارة إلى نوعية خام بعينه أو للتميز نوع محدد، لكنه انتشر بعدما أُبرِمت صفقات مقايضة ومبادلة بين بغداد وطهران، وبغداد ولبنان.
ومع فصل البيانات الرسمية صادرات الخام عن صادرات النفط الأسود، تبيَّن أن المقصود به الإشارة إلى زيت الوقود عالي الكبريت المفضل لمحطات الكهرباء في بعض الدول، بصفته أحد المشتقات النفطية.
وبالعودة للإجراءات، دعت وزارة الشؤون الخارجية إيران إلى رفض دخول الشحنات السابق ذكرها (بعد تهريبها من إقليم كردستان إلى المناطق الحدودية) دون الحصول على ترخيص "سومو".
موقف إقليم كردستان
تمتد هذه القيود إلى المنتجين في إقليم كردستان أيضًا، إذ لن تقتصر على منتجي بغداد.
ويمكن تفسير ذلك بأن عمليات التهريب والإخلال بحصص أوبك+ كانت تجري رغم تعهد منتجي الإقليم ومشغّلي الشركات الأجنبية بنقل النفط الخام المنتج إلى المصافي المحلية، منذ إغلاق خط التصدير إلى تركيا.
وفي ظل إلزام الإقليم بالقيود والإجراءات ذاتها، يمكن تحجيم تهريب شحنات النفط المنقولة برًا بالشاحنات إلى المنافذ الحدودية، ومنها إلى إيران وتركيا وسوريا.
وكان منتجو الإقليم قد تعهدوا بتقليص الإنتاج؛ بهدف دعم التزام العراق بحصّته المقررة ضمن تحالف أوبك+، بعدما تجاوز إنتاج الدولة الخليجية الحصة المحددة لأشهر عدّة سابقة.
ومن المقرر أن تظل الأطراف كافة ملتزمة بقيود منع التهريب إلى حين الإخطار بقواعد جديدة، وفق ما نقلته منصة أرغوس ميديا (Argus Media) المعنية بشؤون الطاقة.
ورغم المساعي الرسمية لتقييد حركة التهريب التي أضرّت بالحصص الإنتاجية للبلاد، فإن ناشطين في السوق شكّكوا في جدوى هذه الخطوات.
مصير سوق القار
رغم الإيجابيات المتوقعة من قيود تحجيم التهريب، فإن هناك تقلّبات عنيفة قد تشهدها سوق القار في البلاد جراء هذه الإجراءات.
ووفق معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، توقَّف تهريب شحنات القار والمشتقات النفطية عبر المنطقة الحدودية التي تربط بين مدينة حاج عمران الواقعة في إقليم كردستان ومدينة بيرانشهر الإيرانية، التزامًا بالتوجيه الرسمي الصادر مؤخرًا.
ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم صادرات النفط من بغداد يوميًا خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي:
ومقابل ذلك، يستمر تهريب القار من النقطة التي تربط معبر باشماخ في الإقليم بمعبر برفيز خان على حدود طهران.
وفي حالة التزام النقطة الحدودية الثانية بالتوجيه الرسمي بمنع الصادرات المهربة، فإن صادرات بغداد من القار ستواجه خطرًا لعدم حصول المنتجين على ترخيص شركة "سومو".
الإمدادات والأسعار
تشهد سوق القار في العراق إمدادات منخفضة في الآونة الحالية؛ نظرًا لمحدودية المواد الخام المستعملة في إنتاجه من مخلّفات التقطير الفراغي للخام.
ويواجه المنتجون صعوبات في نقل إمدادات القار والمواد الخام المستعملة بإنتاجه من المصافي إلى وحدات الإنتاج المخصصة، بعد بناء حاجز بين أربيل ومدينة السليمانية الشهر الماضي.
ودعمَ مصنّعون خفضَ رسوم نقل مخلّفات التقطير الفراغي اللازمة لإنتاج القار من 35 دولارًا/طن إلى 10 دولارات قبيل بناء الحاجز، غير أن هذه الخطوة لم تكن كافية لخفض تكلفة إنتاجه.
وتوقّع منتجون تجاوُز سعر القار 340 دولارًا/طن خلال الآونة المقبلة، ارتفاعًا ممّا يتراوح بين 322 و325 دولارًا/طن سُجلت الأسبوع الماضي.
ولم يؤثّر ذلك في السوق المحلية فقط، بل انعكس على صادرات القار العراقي إلى الهند، إذ سجلت انخفاضًا جرّاء ذلك.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تفاصيل قيود تهريب النفط بالتعاون مع إيران، والتداعيات على سوق القار من منصة أرغوس ميديا.
0 تعليق