معرض الكتاب يكرّم بلعربي.. نضال نسائي مسنود بالمعرفة العلمية والبوح الأدبي

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كرّم المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، في دورته التاسعة والعشرين، عائشة بلعربي، عالمة الاجتماع والدبلوماسية والناشطة النسائية المغربية، بشهادات ودرع تكريمي سلمته لها لطيفة مفتقر، مندوبة الموعد الثقافي السنوي.

وفي ختام تكريم اليوم الاثنين، قالت بلعربي إن هذا التكريم ليس مقتصرا عليها؛ بل يشمل “مجموعة من الإخوان والأخوات الذين اشتغلت معهم طيلة حياتي، وركبت معهم في بحر هائج حينا وهادئ حينا، للوصول إلى ميناء، وصلناه وحققنا كثيرا من الأشياء؛ لكن العمل لا يزال ينبغي أن نتابعه، فهناك مشاكل عديدة لمواجهتها، والجيل الجديد في حاجة إلى الاستمرار في العمل ومواجهة التحديات بطرق ووسائل أخرى”.

وفي شهادة على مسار عائشة بلعربي، قالت الأكاديمية رحمة بورقية إن المكرمة “ممن بصمن المشهد الثقافي المغربي بمسارهن؛ مسار متميز كامرأة فاعلة في الحياة العامة والجامعية والحقل الثقافي، ولها مساهمات متميزة في الحركة النسائية، من موقع الباحثة الملتزمة بقضايا النساء”.

وأضافت: “أتذكر في سياق انتعش فيه العمل النسوي نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات في مرحلة بناءة، كانت تلك النسوة رائدات في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، وكثفت الحركة النسائية جهودها للدفاع عن حقوق المرأة والترافع لتعديل مدونة الأحوال الشخصية الصادرة سنة 1956. وبالموازاة، ساهمت نساء باحثات ورجال باحثون بالكتابة والمعرفة من مختلف التخصصات حول أوضاع النساء، في وقت لم يكن فيه تراكم كبير في المعارف حول واقع النساء”.

وزادت: “كانت بلعربي من النساء اللواتي ساهمن في الحركة المعرفية لتحرير النساء والحقل المعرفي، والإسهام بالتنوير، وكشف ما يخفيه الخطاب المتداول حول النساء، بفعالية كبيرة”، وهي وعالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي “لعبتا دورا محوريا بالإشراف على سلسلة ‘مقاربات’ كفضاء للكتابة، ونشرتا أعدادا عن قضايا متعلقة بالنساء باللغتين العربية والفرنسية، وساهمتا في الارتقاء بالكتابة النسائية، وهي حقبة وعمل ساهما إلى حد ما في تعديل مدونة الأسرة 2004، ولولا هذا الرصيد العلمي لم يكن التعديل ليكون”.

وواصلت بورقية: “لقد كرست عائشة بلعربي كل أبحاثها الخاصة حول قضايا تتعلق بالنساء وأوضاعهن في المجتمع، ويكفي أن نعرض بعض العناوين لندرك أهمية مساهمتها؛ حول حقوق الإنسان في المقررات، والطفلات في العالم القروي، وراتب المرأة، والأزواج”. كما اهتمت “بعلوم التربية، حيث ساهمت في التعليم لسنوات بكلية علوم التربية”، واستحضرت كتابات لها من بينها “كتابها التاريخ الاجتماعي لتعليم الفتيات في مرحلة ما قبل الاستعمار، الذي تبين فيه إقصاء الفتيات من التعليم القرآني والديني في وقت هيمنت فيه الهيمنة الذكورية طيلة وقت طويل من تاريخ بلدنا ومجتمعاتنا الإسلامية، نظرا لعوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية للإقصاء من كل تعليم، بما في ذلك التعليم الديني الذي هو فريضة على كل مسلم ومسلمة”.

وسلطت رحمة بورقية الضوء على جانب آخر من عطاء بلعربي هو “الكتابات الشعرية والقصة القصيرة، التي لا تخلو من الحديث عن العلاقات بين الرجال والنساء والعقليات والأحكام المتحكمة في العلاقات الاجتماعية، بل حتى عندما تكتب الأشعار فهي مناضلة من أجل تحرير المرأة من العوائق التي تتربص بها”، ثم قالت: “هي امرأة سياسية بالمعنى النبيل للسياسة، ومناضلة بالمعنى النبيل للنضال؛ مما جعلها سفيرة المغرب في الاتحاد الأوروبي في عهد عبد الرحمان اليوسفي، في مسؤولية سياسية وتجربة أضافتها إلى رصيدها المعرفي”، مع استمرار كتابتها “بحس نضالي وانتقاد للسلطة الذكورية، وتبن للنضال عبر الكتابة بحس (…) نقد السلطة أينما كانت وخاصة في العلاقة بين النساء والرجال”.

من جهتها، تحدثت الأكاديمية نزهة جسوس عن كتابة بلعربي سيرتها التي تعكس دور تعليم الفتيات ونتيجته في ما ستصيرُه المرأة وموقعها في المجتمع، انطلاقا من “الشمس تشرق ليلا”؛ فكان “الولوج إلى القراءة والمدرسة من الفتوحات الأساسية للطفل، في جيل بلعربي، وبابَ الانفتاح على الحياة الذي سيمكنها من تفكيك ما عاشته، بعقلانية مكتسبة”، كما استبدل الكتاب “الثرثرات والأفكار المكررة”، وأخرجها التمدرس من “كليشيهات طبع به مسار فتيات جيلنا”.

هذا ما قاد بلعربي إلى قول: “أنا مختلفة، لست مثل الباقين، أريد أن أعيش في عالم جديد”؛ مما يعني، وفق جسوس، أن الدراسة وقراءة الكتب ربت إحساسها بالتفرد، وبناءها رؤية للعالم والوعي بالحقوق وبناء الرأي، ثم الفعل في المجتمع مواطنة ومناضلة، وناقلة للمعرفة إلى طلبتها، وعبر وسائل الإعلام، ثم تركت عبر الكتابة أثرا، وقدمت رؤية نسائية لتاريخنا، ومجتمعنا، وتراثنا، ومن العادي أن بعد كل هذا المسار جاء الالتزام السياسي، “في زمن صعب جدا، والأجيال الجديدة لها حريات لم تكن لنا، وعبر الكتابة نوضح إلى أي حد كان زمنا صعبا، وأن أي مكتسب ليس نهائيا، وينبغي أن نبقى متيقظين”.

الأكاديمي والروائي مبارك ربيع ذكر، بدوره، أن عائشة بلعربي “أستاذة باحثة جامعية، ودبلوماسية ناجحة، ومناضلة طيلة حياتها، وفنانة أديبة شاعرة قاصة روائية، وتشكيلية تعبر باللون واللوحة، ومدافعة عن بلدها وصورة بلدها وعن المرأة”.

ثم أردف قائلا: “لقد نشأت في بيئة مناضلة وطنية سياسية منتمية إلى الصف الوطني. ولذلك، تشربت المعجم السياسي الثقافي الوطني، وتشربت ما يمكن أن يميز جيلها ومن سبقنا، الذي عاش وهو يجد نفسه لا مجرد أمام عوائق التعبير والحرية، وما هو بناءات مجتمعية لعبت دورها، بل أيضا وجد مستعمرا قاهرا يقمع ويكبت الشخصية الفردية والجمعية والمعجم الوطني”.

وتطرق ربيع إلى المتنفس الإبداعي والعلمي لعائشة بلعربي، الذي عبرت فيه “بقوة الإبداع والإرادة الإبداعية الخلاقة غير المعترفة بالحدود”. كما اهتم بـ”بوحها الشعري المركب” ورؤيتها للحياة شعرا؛ بـ”قوة باهرة في الكتابة تريك الشمس ليلا”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق