تركيا: تباين في مواقف الأحزاب تجاه الدستور الجديد

الشرق الأوسط 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

واصل رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش مشاوراته مع قادة الأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان حول مشروع الدستور المدني الجديد للبلاد والذي لم يُكشف عن مضمونه أو مواده بعد.

في الوقت ذاته لمّح الرئيس رجب طيب إردوغان إلى إجراء تغييرات جذرية في هياكل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم على ضوء نتائج الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي وحل الحزب فيها في المرتبة الثانية بعد حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة.

والتقى كورتولموش، الثلاثاء، رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، وهو الحزب الرئيسي في «تحالف الشعب» مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وشارك معه في إعداد مشروع الدستور، ومن المقرر أن يختتم اللقاءات بزيارة لرئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، عبد الله غولر.

لجنة من الأحزاب

وتعد هذه هي الجولة الثانية من المشاورات التي يجريها كورتولموش للتشاور حول مشروع الدستور مع الأحزاب السياسية، بعد أن سبق أن التقى رؤساء وممثلي أحزاب «الشعب الجمهوري» و«الديمقراطية ومساواة الشعوب» و«الجيد» و«المستقبل» و«السعادة».

ومن المتوقع بعد انتهاء اللقاءات أن يوجه كورتولموش رسالة إلى الأحزاب السياسية يطلب فيها آراءهم حول الدستور الجديد.

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش التقى رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي في إطار التشاور حول مشروع الدستور الجديد (موقع حزب «الحركة القومية»)

ولم يُعرف بعد المسار الذي سيتم اتباعه في مناقشة مشروع الدستور، الذي أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أنه سيكون دستوراً مدنياً ديمقراطياً ينهي حقبة دساتير الانقلاب في تركيا.

والمطروح في أروقة البرلمان والأحزاب السياسية حالياً هو أنه سيتم إنشاء لجنة يتم فيها تمثيل الأحزاب بالتساوي لمناقشة المشروع، سيشارك فيها أيضاً خبراء وأكاديميون.

تباين في المواقف

وفي خضم المشاورات حول مشروع الدستور، تباينت مواقف الأحزاب؛ فبينما أعلن رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، عقب لقائه أخيراً الرئيس إردوغان، أنه لا فائدة من مناقشة دستور جديد ما دام الدستور الموجود لا يتم الالتزام به، وما دامت قرارات المحكمة الدستورية لا يتم تنفيذها، في حين بدا حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب»، المؤيد للأكراد، أكثر انفتاحاً على مبادرة الدستور الجديد، معلناً أنه أنشأ لجانه الخاصة بـ«الدستور الديمقراطي».

وبدوره، رهن حزب «الجيد» موافقته على المشاركة في إعداد الدستور الجديد بالتخلي عن النظام الرئاسي والعودة إلى النظام البرلماني المعزز.

في الوقت ذاته، أشار استطلاع للرأي أجرته شركة «آصال» في 26 ولاية تركية، إلى تأييد 58 في المائة من الأتراك لوضع دستور جديد، مقابل رفض 47.1 في المائة.

في السياق، علق الكاتب الصحافي التركي، سيد طوسون، على المناقشات الجارية حول مشروع الدستور، قائلاً إن الدستور الحالي الذي وُضع عام 1982، وعُرف بـ«دستور الانقلاب» خلال فترة حزب «العدالة والتنمية»، تعرض لتغيير 134 مادة من أصل 177، خلال هذه الفترة الممتدة إلى 22 عاماً.

وعدّ أن دوافع حزب «العدالة والتنمية» لطرح الدستور الجديد تتلخص في إدراك أن الفقر الذي أصبح جماعياً، وتحول إلى غضب انعكس في نتائج الانتخابات المحلية، يضع الحكومة في موقف صعب، وأنهم سيخسرون إذا أجريت الانتخابات الدستورية والبرلمانية في هذه الظروف؛ ولهذا السبب يريدون وضع المناقشات الدستورية على جدول الأعمال الرئيسي.

إردوغان متحدثاً إلى قيادات ورؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في المقاطعات خلال اجتماع في أنقرة الثلاثاء (الرئاسة التركية)

وأضاف أن إجراء محادثات تحالفات جديدة في موضوع الدستور، هو الدافع الأهم؛ إذ يريد «العدالة والتنمية» الخروج من المنطقة العالق فيها حالياً دون الاستمرار مع حزب «الحركة القومية»، معتبراً أن هذا هو سبب الصراع الحقيقي تحت الطاولة في المناقشات الدستورية، وهو سبب تصريحات بعض نواب حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب» عن ضرورة منح الحكومة فرصة لوضع الدستور المدني الديمقراطي.

بدوره، رأى المحلل السياسي محمد غون أن خطابات الدستور المدني المطروحة على جدول الأعمال هذه الأيام تهدف إلى التغاضي عن الأجندة الحقيقية المتمثلة في الأزمة الاقتصادية، ومحاولة لإنتاج منفذ للرئيس إردوغان، الذي لا يستطيع أن يترشح للرئاسة مجدداً عام 2028، في أن يترشح مرة أخرى، وسيكون ذلك بمثابة فرض للدستور.

إردوغان يلمّح للتغيير

في غضون ذلك، لمّح إردوغان، خلال الاجتماع الموسع لرؤساء المقاطعات لحزب «العدالة والتنمية» في أنقرة، الثلاثاء، إلى إجراء تغيير جذري في الهياكل القيادية للحزب والسير مع أسماء جديدة مع عدم التخلي تماماً عن «المحاربين القدامي».

وقال إردوغان: «سنناقش كل ما هو مفيد لحزبنا وقضيتنا فيما يتعلق بنتائج الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس، ولا يمكننا أن نتجاهل رسالة الأمة لنا وسنواصل مسيرتنا مع أسماء جديدة».

وأضاف: «إذا كانت لدينا عيوب أو أخطاء يجب أن نصحح أنفسنا، هناك حاجة لمن يضيفون إلى السلطة لا إلى من يطورونها، لم نحدد خطواتنا بناء على الشائعات حتى الآن، وبينما نقوم بتعزيز كوادرنا بأسماء جديدة، وقيم جديدة، وأعضاء خدمة جدد، فإن حزبنا لن يخون قدامى المحاربين، فنحن بحاجة إلى شخصيات تضيف القوة والشغف إلى حزب (العدالة والتنمية)».

وتابع إردوغان أن «الخطأ الحقيقي هو الإصرار على الخطأ، وهو الذي سيسبب الخسارة»، مشيراً إلى قرب عقد المؤتمر التشاوري للحزب.

واختتم قائلاً: «نحن، كحزب (العدالة والتنمية)، مصممون على مواصلة طريقنا بطريقة أقوى بكثير، نحن نرى عملية المؤتمر التي قررنا أن نتبعها كأهم فرصة لبداية جديدة».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق