«ثورة قادمة» الذكاء الاصطناعي يغير قواعد اللعبة

الذكاء الاصطناعي يغير وجه التعليم والوظائف، لكنه لن يحل محل الإنسان إذا تطور ووضع الضوابط اللازمة للحد من مخاطره، فالذكاء الاصطناعي سيغير العالم في مختلف المجالات، وبات على الإنسان أن يستفيد منه ويطور نفسه للتعامل مع هذه التقنية، ويخلق وظائف جديدة، ولكنه قد يضره إذا لم يتم وضع الضوابط اللازمة.

هذا ما تم مناقشته في ندوة بمؤسسة دار المعارف، نظمها منتدى المفكر العربي بالتعاون مع المركز العربي للبحوث والإدارة، حيث بدأت بمناقشة كتاب “ثورة التعليم والذكاء الاصطناعي” للدكتور محمد العزب، ثم امتدت لتتناول قضية الذكاء الاصطناعي وكيفية التعامل معه، خاصة بعد أن أصبح متداخلاً في كل شيء، كالطب والصيدلة والهندسة والعلوم والاقتصاد، فيما يشبه ثورة في مجال البرمجة.

### نحو خارطة طريق

شارك في المناقشة كل من الدكتور معتز خورشيد وزير التعليم العالي الأسبق، والدكتور طارق خليل مؤسس جامعة النيل، والدكتور سامي نصار الأستاذ بكلية الدراسات التربوية بجامعة القاهرة، بعد تلخيص الدكتور محمد العزب لكتابه، طرحت تساؤلات حول ما إذا كنا أمام ثورة تعليمية حقيقية، أم مجرد تقنية حديثة، وهل نحتاج إلى خارطة طريق لبناء التعليم باستخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة مع وجود فجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل، فالتعليم الحقيقي يجب أن يلبي احتياجات السوق، ويركز على المعرفة وليس الحفظ، ودور المعلم سيتحول من ناقل للمعرفة إلى موجه ومدرب، والذكاء الاصطناعي سيوفر سبل التعليم لذوي الهمم، ويساعد في حل قضايا تعليمية مثل كثافة الفصول.

### ثورة التعلم

أكد الدكتور معتز خورشيد على أهمية ربط التعليم بالذكاء الاصطناعي للتغيير إلى الأفضل في كل المراحل التعليمية، فالتقنية الحديثة ستسهل التعلم مدى الحياة، وتطوير التعليم في ظل الذكاء الاصطناعي، أمر ضروري لتقدم الدول.

### رأي الحضور

أكد الدكتور سامي نصار أننا مقبلون على ثورة التعلم، وليس ثورة في التعليم، فالذكاء الاصطناعي سيخلصنا من معوقات التعليم، والتركيز على الشهادات أكثر من المهارات، وسيغير نظام التعليم من التلقين إلى الحوار، ويقضي على المركزية، ويتيح الوصول إلى مصادر متعددة للمعرفة، لكن السيطرة على المحتوى ستكون التحدي الأكبر.

شارك العديد من الحضور وأكدوا أن الذكاء الاصطناعي سيحدث ثورة في مجال التعليم، حيث يمكن استخدامه لتحسين جودة التعليم وتوفير تجارب تعليمية مخصصة للطلاب، ومن بين الطرق التي يمكن أن يسهم بها الذكاء الاصطناعي في التعليم:

* التعلم المخصص: حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أداء الطلاب وتقديم محتوى تعليمي مخصص لكل طالب بناءً على احتياجاته الفردية.
* التقييم والتصحيح الآلي: حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تقييم الواجبات والامتحانات بشكل آلي، مما يقلل من عبء العمل على المعلمين ويوفر تغذية راجعة فورية للطلاب.
* توفير موارد تعليمية: حيث يمكن للذكاء الاصطناعي توفير موارد تعليمية تفاعلية ومتقدمة، مثل الفصول الافتراضية والواقع المعزز.
* دعم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة: حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم دعم مخصص للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يساعدهم على التعلم بشكل أكثر فعالية.
* تحسين كفاءة المعلمين: حيث يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المعلمين في إدارة الفصول الدراسية وتقديم الدعم للطلاب، مما يسمح لهم بالتركيز على الأنشطة التعليمية الأساسية.

### تحديات كثيرة

أكد المشاركون على وجود تحديات يجب مراعاتها عند دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم:

* الخصوصية والأمان: يجب ضمان حماية بيانات الطلاب والمعلمين وضمان أمان استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم.
* التدريب والتأهيل: يجب تدريب المعلمين والطلاب على استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال.
* الاعتماد المفرط على التكنولوجيا: يجب الحرص على عدم الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي وتجنب تقليل التفاعل البشري في العملية التعليمية.

### مخاطر الذكاء الاصطناعي

كشف المتحدثون أن استخدامات الذكاء الاصطناعي تحمل العديد من المخاطر المحتملة، من بينها:

* فقدان الوظائف: حيث يمكن أن تؤدي التطورات في الذكاء الاصطناعي إلى استبدال بعض الوظائف البشرية، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف وتغييرات في سوق العمل.
* الخصوصية والأمان: حيث يمكن أن تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لجمع وتحليل كميات كبيرة من البيانات الشخصية، مما قد يؤدي إلى مخاطر على الخصوصية والأمان.
* التمييز والتحيز: حيث يمكن أن تُظهر نماذج الذكاء الاصطناعي تحيزات تمييزية إذا كانت البيانات التي تم تدريبها عليها متحيزة، مما قد يؤدي إلى نتائج غير عادلة.
* المسؤولية والأخلاق: حيث يمكن أن تثير استخدامات الذكاء الاصطناعي تساؤلات حول المسؤولية والأخلاق، خاصة فيما يتعلق بالقرارات التي تتخذها النظم الذكية.
* الأمان السيبراني: حيث يمكن أن تكون النظم الذكية عرضة للهجمات السيبرانية، مما قد يؤدي إلى مخاطر على الأمان والخصوصية.
* الاعتماد المفرط: حيث يمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى فقدان المهارات البشرية والقدرة على اتخاذ القرارات بشكل مستقل.
* التأثير على المجتمع: حيث يمكن أن تؤدي التطورات في الذكاء الاصطناعي إلى تغييرات كبيرة في المجتمع، مما قد يؤدي إلى مخاطر على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ولهذا فإنه من المهم أن يتم التعامل مع هذه المخاطر بجدية واهتمام، وأن يتم تطوير استخدامات الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة ومتوازنة.

### تدريس الذكاء الاصطناعي

أكد الكاتب رفعت فياض أن وزارة التربية والتعليم في مصر قررت تدريس مادة الذكاء الاصطناعي لطلاب الصف الأول الثانوي، وستكون مادة نجاح، بالتعاون مع الجانب الياباني، وسيتم التدريس من خلال منصة إلكترونية، وسيحصل الطلاب على شهادة دولية في مجال الذكاء الاصطناعي.

### توصيات الندوة

في نهاية الندوة، تلى فارس عزام توصيات الندوة التي خلصت إلى:

* تأسيس برامج وطنية لتوظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير المناهج.
* إعداد خطة تدريب متكاملة للمعلمين على استخدام أدوات التعليم الذكي.
* إنشاء منصات تعليمية رقمية مفتوحة.
* تعزيز الشراكات بين الجامعات والمراكز البحثية والقطاع الخاص.
* دعم المشروعات البحثية العربية المشتركة.
* الاستعداد للمستقبل برصد التطورات التكنولوجية وتحديث السياسات.