«صدام تقني» أبل تواجه ضغوطًا تنظيمية متزايدة في أوروبا

تشتد المواجهة بين شركة آبل والاتحاد الأوروبي حول نظامها التقني المغلق، حيث تتهم الشركة “البيروقراطيين في بروكسل” بتقويض “التجربة الساحرة والمبتكرة” التي تميز منتجاتها، في المقابل، يرى الاتحاد الأوروبي أن هذه القيود تُعيق المنافسة وتضر بالمستهلكين.

وقال غريغ جوسوياك، أحد كبار المديرين التنفيذيين في آبل، قبيل إطلاق أحدث منتجات الشركة، إن “هناك تهديدًا خطيرًا يلوح في الأفق في أوروبا”.

وتدافع آبل عن نظامها “المغلق” أو ما يُعرف بـ “الحديقة المسورة”، مؤكدةً أنه يضمن تجربة آمنة وعالية الجودة لمستخدميها، بينما ترى الجهات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي أن هذا النظام يقصي المنافسين بشكل غير عادل. ويُستخدم مصطلح “الحديقة المسورة” لوصف النظام الذي تتحكم فيه شركة واحدة بشكل كامل، بدءًا من الأجهزة وصولًا إلى البرامج والخدمات.

وقد شهدت العلاقة بين الطرفين سنوات من الخلافات، وصلت إلى ذروتها بفرض الاتحاد الأوروبي غرامة على آبل بقيمة 500 مليون يورو (586 مليون دولار) في أبريل الماضي، بتهمة ممارسة سلوك مناهض للمنافسة في متجر التطبيقات الخاص بها.

قانون الأسواق الرقمية يثير الجدل

بموجب قانون الأسواق الرقمية (DMA)، يُطلب من آبل ضمان توافق أجهزتها، مثل سماعات الرأس، المصنعة من قبل شركات أخرى مع أجهزة iPhone، كما يلزم القانون الشركة بالسماح بظهور الإشعارات على الساعات الذكية من الشركات الأخرى، وليس فقط على ساعات Apple Watch، بالإضافة إلى تمكين المنصات الأخرى من إرسال واستقبال المحتوى من وإلى أجهزة آبل عبر ميزة “AirDrop”.

ويرى سيباستيان بانت، من منظمة “BEUC” التي تضم العديد من منظمات الدفاع عن حقوق المستهلك، أن هذه الإجراءات تصب في مصلحة المستهلكين، لأنها تمنحهم حرية اختيار الأجهزة التي يرغبون في استخدامها، وتمكنهم من ربطها ببعضها البعض، وأضاف بانت أن معالجة مشكلة “الحديقة المسورة” تهدف إلى منح المستهلكين خيارات أوسع في السوق الرقمية.

تأجيل إطلاق AirPods Pro 3 في أوروبا

أعلنت آبل عن إطلاق سماعات AirPods Pro 3 الجديدة، التي ستتضمن ميزة “الترجمة المباشرة” التي تتيح للمستخدمين الاستماع إلى المحتوى بلغتهم المفضلة عبر سماعات AirPods، وقد تم الإعلان عن هذه الميزة في الولايات المتحدة، ولكنها لن تكون متاحة للمستخدمين في أوروبا في الوقت الحالي.

وبررت الشركة ذلك بأن التقنية تعتمد على عمل الميكروفونات في كل من AirPods و iPhone معًا، وأن إتاحة الوصول إلى أجهزة أخرى يتطلب المزيد من العمل الهندسي لتلبية توقعات المستخدمين فيما يخص الخصوصية والأمان والسلامة.

وخلال مؤتمر صحفي في مقر الشركة الرئيسي في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا، قال جوسوياك: “إنهم يريدون سلب السحر – سحر التجربة المترابطة بإحكام التي تقدمها آبل – ويجعلونا مثل الآخرين”.

آبل تصعد من لهجة الانتقاد

أكدت آبل أنها امتنعت في الغالب عن كشف خلافاتها علنًا بناءً على طلب الهيئة التنظيمية، ولكنها بدأت في الآونة الأخيرة في التعبير عن مخاوفها بشكل أكثر صراحة، مدعيةً أن قواعد الاتحاد الأوروبي تضر بالمستخدمين والمطورين، وكانت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، قد أصدرت قرارًا برفض محاولة آبل لإلغاء معظم الأوامر التي تلزم الشركة بجعل هواتف iPhone متوافقة مع الأجهزة الأخرى.

وفي الشهر الماضي، حذرت الشركة الهيئة المعنية بالمنافسة في المملكة المتحدة من اتباع نهج الاتحاد الأوروبي، حيث تمضي هيئة المنافسة والأسواق البريطانية قدمًا في خططها الرامية إلى فتح الأسواق التي تهيمن عليها آبل وغوغل.

مخاوف من تقويض الابتكار

ويرى جوسوياك أن الجهات التنظيمية الأوروبية “تخلق تجربة أسوأ لمواطنيها، أي مستخدمينا”، مضيفًا: “إنهم يقوضون الابتكار، وينتهكون ملكيتنا الفكرية، ويلحقون الضرر بالخصوصية والأمن”، وكانت آبل قد أجلت سابقًا إطلاق ميزات الذكاء الاصطناعي “Apple Intelligence” في الاتحاد الأوروبي، وأشار بانت إلى أن شركات أخرى أيضًا امتنعت عن طرح ميزات في الاتحاد الأوروبي بسبب قانون الأسواق الرقمية.