«فساد ينخر المؤسسات التعليمية».. تحقيق يكشف عن وقائع مذهلة لـ”آكلي المال الحرام” في التعليم

آكلو المال الحرام في التعليم!!.. تتكرر شكاوى أولياء الأمور في العديد من المحافظات كل عام خلال موسم التحويلات بين المدارس، من الضغوط غير الرسمية تحت مسمى التبرعات، تبدأ من ألف جنيه للفئات البسيطة وتتصاعد إلى ما هو أكثر من ذلك، وأتذكر منذ أعوام طلبت مديرة إحدى المدارس بمدينة 6 أكتوبر «توك توك» من ولي أمر، وذلك مقابل مقعد دراسي أو تيسير إجراءات تسريع القبول في بعض المحافظات، نرى أكشاكًا أمام الإدارات والمدارس ذلك ويعرفها الجميع.

ظاهرة سنوية دون عقاب رادع

السؤال هنا ليس فقط عن حجم هذه المخالفات بل عن هوية المستفيدين الحقيقيين، من يحصل على هذه الأموال؟ ولماذا تتكرر هذه الظاهرة السنوية دون عقاب رادع؟ التحويلات نظام رسمي تفتح لها مواقع المديريات التعليمية لتقديم ومتابعة الطلبات إلكترونيًا، لكن في الواقع تتحول الإجراءات الورقية من خلال البعض إلى سوق سوداء للحصول على أموال غير مشروعة من آكلي المال الحرام، تحت مسميات كثيرة منها، ووجود آليات إلكترونية لا يلغي ظهور «وسطاء» أو غيرهم يسهلون عملية التحويل، مقابل مبالغ مالية أو عينية، والمطلوب وبأقصى سرعة وضع ضوابط صارمة، وفتح تحقيق فوري مع كل إدارة تظهر فيها شكاوى متكررة عن تحويلات “مشبوهة”، وأن تصبح كل خطوات التحويل إلكترونية، مؤرخة، قابلة للتتبع، مع إلغاء أي تعامل ورقي يسمح بالتدخل البشري، والمخالفات في التحويلات لا تقتصر على عطايا مالية يدفعها أولياء الأمور تصل إلى ملايين الجنيهات فحسب، بل تتعدى ذلك لتضرب العدالة في التعليم وتعمق الفوارق، فمن يملك المال يصل إلى مدارس أفضل، ومن لا يملك يظل محدود الفرص، وهذه رسالة خاطئة تُدرس لأبنائنا، وهذا ينعكس في فهم الطالب للمجتمع ويرسخ في عقول الأجيال القادمة.

أطالب هنا وزير التربية والتعليم بالتدخل الفوري وإعلان حملة رقابية على المدارس وإحالة أي شكاوى إلى جهات التحقيق المختصة.

سوق للتبرعات

وزارة التربية والتعليم يقع على عاتقها تأمين نزاهة العملية التعليمية وإعادة الثقة لأولياء الأمور.

لا يجوز أن تتحول تحويلات الطلاب إلى سوق للتبرعات والمجاملات وتبادل المصالح الشخصية، فالتعليم رسالة وأمانة والسكوت على هذه الممارسات الغريبة علينا، يجعلنا جميعًا شركاء في هذا العبث الذي لا ينتهي، ومطلوب سرعة التحرك، وإجراءات واضحة.

التحويلات المشبوهة: أرقام تتحدث عن الفساد في التعليم

لإعطاء صورة أوضح عن حجم المشكلة، يمكننا النظر إلى بعض الأمثلة الرقمية التي تظهر حجم التلاعبات المالية المحتملة:

  • مبالغ التبرعات غير الرسمية: تبدأ من 1000 جنيه مصري وتتصاعد، مما يشير إلى وجود سوق سوداء للتحويلات المدرسية.
  • تكلفة “التوك توك”: طلب مديرة مدرسة لـ “توك توك” كرشوة يوضح مدى استغلال المناصب لتحقيق مكاسب شخصية.
  • ملايين الجنيهات: حجم الأموال المتداولة في التحويلات المشبوهة، مما يؤثر سلبًا على ميزانية التعليم.

الآثار السلبية للفساد على العملية التعليمية

الفساد في التحويلات المدرسية لا يؤثر فقط على الجانب المالي، بل يمتد ليشمل جوانب أخرى مهمة:

  • تكريس عدم المساواة: إتاحة الفرصة لأصحاب النفوذ والمال للوصول إلى مدارس أفضل، بينما يُحرم منها الطلاب الأقل حظًا.
  • تشويه مفهوم العدالة: ترسيخ فكرة أن المال يمكن أن يشتري كل شيء، حتى التعليم، مما يؤثر على قيم الطلاب.
  • فقدان الثقة: تآكل ثقة أولياء الأمور في النظام التعليمي، مما يؤثر على مشاركتهم الفعالة في العملية التعليمية.

مقترحات للحل: نحو نظام تحويلات عادل وشفاف

للقضاء على هذه الظاهرة السلبية، يجب اتخاذ خطوات جادة وفعالة:

  • تفعيل الرقابة: حملات تفتيش مفاجئة على المدارس والإدارات التعليمية للتحقق من إجراءات التحويل.
  • التحقيق الفوري: إحالة أي شكاوى فساد إلى جهات التحقيق المختصة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
  • التحول الرقمي الكامل: جعل جميع خطوات التحويل إلكترونية ومؤرخة وقابلة للتتبع، مع إلغاء التعاملات الورقية.
  • تفعيل دور المجتمع المدني: تشجيع منظمات المجتمع المدني على مراقبة عمليات التحويل والإبلاغ عن أي مخالفات.

من خلال تضافر الجهود وتطبيق هذه المقترحات، يمكننا بناء نظام تعليمي عادل وشفاف يضمن تكافؤ الفرص لجميع الطلاب.

[related_news]