«قرار المستقبل» هل يعتبر “ماك بوك” استثمارًا ذكيًا للطلاب؟

عندما يحين موعد شراء جهاز حاسوب محمول للدراسة، سواء في المدرسة أو الجامعة، ينجذب الكثيرون إلى أجهزة “ماك بوك” من آبل، لما تتمتع به من تصميم أنيق وشهرة واسعة، ولكن قبل الإقبال على هذه الخطوة، من الضروري التفكير مليًا، فعلى الرغم من انتشار “ماك بوك” في بيئات العمل والمكاتب، قد لا يكون الخيار الأمثل للدراسة، وذلك لعدة أسباب جوهرية سنستعرضها الآن.

مشكلات التوافق: هل “ماك بوك” صديق دراستك؟

قد تواجهك بعض التحديات المتعلقة بالتوافق عند اختيار “ماك بوك” أو حتى “آيباد” للدراسة الجامعية، لذا، قبل الشراء، تحقق جيدًا من متطلبات المواد الدراسية والبرامج التي ستحتاج إليها، ففي مجالات مثل الهندسة أو التصميم، لا يزال الاعتماد كبيرًا على برامج قديمة أو حصرية لنظام “ويندوز”، والتي قد لا تعمل بكفاءة على نظام “ماك أو إس” (macOS)، لذا يجب التأكد من توافق البرامج مع نظام التشغيل قبل الإقدام على الشراء.

قد ينفق بعض الطلاب مبالغ طائلة لشراء “ماك بوك” من أجل دراسة التصميم، ثم يكتشفون أن برنامجًا أساسيًا مثل “سوليدووركس” (SolidWorks) غير متوفر لإصدار “ماك أو إس”، وإذا لجأوا إلى حلول بديلة، قد يواجهون صعوبات كبيرة خلال الفصل الدراسي، فمن الضروري التأكد من توافق البرامج قبل الشراء لتجنب هذه المشاكل.

قد يضطر البعض إلى تثبيت نسخة افتراضية من نظام “ويندوز” لتشغيل بعض التطبيقات، ورغم أن هذا حل تقني، إلا أنه قد يكون مرهقًا، فنظرًا لأن أجهزة “ماك بوك” المزودة بمعالج “آبل سيليكون” تدعم فقط نسخة “آرم” (ARM) من ويندوز عبر برامج المحاكاة الافتراضية، فإن العديد من التطبيقات قد لا تعمل إطلاقًا، لذا يجب مراعاة هذه القيود عند التفكير في شراء “ماك بوك”.

بالنسبة لأجهزة “آيباد”، الوضع ليس أفضل بكثير، فعلى الرغم من أن نظام “آيباد أو إس 26” (iPadOS 26) قدّم مزايا جديدة تقربه من الحواسيب المحمولة، إلا أن قيود التطبيقات لا تزال قائمة، فإذا كان استخدامك يقتصر على كتابة الأبحاث أو إعداد العروض التقديمية، فقد يكون “آيباد” كافيًا، ولكن إذا كان تخصصك يتطلب البرمجة أو استخدام أدوات تقنية متخصصة، فقد يصبح عائقًا، ويستغرق إيجاد حلول بديلة وقتًا أطول من إنجاز المهام، لذا يجب تقييم احتياجاتك الدراسية بدقة قبل اختيار “آيباد”.

من الضروري التأكد من البرامج التي يعتمد عليها تخصصك قبل شراء أي جهاز من آبل، فقد تتمكن من تجاوز هذه الصعوبات، ولكن بجهد مضاعف، مقارنةً باستخدام حاسوب آخر، لذا يجب الموازنة بين المزايا والعيوب قبل اتخاذ القرار.

قد يواجه بعض الطلاب صعوبات في التكيف مع نظام “ماك أو إس” إذا كانوا معتادين على نظام “ويندوز”، وقد يحتاجون إلى وقت إضافي لتعلم كيفية استخدام البرامج والأدوات المختلفة، لذا يجب أخذ هذا في الاعتبار عند اختيار الجهاز المناسب للدراسة.

ترقية أجهزة “ماك بوك”: هل ستواكب متطلباتك الدراسية؟

عند شراء “ماك بوك”، أنت مقيد بالمواصفات التي اخترتها في البداية، ولا يمكنك إجراء ترقيات لاحقة في العديد من الإصدارات، حتى الترقيات البسيطة مثل ذاكرة الوصول العشوائي أو زيادة مساحة التخزين، تستخدم آبل نوعًا خاصًا من الذاكرة (Unified Memory) ملحومة مباشرة على اللوحة الأم، مما يجعل إضافة ذاكرة جديدة أمرًا مستحيلًا، وينطبق الأمر نفسه على ذاكرة التخزين، لذا يجب اختيار المواصفات بعناية عند الشراء.

إذا اشتريت “ماك بوك إير” (MacBook Air) بمعالج “إم 1” وذاكرة 8 غيغابايت في عام 2021، قد تجد أن المعالج لا يزال يقدم نفس الأداء في عام 2025، ولكن محدودية الذاكرة ستعيقك، ولن تتمكن من تشغيل عدة تطبيقات في وقت واحد، وستتباطأ البرامج باستمرار، وبدلًا من تركيب ذاكرة إضافية، قد تضطر إلى شراء جهاز جديد، لذا يجب التفكير في المستقبل عند اختيار المواصفات.

كطالب، يجب أن تفكر في جهاز يكفيك لمدة 5 سنوات على الأقل دون الحاجة إلى الترقية أو شراء جهاز جديد، تجنبًا للتكاليف الإضافية، فمن الأفضل استثمار مبلغ أكبر في البداية للحصول على جهاز يلبي احتياجاتك على المدى الطويل.

التكلفة المرتفعة: هل “ماك بوك” يناسب ميزانيتك؟

تتميز أجهزة “ماك بوك” بتصميمها وأدائها القوي، ولكن هذه الميزات تأتي بسعر مرتفع، مما يجعلها بعيدة عن متناول العديد من المستخدمين، خاصةً ذوي الميزانية المحدودة، بالإضافة إلى ذلك، الملحقات الإضافية باهظة الثمن، مثل الفأرة ولوحة مفاتيح “ماجيك”، كما أن تكاليف الإصلاح والترقية مبالغ فيها، لذا يجب مراعاة جميع هذه التكاليف عند التفكير في شراء “ماك بوك”.

معظم الطرازات الأساسية تأتي بسعة تخزين 256 غيغابايت فقط، وإذا أردت زيادتها إلى 512 غيغابايت، ستفرض آبل عليك 200 دولار إضافية، بينما يمكنك شراء قرص “إس إس دي” (SSD) أسرع وبنفس السعة مقابل حوالي 50 دولارًا لحاسوب محمول آخر، لذا يجب مقارنة الأسعار قبل اتخاذ القرار.

الأمر نفسه ينطبق على الذاكرة الموحدة، حيث تطلب آبل 200 دولار إضافية للانتقال من 8 غيغابايت إلى 16 غيغابايت من ذاكرة الوصول العشوائي، على الرغم من أن التكلفة الفعلية للأجهزة أقل بكثير، وهذا غير منطقي، بينما يمكنك شراء 16 غيغابايت من ذاكرة الوصول العشوائي عالية الجودة لأجهزة الحاسوب الأخرى مقابل 50 دولارًا، ورغم أن هذه الزيادات يصعب تبريرها، فإن آبل تعلم أن أمامك خيارين فقط: إما أن تدفع الآن أو تستبدل الجهاز بالكامل بعد بضع سنوات، لذا يجب التفكير مليًا قبل اختيار المواصفات.

ينطبق نفس مسار الترقية الباهظ على جهاز “آيباد”، لكن الوضع يزداد سوءًا عند إضافة الملحقات، فإذا كنت طالبًا تفكر في شراء “آيباد”، فمن المرجح أنك ستحتاج إلى قلم آبل ولوحة مفاتيح “ماجيك”، وبمجرد إضافة هذه الملحقات، يتحول سعر “آيباد برو” الأساسي من 999 دولارًا إلى 1427 دولارًا، لذا يجب حساب التكلفة الإجمالية قبل الشراء.

الصيانة: هل أنت مستعد لتكاليف الإصلاح المحتملة؟

تُعد صيانة أجهزة “ماك بوك” تحديًا كبيرًا بسبب تصميمها المدمج، فمعظم المكونات الأساسية، مثل التخزين والذاكرة وحتى المنافذ، مدمجة على اللوحة الأم، وهذا يعني أن أي مشكلة صغيرة قد تجعل الجهاز غير قابل للاستخدام، لذا يجب أخذ هذا في الاعتبار عند شراء “ماك بوك”.

إذا تعطل قرص “إس إس دي” وأخذت الجهاز إلى خدمة آبل، فلن يقتصر الأمر على استبدال القرص فقط، بل سيستبدلون اللوحة الأم بالكامل، والتي تشمل المعالج وبطاقة الرسومات والذاكرة وغيرها، وقد تقترب كلفة هذا الإصلاح من سعر جهاز جديد، لذا يجب توقع تكاليف الصيانة المرتفعة.

الأمر نفسه ينطبق على باقي المكونات، فإذا توقفت لوحة المفاتيح عن العمل أو تعطل موصل الشاشة، فمن المحتمل أن يشمل الإصلاح استبدال أجزاء كبيرة من الجهاز بدلاً من استبدال الجزء المعطل فقط، لذا يجب أن تكون مستعدًا لتكاليف الإصلاح الباهظة.

هذا الأمر يمثل مشكلة كبيرة للطلاب، فإذا تعطل جهازك خلال فصل دراسي مزدحم، قد تضطر إلى البقاء بدون حاسوب لأيام، أو دفع مئات الدولارات لإعادته إلى العمل، لذا يجب التفكير في هذه المخاطر قبل شراء “ماك بوك”.

آراء الطلاب في أجهزة “ماك بوك”: هل هي الخيار الأمثل للدراسة؟

في مناقشة عامة على منصة “ريديت”، طُرح سؤال حول سلبيات شراء جهاز “ماك بوك” كطالب، بهدف جمع آراء الطلاب حول أجهزة آبل في المرحلة الدراسية، وكانت الآراء متباينة، فمن الضروري الاطلاع على هذه الآراء قبل اتخاذ القرار.

قال مستخدم يدعى سام لوكس آت: “إذا كنت تريده للألعاب، فهذا قرار سيئ، ولكن غير ذلك فهو خيار ممتاز، وهي ليست باهظة الثمن على المدى الطويل، خاصة إصدار (إير)، فهي تدوم طويلاً وموثوقة جدًا، ولكن الشيء الوحيد الذي يجب أن تكون على دراية به حقًا هو أنها غير قابلة للترقية بأي حال من الأحوال”.

وقال مستخدم آخر: “هذه الأجهزة غالية ولا يمكن إصلاحها، وهي تابعة لشركة آبل، مما يعني أنك ستضطر إلى استخدام منتجات آبل مثل آيفون لنقل الملفات”.

انتقد مستخدم يدعى جيزبوي أجهزة “ماك بوك” بشدة، ويرى أن أكبر عيوبه هي التكلفة المرتفعة، فالإصلاح باهظ الثمن بدون تأمين “آبل كير +”، كما أن آبل لا تسمح لشركات خارجية بإصلاح الحواسيب أو الحصول على قطع الغيار بشكل فردي، وغالبًا ما تستبدل مراكز “جينيوس بار” (Genius Bar) القطعة التالفة بدلاً من إصلاحها، وهذا أحد أسباب ارتفاع تكلفة الإصلاحات.

وذكر أن تكلفة الترقية مبالغ فيها، وبالنسبة للأنظمة الافتراضية، يمكنك تشغيلها عبر “بيراليلز” (Parallels) فقط، وهي ميزة مدفوعة، كما أنها تدعم فقط أنظمة “آرم” (ARM)، وليس x86 أو “آرم 64” (AMD_64)، وكتب جيزبوي في النهاية: “اشتريت ماك بوك فقط لأن البرنامج الذي أستخدمه يتطلب نظام (ماك أو إس)، وإذا كان البرنامج الذي أحتاجه لا يتطلب جهاز ماك، فلا جدوى من شرائه”.

ويقول مستخدم يدعى نغوني: “يعتمد ذلك على تخصصك الدراسي، فإذا كنت تحتاج فقط إلى توزيعة (أوفيس) ومتصفح، فأجهزة (ماك بوك) ممتازة، وفي حال كان لديك احتياجات برامج متخصصة، فتأكد من توفرها قبل قرار الشراء، على سبيل المثال، إذا كنت متخصصًا في تصميم الغرافيك، فأجهزة (ماك بوك) ممتازة، أما إذا كنت متخصصًا في الهندسة، فربما لن تحتاجها كثيرًا”.

باختصار، يجب عليك دراسة جميع الجوانب المتعلقة بشراء “ماك بوك” للدراسة، بما في ذلك التوافق والتكلفة والصيانة وآراء المستخدمين الآخرين، قبل اتخاذ القرار النهائي، ومن الضروري اختيار الجهاز الذي يلبي احتياجاتك الدراسية وميزانيتك على أفضل وجه.