مهرجان تيان كوانغ الصيني تاريخ عريق من الجذور الإمبراطورية إلى الطقوس الشعبية

مهرجان تيان كوانغ في الصين: من تقاليد الأباطرة إلى احتفالات الشعب لجلب الحظ

شهد مهرجان تيان كوانغ في الصين تحولًا ملحوظًا عبر التاريخ، إذ انتقل من كونه تقليدًا إمبراطوريًا عريقًا إلى احتفال شعبي واسع النطاق، يمارسه الناس اليوم بطرق متنوعة، أبرزها تعريض الملابس لأشعة الشمس والاستحمام للحيوانات الأليفة، بهدف جلب الحظ السعيد والبركة.

لمحة عن المهرجان

المهرجان يتميز بالعديد من الطقوس المائية، بما في ذلك تنظيف الحيوانات الأليفة والماشية، كما يشمل تجفيف الكتب والمخطوطات الخاصة تحت الشمس، للحفاظ عليها وتطهيرها.

الجذور التاريخية للمهرجان

تعود جذور المهرجان إلى عادة قديمة تسمى “تجفيف أردية التنين”، حيث كان الأباطرة يجففون ملابسهم الفاخرة تحت أشعة الشمس، كنوع من التعبير عن الشكر والتقدير للسماء، وترجع أصول هذه العادة إلى عهد أسرة تانغ (618-907)، عندما قام الراهب البوذي الشهير شوانزانغ بتجفيف كتبه المقدسة بعد أن تبللت أثناء رحلة عبر البحر، واعتبر هذا الفعل فألًا حسنًا، وفي عام 1011، أعلن الإمبراطور تشينزونغ من أسرة سونغ اليوم السادس من الشهر القمري السادس عيدًا رسميًا، بعد رؤيا تلقى فيها الكتب السماوية المقدسة، وأقر عطلة وطنية للاحتفال بهذه المناسبة.

الطقوس الإمبراطورية والعادات الشعبية

بمرور الزمن، تطورت عادة “تجفيف أردية التنين” الإمبراطورية لتصبح تقليدًا جماعيًا يمارسه عامة الشعب، وأصبح من الشائع في المنازل الصينية تعليق الملابس والأغطية تحت أشعة الشمس، ليس فقط كطقس ديني، بل أيضًا كإجراء عملي للحماية من الرطوبة والحشرات، وكان العلماء أيضًا يعرضون كتبهم الثمينة للشمس لحمايتها، وهي عادة يُقال أنها مستوحاة من الإمبراطور تشينزونغ نفسه.

مظاهر الطقوس الحديثة

في العصر الحديث، يشارك الناس في طقوس الغسل والتنظيف، التي لا تقتصر على البشر، بل تشمل الحيوانات الأليفة والماشية، ففي منطقة قوانغشي، تقوم مجموعة تشوانغ العرقية بتنظيف أبقارها كجزء من احتفال جماعي، وتعتبر هذه الطقوس وسيلة لطرد النحس والأمراض، وجلب البركة والسعادة.

التنوع الثقافي بين القوميات

لا يقتصر مهرجان تيان كوانغ على قومية الهان فقط، بل يمتد تأثيره إلى العديد من الأقليات العرقية، ففي المجتمعات التي يغلب عليها الهان، تعود النساء المتزوجات إلى بيوت أهلهن ويستمتعن بأكلات تقليدية مثل الدقيق المقلي ولحم الضأن المتبل، وبين قومية بويى، يرتدي الشباب الأزياء التقليدية ويشاركون في الغناء الجماعي والأسواق الشعبية، ويحرص شعب مياو على تنظيم سباقات الخيل ومسابقات الغناء، بينما يحتفل مجتمع ياو بطقوس عبادة الأجداد، للصلاة من أجل حصاد وفير.