بعد التوافق الأمريكي الصيني.. ما مصير أسعار الذهب؟
اجتمع دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، اليوم الخميس مع نظيره الصيني شي جين بينج، حيث أسفر اللقاء عن اتخاذ عدد من القرارات المهمة، من بينها خفض الرسوم الجمركية المفروضة على الصين إلى 47% بدلًا من 57%، فباستثناء هذا القرار، ما مستقبل أسعار الذهب خلال الفترة القادمة؟ يعتبر سعر الذهب قد سجل مستويات قياسية خلال الشهر الجاري، بعدما تجاوز حاجز 4379 دولارًا للأوقية، لكنه تراجع من هذه المستويات المرتفعة خلال الأيام الأخيرة عقب تداول أنباء عن الاتفاق بين أمريكا والصين. كما شهدت البنوك المركزية زيادة ملحوظة في عمليات الشراء في الربع الثالث، حيث اشترت 220 طنًا صافيًا، ما يمثل زيادة قدرها 28% عن الربع السابق، وكان البنك الوطني الكازاخستاني هو الأكبر من بين المشترين في هذه الفترة، بينما أضاف البنك المركزي البرازيلي الذهب لأول مرة منذ عام 2021.
تأثير التوافق الأمريكي الصيني على أسعار الذهب
يقول محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمار، إن أي تهدئة للأوضاع العالمية، سواء بين الولايات المتحدة والصين أو في أي نزاعات تجارية أو عسكرية أخرى، تمثل إشارة سلبية لأسعار الذهب، حيث يعتبر الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه المستثمرون في حالات الأزمات، ولفت إلى أن الذهب شهد ارتفاعات قوية خلال الفترة الماضية نتيجة التوترات التي تسبب بها فرض الولايات المتحدة للرسوم الجمركية على العديد من الدول، مشيرًا إلى أن تهدئة هذه التوترات تدريجيًا قد تؤدي إلى هبوط أسعار المعدن النفيس، وفي الوقت نفسه، يمثل قرار خفض الفائدة على الدولار عاملاً داعمًا جديدًا للذهب، ولكنه يرى أن الأسواق تعاني من تباين في المؤشرات, حيث أن الثقة ما زالت محدودة في استقرار الأوضاع، بالرغم من التهدئة الأخيرة وانخفاض الرسوم الجمركية، وأشار إلى أن الأسواق مازالت تتعامل بحذر، لأن التجارب السابقة أثبتت أن تهدئة الأوضاع قد لا تدوم طويلًا، فالكثير من الأحيان تُعلن أمريكا عن تخفيف الجمارك ثم تعود لفرضها مرة أخرى بعد فترة قصيرة، وهو ما يعزز حالة عدم اليقين على المستوى العالمي، وأكد أن هذا الضبابية هي السبب في عدم انخفاض أسعار الذهب بشكل كبير بعد الاتفاق الأمريكي الصيني، وأوضح أنه في ظل حالة عدم اليقين الحالية، من المتوقع أن يتحرك الذهب في نطاق عرضي بين 3800 و4150 دولارًا للأوقية خلال الفترة المقبلة، حيث إن المستثمرين لم يعودوا يثقون تمامًا في القرارات السياسية والاقتصادية العالمية.
أوضاع دراماتيكية في سوق الذهب
أوضح أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أن الوضع الراهن في سوق الذهب يُعد “جنونًا اقتصاديًا” بسبب التحركات غير المنطقية المشوبة بالضبابية، كما أشار إلى أن التوقعات كانت تشير إلى انخفاض أسعار الذهب اليوم بشكل واضح عقب الاجتماع بين الولايات المتحدة والصين، ولكن ما حدث كان العكس، حيث ارتفعت الأسعار، مما يعكس رؤية المستثمرين بأن نتائج الاجتماع جاءت أقل من توقعاتهم، وأكد على أن استمرار أسعار الذهب في الارتفاع بعد اللقاء يعكس مخاوف المستثمرين من استمرار الخلاف الأمريكي الصيني، كما أضاف أن أي اتفاق بين الطرفين لن يكون دائمًا، بل هو مجرد تهدئة مؤقتة، حتى لو تم الاتفاق اليوم، فمن الممكن أن يعود الخلاف مجددًا بعد شهر أو اثنين، حيث يسعى كل طرف للهيمنة على الاقتصاد العالمي، وأشار إلى أن الاتجاه العام للذهب لا يزال صاعدًا على المدى الطويل، حيث أن العوامل الأساسية التي تدعم ارتفاع الأسعار ما زالت قائمة، مثل ارتفاع الدين الأمريكي الذي تجاوز 38 تريليون دولار، واستمرار الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى توجه الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة، حتى وإن لم يُشر إلى ذلك بصورة واضحة في الاجتماع الأخير، كما أوضح معطي أنه لم يقدم اجتماعي الفيدرالي الأمريكي واللقاء بين أمريكا والصين صورة واضحة للأسواق، حيث لا يمكن وصفهما بالنقاط الإيجابية أو السلبية كليهما في المنتصف، وأشار إلى أن الفيدرالي نفسه أوضح في بيانه أن التوقعات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة تعاني حالة من الضبابية، ونصح المواطنين الذين يدخرون أموالهم في الذهب على المدى الطويل بالاستمرار في ذلك، حيث أن الاتجاه العام لا يزال نحو الارتفاع، لكنه حذر من المضاربة على المدى القصير، قائلًا: “الذهب سترتفع أسعاره على المدى الطويل، لكن لا أنصح بالشراء بهدف المكسب السريع أو باستثمار كامل رأس المال في الذهب.”
