خلافًا للاعتقاد الشائع بأن مشاهدة المسلسلات لساعات طويلة مضيعة للوقت وتسبب الخمول الذهني، توصل باحثون من جامعة جورجيا الأمريكية إلى نتائج مفاجئة، حيث أظهرت دراستهم أن هذه العادة قد تحفز الخيال وتعزز الذاكرة وتساعد على التغلب على ضغوط الحياة اليومية، وذلك بدلًا من أن تكون سببًا في تدهور القدرات العقلية كما يعتقد البعض
والأكثر أهمية، أن الأحداث والشخصيات التي نتابعها في هذه المسلسلات قد تترسخ في أذهاننا لفترة طويلة، لتصبح مصدرًا للإلهام في أحلام اليقظة والتفكير الإبداعي، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعبير عن الذات والابتكار
تأثير القصص على النفس البشرية
يشرح الدكتور جوشوا بالدوين، الباحث الرئيسي في الدراسة، أن البشر يميلون بالفطرة إلى حب القصص والروايات، وهذا الميل ليس مجرد تسلية، بل يلعب دورًا حيويًا في تلبية احتياجاتنا النفسية الأساسية، مثل الرغبة في التواصل مع الآخرين والشعور بالاستقلالية والأمان، وهذا ما يجعلنا ننجذب إليها بشدة
بناء عوالم عقلية متكاملة
تكمن الفائدة الأساسية للمشاهدة المكثفة في قدرتها على مساعدة المشاهدين على بناء عوالم عقلية متكاملة وغنية بالتفاصيل، حيث تستمر القصة في التطور والنمو حتى بعد انتهاء المسلسل، وتصبح هذه العوالم الخيالية ملاذًا آمنًا وفعالًا للتعامل مع الضغوط النفسية والتحديات التي تواجهنا في حياتنا اليومية، مما يجعلنا أكثر قدرة على المواجهة والتكيف
تعزيز القدرة على الربط والتحليل
يؤكد الباحثون أن المشاهدة المكثفة تساعد المشاهدين على ربط خيوط الحبكة المعقدة وتشكيل رؤية شاملة للقصة، خاصة في المسلسلات الطويلة التي تتضمن العديد من الشخصيات والأحداث المتداخلة، كما أن هؤلاء المشاهدين يميلون إلى مواصلة التفكير في القصص وتحليلها بعمق بعد انتهاء المشاهدة، وذلك على عكس أولئك الذين يشاهدون المحتوى بشكل متقطع ولا يمنحونه نفس القدر من الاهتمام والتفكير
تفاعل المشاهدين النشط مع القصص
يوضح بالدوين أن المشاهدين الذين يتابعون المسلسلات بشكل مكثف لا يكتفون بتلقي المحتوى بشكل سلبي، بل يشاركون بنشاط في عملية التفكير والتحليل حتى بعد انتهاء المشاهدة، إنهم يتوقون إلى التفاعل مع القصص والشخصيات واستكشاف معانيها ودلالاتها، حتى في اللحظات التي لا يكونون فيها أمام الشاشات، مما يدل على عمق تأثير هذه القصص في حياتهم
أهمية القصة في ترسيخ الذكريات
تعتمد فعالية هذه الآلية على قدرة القصة على البقاء عالقة في الذاكرة، حيث أكد معظم المشاركين في الدراسة أنهم يتذكرون ويتفاعلون بشكل خاص مع القصص التي أثارت مشاعرهم ووجدوا فيها معنى عميقًا، وبينما أظهرت النتائج أن المسلسلات التلفزيونية غالبًا ما تكون أكثر رسوخًا في الذاكرة مقارنة بالكتب، إلا أن ذلك لا يقلل من قيمة القراءة، فالقراء المتحمسون الذين ينهون كتابًا كاملًا في جلسات متواصلة قد يتمتعون بذاكرة أقوى للتفاصيل وفرصة أكبر للانغماس في القصة والتفاعل معها
المصدر: scitechdaily