
نجحت ميرا موراتي، مديرة التكنولوجيا السابقة في ” أوبن إيه آي “، في الحصول على تمويل قدره مليارا دولار لجولتها التمويلية الأولى لشركتها الناشئة الجديدة “ثينكينج ماشين” (Thinking Machine)، وذلك بالرغم من عدم الإعلان عن أي منتج أو خطة مستقبلية، مما أثار دهشة واستغراب الأوساط التقنية والاستثمارية، وأثار تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الدعم المالي الضخم لشركة لم تكشف بعد عن أوراقها الرابحة، وما إذا كانت هذه الثقة تعكس إيماناً بقدرات موراتي وفريقها أم أنها مجرد مقامرة محسوبة في سوق الذكاء الاصطناعي المتنامي.
وبحسب تقرير نشرته “رويترز”، بلغت قيمة الجولة التمويلية الأولية “البذرية” للشركة ملياري دولار، ما رفع قيمة الشركة إلى 12 مليار دولار، وذلك بعد أقل من 6 أشهر على تأسيسها ودون الكشف عن أي منتجات، مما يجعلها واحدة من الشركات الناشئة الأسرع نموًا في التاريخ.
ولا تكمن فرادة هذه الشركة في حجم التمويل الأولي فحسب، بل في الجهات المشاركة فيه أيضًا، إذ كشف تقرير “رويترز” عن مشاركة شركات كبرى مثل “إنفيديا” و”سيسكو” و”إيه إم دي”، وهي من بين كبار المستثمرين في وادي السيليكون، في تمويل الشركة، وذلك على الرغم من عدم وجود سجل أرباح سابق أو حتى منتج ناجح، فما السر وراء قدرة “ثينكينج ماشين” على جذب هذا القدر الهائل من التمويل في فترة قياسية؟
الاستثمار في الكفاءات البشرية
يؤكد تقرير صادر عن “فايننشال تايمز” أن التدفق الاستثماري الكبير إلى شركة “ثينكينج ماشين” يعكس تعطش الشركات والمستثمرين إلى شركات الذكاء الاصطناعي المتميزة والمبتكرة، حتى وإن كانت لا تزال في طور التكوين.
ويشير التقرير أيضًا إلى الثقة الكبيرة التي يوليها المستثمرون لميرا موراتي، ما يدفعهم إلى ضخ هذه الأموال في شركة غير معروفة نسبيًا ولا يتجاوز عمرها 6 أشهر، حيث تأسست في فبراير/شباط الماضي، إذ يبدو أن مجرد وجود موراتي على رأس الشركة كان كافيًا لجذب هذا التمويل الضخم.
ويذكر أن موراتي، البالغة من العمر 36 عامًا، قد تركت “أوبن إيه آي” في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد أن ساهمت في تطوير العديد من منتجات الشركة الناجحة والبارزة، بدءًا من نموذج الذكاء الاصطناعي ” شات جي بي تي ” وصولًا إلى أدوات إنشاء الصور والأصوات.
مصدر الصورة
كما عملت موراتي سابقًا في شركة “تسلا” كمديرة منتج على سيارة “موديل إكس” (Model X) وغيرها من منتجات الشركة، لكن أبرز محطاتها كانت انضمامها إلى الجبهة المعارضة لإدارة سام ألتمان في “أوبن إيه آي” والانقلاب عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حيث تولت منصب المدير التنفيذي المؤقت لحين عودة ألتمان إلى منصبه.
وتضم “ثينكينج ماشين” فريقًا متميزًا من الخبراء الذين عملوا سابقًا في “أوبن إيه آي”، بمن فيهم المؤسس المساهم جون شولمان، الذي شغل منصب الرئيس السابق للمشاريع الخاصة، والرئيس السابق للمشاريع الخاصة جوناثان لاشمان، ونائبا الرئيس السابقان باريت زوف وليليان وينج.
وبالتالي، يمكن القول إن الاستثمارات التي جمعتها الشركة كانت موجهة بالكامل إلى هؤلاء الأفراد الذين يعتبرون نخبة من علماء “أوبن إيه آي” وقادتها السابقين، بالإضافة إلى كونهم روادًا في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.
ويعلق أحد المستثمرين على التركيبة الفريدة للشركة الناشئة قائلاً إن فريق المؤسسين يضم مجموعة فريدة وذكية للغاية، ما يجعله على قناعة بأن هذه الشركة ستنجح وتحقق مكانة عالمية.
ما هو المجال الذي تعمل فيه شركة موراتي الجديدة؟
لا تزال المعلومات المتوفرة حول شركة موراتي الجديدة ونشاطها التجاري محدودة، إلا أن تقرير “فايننشال تايمز” يشير إلى أن الشركة أعلنت عند تأسيسها في فبراير/شباط عن سعيها إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي سهلة الفهم وقابلة للتخصيص لتلبية احتياجات المستخدمين، ويذكر مصدر آخر مطلع على الشركة أن موراتي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي العام، على غرار بقية شركات الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، تحافظ موراتي على سرية مشروعها الحالي، حتى أنها لم تكشف للمستثمرين عن طبيعة استثماراتهم، حيث أشار التقرير ذاته إلى أن بعض المستثمرين صرحوا بأن موراتي لم تطلعهم على أي تفاصيل حول المنتج الجديد أو الخطة المالية للشركة.
وبناءً على ذلك، يظل المنتج الذي تعتزم الشركة طرحه في المستقبل، أو الابتكار الفريد الذي جعلها تستحق 12 مليار دولار، مجهولًا حتى الآن، وقد لا تكشف موراتي عنه إلا بعد أن يصبح جاهزًا.
من ناحية أخرى، أكد تقرير “فايننشال تايمز” أن موراتي احتفظت بحق تصويت يتجاوز أصوات جميع المديرين الآخرين، وذلك لضمان سيطرتها على الشركة وقراراتها المصيرية بشكل كامل.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الاستثمار في شركة بناءً على وجود أحد مؤسسي “أوبن إيه آي” فيها، فقد سبق أن حدث ذلك في شركة “سيف سوبرإنتليجنس” (Safe Superintelligence) التي أسسها إيليا سوتسكيفر، المؤسس المشارك السابق في “أوبن إيه آي”، حيث وصلت قيمة الشركة إلى 32 مليار دولار دون وجود منتج واضح لها.