
مع ارتفاع درجات الحرارة عالميًا وتزايد التحذيرات من موجات الحر الشديدة، يتبادر إلى الذهن سؤال مهم: من هو مخترع التكييف، يثير الفضول معرفة من الشخص الذي أسهم في تخفيف معاناة البشرية أمام قسوة الطقس، وجعل العيش ممكنًا في أقسى البيئات
إنه المهندس والمخترع الأمريكي ويليس هافيلاند كارير، الذي ترك بصمة لا تُمحى في حياة الملايين، بفضل ابتكاره جهاز تكييف الهواء

مخترع التكييف
ويليس كارير، الذي يُعتبر الأب الروحي لتكييف الهواء الحديث، ولد في 26 نوفمبر 1876 في بلدة أنغولا بولاية نيويورك
على الرغم من عبقريته اللاحقة، واجه في طفولته صعوبة في فهم بعض المفاهيم البسيطة، مثل مسائل الكسور، مما دفع والدته إلى استخدام طريقة مبتكرة لتعليمه أساسيات الرياضيات، وذلك عن طريق تقسيم التفاح
لاحقًا، وبفضل منحة دراسية حكومية، التحق بجامعة كورنيل وتخرج منها عام 1901، حاصلاً على درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية

فكرة ملهمة غيرت العالم
في مطلع القرن العشرين، راودت كارير فكرة ملهمة، إذ تساءل عن إمكانية التعامل مع المناخ غير المريح بدلاً من الاستسلام له
لماذا لا يمكن تدفئة الهواء البارد أو ترطيبه عندما يكون شديد الحرارة، لجعل الأجواء أكثر اعتدالاً، كانت هذه التساؤلات بداية الحلم الذي حمله كارير
في عام 1902، نجح كارير في تحقيق حلمه، حيث قام بتطوير أول نظام كهربائي حديث لتكييف الهواء، مسجلاً بذلك إنجازًا يغلب تقلبات الطقس الحادة، سواء كانت حرًا أو بردًا

تأسيس شركة كارير للهندسة
في عام 1915، وخلال فترة الحرب العالمية الأولى، قررت شركة “بوفالو فورج” التوقف عن دعم قسم المناخ
برأس مال محدود قدره 32,600 دولار، كان هذا القرار دافعًا لقيام ويليس كارير، بمشاركة ستة من زملائه، بتأسيس شركة “كارير للهندسة”
هذه الشركة، التي بدأت بخطوات متواضعة، تطورت لتصبح واحدة من كبرى المؤسسات العالمية الرائدة في مجال أنظمة التدفئة والتبريد
اليوم، تضم الشركة أكثر من 43 ألف موظف، وتحقق مبيعات بمليارات الدولارات، مما يعكس نجاحها الكبير وتأثيرها في السوق العالمي
انتشار منتجات كارير وتأثيرها
في البداية، كانت منتجات كارير تستخدم حصريًا في المصانع، مثل مصانع الغزل والمكرونة والحلوى
مع دخول عشرينيات القرن الماضي، بدأ التكييف المنزلي ينتشر تدريجيًا، مما أحدث تحولًا كبيرًا في المجتمعات والاقتصاديات
فقد ساهم التكييف في تسهيل انتقال السكان إلى المناطق الحارة، التي كانت تعتبر سابقًا غير قابلة للإقامة بسبب الظروف المناخية القاسية

كارير يقدم نموذج “كوخ قطبي”
في العام 1939، وخلال مشاركته في المعرض العالمي، قدم كارير نموذجًا لـ “كوخ قطبي” مُكيَّف، مشيرًا بذلك إلى الدور المحوري للتكييف في تشكيل مستقبل حياة البشر
مع توسع أعماله، نقل كارير شركته إلى مدينة نيويورك في عام 1930، وبدأ في استكشاف الأسواق الآسيوية
أدى هذا التوجه إلى إنشاء شركات مشتركة مثل تويو كارير وسامسونج، مما عزز مكانة كوريا الجنوبية كأكبر سوق عالمي لأنظمة التكييف