أعلنت شركة «فورد» الشهيرة في صناعة السيارات الأميركية، عن قرار مفاجئ في السوق بإيقاف إنتاج طراز «إف 150 لايتنينغ» (F-150 Lightning) الكهربائي بشكل مؤقت، على الرغم من أنه كان يُنظر إليه كعنصر محوري في مشروع التحول الكهربائي للشركة، وقد كان هذا القرار اقتصادياً بحتاً، فالأرقام لم تتمكن من مواجهة الواقع.
حلم الكهرباء المستحيل
قدمت «فورد» هذا الطراز كأول شاحنة كهربائية بالكامل ضمن سلسلة (F-Series) الأسطورية، بقدرة سحب تتجاوز 4.5 طن، ومدى قيادة يصل إلى 515 كيلومتراً في الشحنة الواحدة، مع تسارع ينافس السيارات الرياضية في نفس الفئة، لكن رغم التميز التكنولوجي، كانت التكاليف المرتبطة بالتصنيع والحفاظ على الربحية مرتفعة جداً، مما جعل السيارة مبهرة في التصميم، لكنها خاسرة اقتصادياً.
لماذا توقفت F-150؟
- طلب أقل من التوقعات: رغم الحملة التسويقية الضخمة، لم تتجاوب السوق الأميركية بالزخم المطلوب، خصوصاً في فئة الشاحنات التي يعتمد ملاكها على الموثوقية ومدى القيادة الطويل.
- الخسائر التشغيلية: تكبد قسم (Model e) للسيارات الكهربائية خسائر تتجاوز 4 مليارات دولار في 2024، مما أجبر الشركة على مراجعة خطط الإنتاج وإيقاف المصنع مؤقتاً.
- ارتفاع تكاليف البطاريات والإنتاج: البطارية الواحدة لـ «إف 150 لايتنينغ» (F-150 Lightning) تُعتبر من الأغلى في فئتها، مما أدى إلى ارتفاع سعر السيارة النهائية، وبالتالي تجاوز تكلفتها للربحية المتوقعة.
- تحول الاستراتيجية نحو الهجينة: بدلاً من التخلي عن الكهرباء، اختارت فورد التركيز على الطرازات الهجينة التي تحقق طلباً أكبر وهوامش ربح أعلى، خاصة في الأسواق الأميركية.
المبيعات تكشف القصة
في عام 2024، باعت فورد حوالي 2.07 مليون سيارة في السوق الأميركية، بزيادة 4.2% عن عام 2023، حيث بلغ إجمالي مبيعات سلسلة (F-Series) حوالي 765,000 وحدة، في حين أن طراز «إف 150 لايتنينغ» (F-150 Lightning) حقق مبيعات بلغت 33,510 وحدات فقط، أي أقل من 5% من إجمالي مبيعات الفئة، بينما حققت النسخ العاملة بالبنزين والهجين أكثر من 730,000 وحدة خلال نفس الفترة، ومع حلول مطلع 2025، بدأت مؤشرات الطلب على الشاحنة الكهربائية بالتراجع، مما أثبت صحة قرار الشركة بتقليص الإنتاج.
الكهربائية أم البنزين؟
رغم الضجيج الإعلامي، يبقى الواقع في صالح البنزين والهجين، فالسيارات الكهربائية تعاني من تكاليف مرتفعة، وبنية شحن محدودة، وضعف العائد الربحي، بينما تظل النسخ التي تعمل بالبنزين والهجين أكثر رواجاً واستقراراً، مما يجعلها أكثر ربحية، وقد أدركت شركة «فورد» أن التحول الكهربائي ليس سباق سرعة، بل سباق مسافة، وأن الحفاظ على المكانة في السوق أهم من الاندفاع نحو المستقبل بخسائر.
قرار تجميد إنتاج «إف 150 لايتنينغ» (F-150 Lightning) لا يعد تراجعاً عن الكهرباء، بل هو إعادة ضبط الاستراتيجية، حيث تعود الشركة للجيل القادم من البطاريات منخفضة التكلفة، وتخطط لإعادة إطلاق النسخة المحدثة في عام 2026، مع تكنولوجيا أكثر نضجاً وربحية أعلى، وبشأن الوضع الاقتصادي، تُعتبر الخطوة منطقية، فالطلب الحالي لا يغطي التكاليف، والمستهلك الأميركي لم يتحول بالكامل إلى الكهرباء، مما دفع فورد لاختيار التباطؤ الذكي بدلاً من الخسارة السريعة.
