في عام 2006، شهدت القاهرة حدثًا فريدًا، عندما تم نقل تمثال الملك رمسيس الثاني في رحلة انطلقت من ميدان رمسيس بباب الحديد، وصولًا إلى متحف ميت رهينة، ومن ثم إلى موقعه الحالي في المتحف المصري الكبير، في واحدة من أصعب العمليات الهندسية على مر تاريخ مصر الحديث.
مهندس الفكرة الجريئة
كان وراء هذا الإنجاز المهندس المصري الراحل الدكتور أحمد محمد حسين، الذي ابتكر فكرة نقل التمثال واقفًا، رغم التحذيرات التي أطلقها الخبراء الأجانب، من المخاطر المرتبطة بذلك.
بدايات القصة
بدأت القصة عام 2004، حين تم اتخاذ قرار نقل التمثال بسبب تأثّره بالتلوث والاهتزازات، وأسند التنفيذ لشركة المقاولون العرب، حيث كانت جميع المقترحات تدور حول فك التمثال أو نقله ممددًا على شاحنة ضخمة، لكن المهندس أحمد حسين رأى أن هذا قد يشكل خطرًا على الأثر التاريخي.
فكرة النقل المبتكرة
عند استدعائه لتقييم المخاطر، قدم فكرته الجريئة: “التمثال يتنقل وهو واقف”، وقد قوبلت فكرته بالدهشة والرفض، فحتى ميل بسيط أثناء النقل كان كفيلًا بتحطيم التمثال الذي يزن 83 طنًا.
إثبات النظرية
إلا أن المهندس أحمد حسين أذهل الجميع وأثبت نظريته عمليًا من خلال تصميم نموذج مصغر جعل التمثال متوازنًا أثناء الحركة، وكأنه “يتأرجح بثبات”.
الإصرار على الفكرة
على الرغم من اعتراض بعض المسؤولين والخبراء الأجانب الذين اعتبروا الفكرة مستحيلة، أصر المهندس المصري على تنفيذها مؤكدًا في ذلك الوقت، أن المستحيل ليس في قاموس الشعب المصري.
التحدي الفرنسي
شكت شركة فرنسية في قدرة مصر على تنفيذ العملية، ورغم التحذيرات، صدر القرار بتنفيذ العملية خلال أربعة أشهر فقط.
التحضيرات الدقيقة
بدأت شركة المقاولون العرب تصنيع معدات خاصة وفق تصميمات أحمد حسين، وتمت التجارب بنجاح باستخدام نموذج مطابق للتمثال، قبل بدء العملية الفعلية باستخدام رافعة بسعة 475 طن.
لحظة النقل التاريخية
في صباح يوم النقل، تحول ميدان رمسيس إلى مشهد مهيب تابعته العالم بأسره، وتحرك التمثال ببطء واقفًا كما خطط المهندس العبقري أحمد حسين، ومع أول توقف بسيط تمايل قليلاً ثم استقر بثبات، لتحول لحظة الخوف إلى تصفيق ودهشة من الحاضرين.
نجاح العملية
بعد نجاح النقل، تجمعت الكاميرات حول الوزراء والمسؤولين، بينما وقف صاحب الفكرة في الظل، وعندما سأله أحد الصحفيين لمن يهدي هذا العمل، أجاب بهدوء: “مهديهوش لحد.. أهديه لنفسي، ولكل المهندسين المصريين والعرب.”
ختام القصة
اليوم، ومع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير، يقف رمسيس شامخًا كما أراده أحمد حسين، شاهدًا على عبقرية مهندس مصري آمن بأن العظمة لا تُنقل على الأكتاف، بل وهي واقفة، بكل فخر وثقة في عقل مصري لا يعرف المستحيل، ويستعرض اليوم السابع أبرز الصور لنقل تمثال رمسيس في هذا اليوم التاريخي.
