في تطور مأساوي هز الأوساط القضائية ومجتمع الألعاب الإلكترونية، تقدمت أم في الولايات المتحدة بدعوى قضائية ضد منصة الألعاب الشهيرة “روبلوكس” وشبكة التواصل الاجتماعي “ديسكورد”، محملة إياهما مسؤولية وفاة ابنها المراهق، المصاب بالتوحد، بعد أن أقدم على الانتحار، هذه القضية سلطت الضوء مجدداً على المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها الأطفال والمراهقون على هذه المنصات، وعلى المسؤولية القانونية والأخلاقية التي تقع على عاتق الشركات المشغلة، مما يثير تساؤلات حول آليات الحماية والسلامة المتوفرة، وفعاليتها في الحد من استغلال القاصرين عبر الإنترنت، كما يعيد فتح النقاش حول دور الأهل والمجتمع في مراقبة أنشطة الأبناء على الشبكة العنكبوتية، وتوعيتهم بمخاطرها المحتملة.
بحسب ما ورد في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، انتحر إيثان دالاس، البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، عقب تفاعلات مع مستخدم يُعرف باسم “نيت”، وهي مأساة أثارت صدمة واسعة النطاق.
خلفية القضية والاتهامات الموجهة
يُعتقد أن “نيت” هو تيموثي أكونور، البالغ من العمر 37 عامًا، والذي سبق أن واجه اتهامات جنائية تتعلق بـ”حيازة مواد إباحية للأطفال ونقل مواد ضارة للقصر”، وفقًا لتقرير الصحيفة الذي اطلعت عليه “العربية Business”، مما يضيف بعدًا أكثر قتامة لهذه القضية المأساوية.
تفاصيل العلاقة وتأثيرها على الضحية
قبل أربعة أشهر من انتحاره المأساوي في أبريل 2024، تحدث إيثان مع والدته عن هذه الحوادث، كاشفًا عن معاناته وتأثير هذه التفاعلات السلبية على حالته النفسية.
بدأ تقارب إيثان و”نيت” عبر منصة “روبلوكس” أثناء ممارسة لعبة إيثان المفضلة، ثم امتد إلى منصة “ديسكورد”، حيث يُزعم أن “نيت” استغل إيثان جنسيًا، مما أدى إلى تدهور حالته النفسية ونوبات غضب شديدة، وتعد هذه التفاصيل بمثابة شهادة دامغة على خطورة التلاعب بالأطفال عبر الإنترنت.
أبعاد قانونية وتداعيات محتملة
تُعتبر هذه الدعوى القضائية ربما الأولى من نوعها ضد “روبلوكس”، حيث تسلط الضوء على مسؤولية منصة الألعاب التي تضم عشرات الملايين من اللاعبين القاصرين، مما يضع ضغوطًا على الشركة لتوفير بيئة أكثر أمانًا لمستخدميها.
رد “روبلوكس” على الاتهامات
في بيان صدر ردًا على التقرير، صرح متحدث باسم “روبلوكس” بأن مشكلات سلامة الأطفال منتشرة في جميع أنحاء الصناعة، وأن الشركة تعمل باستمرار على تطوير ميزات أمان جديدة، مع الالتزام بمتطلبات إنفاذ القانون، لكن هذا البيان لم يقلل من حجم المخاوف المتزايدة بشأن سلامة الأطفال على المنصة.
التحديات التي تواجه “روبلوكس”
تضم “روبلوكس” أكثر من 40 مليون مستخدم دون سن 13 عامًا، وتسمح للكبار بالتواصل مع الأطفال عبر المحادثات الخاصة والصوتية، على الرغم من تطبيق بعض إجراءات الأمان مثل التحقق من العمر عبر الفيديو، ومع ذلك، لا تزال هذه الإجراءات غير كافية لحماية الأطفال من الاستغلال.
سوابق قضائية ومخاوف متزايدة
ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها “روبلوكس” شكاوى تتعلق بخطورة المنصة على اللاعبين القاصرين، ففي أغسطس، رفعت المدعية العامة لولاية لويزيانا، ليز موريل، دعوى قضائية تزعم أن “روبلوكس” لا “تُطبّق ضوابط السلامة الأساسية” لحماية مستخدميها القاصرين، مما يزيد الضغط على الشركة لتطبيق تدابير أكثر صرامة.
تأتي هذه الدعوى القضائية في أعقاب تحقيق مماثل بدأه المدعي العام لولاية فلوريدا، جيمس أوثماير، الذي طالب بإيضاحات بشأن تقارير تفيد بأن “روبلوكس” تعرض الأطفال لمحتوى ضار وأشخاص سيئي النوايا، مما يعكس القلق المتزايد بشأن سلامة الأطفال على المنصة.
خطوات “روبلوكس” لمواجهة الانتقادات
اتخذت “روبلوكس” بعض الخطوات لمواجهة هذه الادعاءات، بما في ذلك تشديد القيود على تجاربها، ومؤخرًا توسيع نطاق أداة تقدير العمر لتشمل جميع المستخدمين، ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت هذه الإجراءات كافية لحماية الأطفال من المخاطر المحتملة.