«جريمة في المنيا» .. بعد فك طلاسم المأساة: الكشف عن نوع المبيد الحشري القاتل الذي أودى بحياة 7 أفراد من عائلة واحدة

«جريمة في المنيا» .. بعد فك طلاسم المأساة: الكشف عن نوع المبيد الحشري القاتل الذي أودى بحياة 7 أفراد من عائلة واحدة

في فاجعة هزت أرجاء محافظة المنيا، وتحديدًا في مدينة دير مواس، فقدت أسرة ستة من أبنائها ورب الأسرة في ظروف مأساوية وغامضة في يوم السبت الماضي، الأمر الذي استدعى تدخل الجهات المعنية وفتح تحقيق شامل، تضمن فحوصات دقيقة للعينات المأخوذة من جثامين الضحايا، وبعد أيام من البحث والتحري، كشف تقرير الطب الشرعي عن السبب وراء هذه الوفاة الجماعية، وهو التسمم بمادة نادرة تعرف باسم الكلورفينابير (Chlorfenapyr)، وهو مبيد حشري مستورد لا ينتشر استخدامه على نطاق واسع في مصر، مما أضفى على القضية مزيدًا من التعقيد والغموض.

### ما هو الكلورفينابير؟ وكيف يؤثر على الجسم؟

وفقًا لتصريحات الدكتور محمود لطفي، أستاذ السموم الإكلينيكية في كلية طب عين شمس، يعتبر الكلورفينابير نوعًا من المبيدات الحشرية التي تستخدم في نطاق ضيق في المجال الزراعي، ويتميز هذا المبيد بخطورته البالغة، حيث يكون في صورته الأصلية غير فعال عند دخوله الجسم، لكنه يتحول إلى مادة نشطة بفعل العمليات الحيوية الداخلية، مما يؤثر بشكل مباشر على مختلف أجهزة الجسم.

وأشار الدكتور لطفي إلى أن هذا التحول البيولوجي يجعل الكلورفينابير أكثر فتكًا، حيث يبدأ تأثيره على المخ والجهاز العصبي المركزي، بالإضافة إلى الجهاز الهضمي، مما يتسبب في اضطرابات خطيرة تتطور تدريجيًا لتصبح قاتلة.

### أعراض التسمم بالكلورفينابير الذي أودى بحياة الأطفال

تتجلى أعراض التسمم بهذه المادة في صورة ارتفاع حاد في درجة الحرارة، قيء مستمر، واضطراب في الوعي، ثم تتفاقم الحالة لتشمل هبوطًا حادًا في الدورة الدموية والجهاز التنفسي، وصولًا إلى الغيبوبة والوفاة، ومما يزيد من خطورة هذه المادة عدم وجود ترياق معروف لها حتى الآن، علمًا بأن الجرعة القاتلة منها لا تتجاوز نصف جرام، وهي كمية ضئيلة كافية لإنهاء حياة شخص بالغ.

أقرأ كمان:  «رقابة صارمة» الهيئة الوطنية للانتخابات تفعل لجان رصد مخالفات الدعاية بانتخابات مجلس الشيوخ

وأضاف الدكتور لطفي أن تشخيص التسمم بالكلورفينابير يمثل تحديًا كبيرًا، نظرًا لتشابه أعراضه الأولية مع أنواع أخرى من التسمم، إلا أن تحليل هذه المادة يستلزم أجهزة فائقة الدقة لا تتوفر إلا في المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة أو مصلحة الطب الشرعي، مما يجعل اكتشافه في الوقت المناسب أمرًا صعبًا للغاية في معظم الحالات.

### كيف تم الكشف عن السم في جثامين الضحايا؟

في ظل تعقيد القضية وتشابه الأعراض، تم تشكيل فريق من خبراء السموم من جامعتي الإسكندرية وعين شمس، وعقدت اجتماعات مكثفة أدت إلى الاشتباه في هذه المادة النادرة، وتمت مقارنة الأعراض بحالة مماثلة وقعت سابقًا في محافظة البحيرة، وتبين وجود تطابق كبير بينهما، مما ساهم في الوصول إلى التشخيص الصحيح.

وقد اعتبرت هذه القضية بمثابة تحدٍ علمي وطبي، نظرًا لحداثة المادة وعدم قدرة معظم التحاليل التقليدية على كشفها، مما يؤكد أهمية تطوير أنظمة الرصد والتحليل السمومي في مصر، خاصة مع تزايد استخدام المواد الكيميائية المستوردة.