«خلافات تكنولوجية متصاعدة» بكين تحذر من استخدام تيك توك لخوارزميات صينية في أمريكا

أعلنت بكين أن النسخة الأميركية من تطبيق تيك توك، والتي ستنتج عن صفقة بيع محتملة لأعمال التطبيق في الولايات المتحدة لمستثمرين أميركيين، تحت إشراف الرئيس السابق دونالد ترامب، ستعتمد على خوارزمية صينية مملوكة لشركة “بايت دانس” الأم للتطبيق.

وأكد وانغ جينغ تاو، نائب مدير إدارة الفضاء السيبراني في الصين، في تصريحات صحفية، أن المسؤولين الأميركيين والصينيين توصلوا إلى اتفاق إطاري يشمل “ترخيص الخوارزمية وحقوق ملكية فكرية أخرى”، مما يفتح الباب أمام استمرار استخدام التكنولوجيا الصينية في النسخة الأميركية من التطبيق.

وأضاف وانغ جينغ تاو أن شركة بايت دانس ستتولى “إسناد تشغيل بيانات مستخدمي تيك توك في الولايات المتحدة وأمن المحتوى”، دون تقديم تفاصيل إضافية، وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز.

خوارزمية تيك توك.. محور خلاف جيوسياسي

لطالما كانت خوارزمية التوصية القوية لتطبيق تيك توك، محورًا للجدل الجيوسياسي، خاصة منذ عهد إدارة ترامب الأولى، حيث فرضت بكين قيودًا على تصدير الخوارزميات بهدف إحباط أي محاولة لبيع التطبيق قسرًا، وذلك حفاظًا على مصالحها التكنولوجية.

تعتبر خوارزمية الذكاء الاصطناعي، هي السر وراء قدرة التطبيق على تقديم مقاطع فيديو مخصصة ومسببة للإدمان للمستخدمين، مما أثار مخاوف لدى المتشددين في قضايا الأمن القومي من إمكانية التلاعب بها لنشر دعاية صينية أو مواد استقطابية بين المستخدمين.

أصر المسؤولون الأميركيون على ضرورة أن تضمن أي صفقة فصل خوارزمية توصيات تيك توك بشكل كامل عن شركة بايت دانس، محذرين من أن استمرار التعاون قد يسمح لبكين بالحفاظ على نفوذها على المحتوى الذي يشاهده المستخدمون الأميركيون، مما يعرض الأمن القومي للخطر.

ولا يزال الغموض يحيط بمدى سيطرة الشركة الصينية الأم لتيك توك على الخوارزمية في الولايات المتحدة كجزء من اتفاقية الترخيص، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التطبيق وعلاقته بالصين.

موقف الصين من الصفقة المحتملة

أكد لي تشنغ قانغ، ممثل التجارة الدولية للصين بوزارة التجارة ونائب وزير التجارة، أن الصين ستعمل بقوة على حماية المصالح الوطنية والحقوق المشروعة للشركات الصينية، وأنها ستوافق على تصدير التكنولوجيا وفقًا للقوانين واللوائح ذات الصلة، كما أكد احترام الحكومة الصينية لإرادة الشركات ودعمها في إجراء مفاوضات تجارية متوازنة، وذلك بحسب وكالة شينخوا الصينية للأنباء.

في المقابل، كشف مستثمر في شركة بايت دانس، مقيم في آسيا، أن الكيان الأميركي الجديد لتيك توك سيستخدم جزءًا على الأقل من الخوارزمية الصينية، ولكنه سيقوم بتدريبها في الولايات المتحدة على بيانات المستخدمين الأميركيين، وذلك وفقًا لصحيفة فاينانشال تايمز.

وأشار المستثمر إلى أن صفقة الترخيص هي الأهم بالنسبة لبكين، موضحًا أن “بكين تريد أن يُنظر إليها على أنها تُصدر التكنولوجيا الصينية إلى الولايات المتحدة والعالم”، مما يعكس رغبة الصين في تعزيز مكانتها كقوة تكنولوجية عالمية.

تطورات المفاوضات بين الطرفين

توصل مسؤولون أميركيون وصينيون إلى اتفاق إطاري، وذلك بعد يومين من المحادثات التي جرت في مدريد، بهدف التوصل إلى اتفاق يسمح ببقاء التطبيق الصيني متاحًا في الولايات المتحدة، مع مراعاة المخاوف الأمنية التي أثارتها الإدارة الأميركية.

وأفاد مصدر مطلع بأن تيك توك كان يعمل على تطوير تطبيق أميركي مستقل تحسبًا للتوصل إلى اتفاق، مع الحرص على ضمان بقاء المحتوى الذي ينشئه المستخدمون الأميركيون متاحًا للمستخدمين في تطبيق “بقية العالم” والعكس صحيح، مما يسلط الضوء على أهمية الحفاظ على تجربة المستخدم العالمية.

ولا تزال تفاصيل الصفقة الحالية غير واضحة، وما إذا كانت ستتوافق مع المقترح الذي تم الكشف عنه في أبريل الماضي، مما يترك الباب مفتوحًا أمام التكهنات حول الشكل النهائي للاتفاق.

مقترح أبريل الماضي.. هل يكون نقطة الانطلاق؟

في أبريل الماضي، وقبل انتهاء المهلة الممنوحة لشركة بايت دانس لبيع أعمال تيك توك في الولايات المتحدة آنذاك، كان البيت الأبيض على وشك التوصل إلى اتفاق يقضي بتحويل تيك توك في الولايات المتحدة إلى شركة تتلقى استثمارات جديدة، مما قد يقلل من حصص المستثمرين الصينيين، ويمنح المستثمرين الأميركيين حصة أكبر في التطبيق.

بموجب شروط تلك الصفقة، كان من المقرر أن يمتلك مستثمرون، من بينهم أندريسن هورويتز وبلاكستون، حوالي نصف أعمال تيك توك في الولايات المتحدة، بينما كان من المقرر أن يمتلك مستثمرون كبار حاليون، من بينهم جنرال أتلانتيك وساسكويهانا وكيه كيه آر، حوالي 30% من الكيان الجديد، مما يعكس رغبة الولايات المتحدة في تقليل النفوذ الصيني على التطبيق.

ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن مصادر مطلعة أنه من المتوقع انضمام مستثمرين جدد إلى هذا التحالف بعد انسحاب بعض المستثمرين مثل بلاكستون، مما يشير إلى أن هيكل الملكية قد يشهد تغييرات في المستقبل.

تحديات تواجه الصفقة المحتملة

يرى بعض المحللين أنه يجب أن تُشغّل الخوارزمية بالكامل من قِبل الكيان الأميركي لتلبية متطلبات قانون سحب الاستثمارات أو الحظر الذي وقّعه الرئيس السابق جو بايدن العام الماضي، وهو ما من شأنه أن يحول دون إبرام صفقة ترخيص مع بايت دانس، وذلك لضمان استقلالية التطبيق عن التأثيرات الصينية.

ومع ذلك، يمنح القانون الرئيس الأميركي صلاحية تحديد ما إذا كانت بايت دانس قد تخلّت بالكامل عن تيك توك، مما يمنح ترامب سلطة الموافقة على الصفقة، ويجعله اللاعب الرئيسي في تحديد مستقبل التطبيق في الولايات المتحدة.