«مصير معلق» صفقة بيع “تيك توك” بين واشنطن وبكين تصطدم بتحديات جمة

تحيط اتفاقية إطارية أُعلن عنها مؤخرًا بين الولايات المتحدة والصين، بشأن مستقبل تطبيق الفيديوهات القصيرة “تيك توك”، العديد من التساؤلات والعقبات المحتملة، وتتمحور هذه التحديات حول إمكانية نقل ملكية التطبيق ليصبح أميركيًا، ومدى توافق أي اتفاق نهائي مع القانون الذي تم إقراره في عام 2024.

أعلن مسؤولون من كلا البلدين عن التوصل إلى اتفاق مبدئي في مدريد، عقب محادثات تجارية، إلا أنهم لم يكشفوا عن تفاصيل حاسمة، ولم يقدموا إجابات واضحة على أسئلة محورية، مثل موافقة الصين على نقل ملكية الخوارزمية المعقدة، التي تكمن وراء الشعبية الهائلة التي يحظى بها التطبيق بين 170 مليون مستخدم أميركي، وذلك بحسب ما ذكرته وكالة “رويترز”.

وبالإضافة إلى ذلك، يثير هذا الاتفاق تساؤلات حول مدى تأثيره على المنافسة في سوق وسائل التواصل الاجتماعي، وهل سيؤدي إلى ظهور منصات جديدة تنافس “تيك توك”، أم سيعزز من هيمنة الشركات الكبرى القائمة.

ما مصير خوارزمية “تيك توك”؟

خلال المفاوضات السابقة، أبدت السلطات الصينية معارضة شديدة لفكرة السماح بتصدير خوارزمية التوصية الخاصة بـ”تيك توك”، والتي تعتبر على نطاق واسع جوهر أصول شركة “بايت دانس” المالكة للتطبيق، والمحرك الرئيسي وراء انتشاره العالمي، لذا فإن مصير هذه الخوارزمية يمثل نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات الحالية.

وفي عام 2020، عندما ضغطت إدارة الرئيس دونالد ترامب لأول مرة لبيع أعمال “تيك توك” في الولايات المتحدة، قامت الصين بتحديث قوانينها المتعلقة بمراقبة الصادرات لتشمل تقنيات مثل خوارزميات التوصية، ومنحت الحكومة بذلك سلطة حاسمة على أي عملية نقل لهذه التقنيات.

هل يحتاج الاتفاق إلى موافقة الكونغرس؟

قد يتطلب أي اتفاق نهائي بشأن “تيك توك” الحصول على موافقة الكونغرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، والذين سبق لهم إقرار قانون في عام 2024، يلزم شركة “بايت دانس” ببيع “تيك توك” أو مواجهة حظر في الولايات المتحدة، ويأتي هذا الإجراء نتيجة للمخاوف المتزايدة بشأن إمكانية وصول الحكومة الصينية إلى بيانات مستخدمي “تيك توك” في أميركا، وهو ما قد يسمح لبكين بالتجسس على المواطنين الأميركيين أو تنفيذ عمليات تأثير من خلال التطبيق، لذا فإن موافقة الكونغرس تعتبر حاسمة لإتمام الصفقة.

ومنذ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، قام الرئيس الأميركي ترامب بتمديد الموعد النهائي لتطبيقه ثلاث مرات، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية الإدارة الأميركية في تنفيذ القانون.

في المقابل، جادل بعض المشرعين الديمقراطيين بأن ترامب لا يملك السلطة القانونية لتمديد الموعد النهائي، وأشاروا إلى أن صفقة سابقة كانت قيد الدراسة في أبريل لن تفي بالمتطلبات القانونية.

وفي خطوة أخرى، أرسلت المدعية العامة بام بوندي في فبراير الماضي رسائل إلى شركات كبرى مثل “أبل” و”غوغل”، وغيرها من الشركات التي تقدم خدمات أو تستضيف “تيك توك”، وأبلغتهم فيها بأن وزارة العدل تتخلى عن أي دعاوى تتعلق بانتهاكات محتملة للقانون، وتم نشر هذه الرسائل في يونيو.

وأكد مساعد في الكونغرس، في تصريح لوكالة “رويترز” يوم الاثنين، أن المشرعين يعتزمون التدقيق في أحدث صفقة عند إعلانها، للتأكد من توافقها مع القانون.

هل ستحتفظ الصين بحصة ملكية في “تيك توك”؟

تعتبر مسألة احتفاظ شركة “بايت دانس” بحصة ملكية في “تيك توك” في الولايات المتحدة بعد إتمام الصفقة، من بين النقاط الخلافية الرئيسية، فهل ستتخلى الشركة الصينية عن جميع حصصها في التطبيق؟.

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت الصين ستمتلك حصة في “تيك توك”، قال ترامب في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض: “لم نقرر ذلك بعد، ولكنه يبدو لي، وسأتحدث مع الرئيس شي يوم الجمعة لتأكيد ذلك”.

وفي السياق ذاته، صرح رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، توم كوتون، في أبريل الماضي، بأنه يتعين على المستثمرين الأميركيين الراغبين في شراء “تيك توك” قطع جميع العلاقات مع الصين.

ويشمل المساهمون الحاليون في “بايت دانس” شركات أميركية بارزة، مثل مجموعة سسكويهانا الدولية، و”جنرال أتلانتيك”، و”كي كي آر”، و”أندريسن هورويتز”، مما يزيد من تعقيد عملية نقل الملكية.

وفي حال رفض الكونغرس أحدث صفقة، قد تكون الخيارات المتاحة أمام ترامب محدودة، ففي يناير الماضي، قضت المحكمة العليا بالإجماع بأن القانون الذي أقره الكونغرس بأغلبية ساحقة من الحزبين العام الماضي، ووقعه الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، لا ينتهك حماية التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة من تقييد الحكومة لحرية التعبير.

من سيسيطر على “تيك توك” بعد الصفقة؟

يتوقع المسؤولون أن تكون الصفقة النهائية لـ”تيك توك” مشابهة إلى حد كبير للصفقة السابقة التي تم تحديدها في أبريل، والتي كانت تقضي بفصل عمليات “تيك توك” في الولايات المتحدة إلى شركة جديدة مقرها الولايات المتحدة، مملوكة بأغلبية ومدارة من قبل مستثمرين أميركيين.

وقد تعثرت هذه الصفقة بعد أن ألمحت الصين إلى أنها ستمتنع عن الموافقة عليها، عقب إعلانات ترامب عن فرض رسوم جمركية باهظة على السلع الصينية، ولا يزال الهيكل الدقيق للملكية الجديدة المتوقعة غير واضح.