
أصدرت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة قرارًا هامًا هذا الأسبوع، يمهد الطريق أمام الدول لرفع دعاوى قضائية ضد بعضها البعض بشأن الآثار المترتبة على تغير المناخ وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري التاريخية، مما يفتح فصلًا جديدًا في محاسبة الدول عن مسؤولياتها البيئية، ويعزز الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، ويشكل سابقة قانونية قد يكون لها تأثير كبير على السياسات البيئية الدولية مستقبلًا
ووفقًا لموقع “Phys”، فإن قرار محكمة العدل الدولية هو رأي استشاري غير ملزم، يهدف إلى تقديم المشورة للأمم المتحدة، إلا أن سونيا إي رولاند، أستاذة القانون في جامعة نورث إيسترن، ترى أنه سيكون له وزن سياسي كبير، وسيستخدم في قضايا المحاكم حول العالم، ليصبح بذلك رأيًا تاريخيًا له تأثير ملموس على القضايا البيئية الدولية
الأهمية الشاملة للقرار
وتؤكد رولاند على أن المحكمة اعتمدت نهجًا شاملاً تجاه آثار تغير المناخ على نطاق واسع من حقوق والتزامات الدول، بالإضافة إلى حقوق الإنسان الفردية والجماعية، مما يجعله قرارًا لافتًا للنظر بكل المقاييس
خلفية إصدار القرار
أصدر قضاة المحكمة الخمسة عشر رأيهم بالإجماع بعد جلسة استماع استمرت أسبوعين في ديسمبر، بناءً على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث طُلب من محكمة العدل الدولية النظر في التزامات الدول بموجب المعاهدات الدولية لحماية المناخ من غازات الاحتباس الحراري، وكذلك العواقب المترتبة على التسبب في أضرار مناخية
موقف الدول من اتفاقية باريس
جادلت دول مثل الولايات المتحدة، من كبار منتجي الوقود الأحفوري، بأن اتفاقية باريس للمناخ كافية لمعالجة آثار تغير المناخ، بينما رأت دول أخرى أن الاتفاقية غير قابلة للإنفاذ، وأن هناك حاجة إلى اتخاذ المزيد من التدابير لمواجهة تصاعد ظاهرة تغير المناخ، مما يعكس التباين في وجهات النظر حول فاعلية الاتفاقية في تحقيق أهدافها المناخية
مطالبات بالتعويضات
طالبت بعض الدول، مثل دول جزر المحيط الهادئ، بأن تدفع الدول التي تُنتج أكبر قدر من الانبعاثات تعويضات للدول الأكثر تضررًا من تغير المناخ، مما يسلط الضوء على قضية العدالة المناخية وتوزيع الأعباء بين الدول المتسببة في المشكلة وتلك التي تعاني من تبعاتها
التزامات الدول ومنع الضرر البيئي
أكد القضاة أن كل دولة ملزمة بمنع إلحاق ضرر جسيم بالبيئة، بغض النظر عن توقيعها على معاهدة محددة، وأن عدم اتخاذ أي إجراء سيُعد “فعلًا غير مشروع دوليًا”، مما يضع مسؤولية عالمية على عاتق جميع الدول لحماية البيئة والمناخ
مسؤولية الشركات
أوضحت محكمة العدل الدولية أن مسؤوليات الدولة تجاه المناخ تمتد أيضًا إلى سلوك الشركات الخاضعة لولايتها القضائية، مما يوسع نطاق المساءلة ليشمل القطاع الخاص ويحث الشركات على تبني ممارسات صديقة للبيئة
تحديد المساهمات في الانبعاثات
أكدت المحكمة أنه من الممكن علميًا تحديد إجمالي مساهمة كل دولة في الانبعاثات العالمية، على الرغم من أن تغير المناخ ناتج عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التراكمية، مما يتيح إمكانية تتبع المسؤولية وتوزيعها بشكل أكثر دقة
دمج الحقائق العلمية في القانون الدولي
أشار رولاند إلى أن المحكمة أدرجت الحقائق الأساسية المتعلقة بتغير المناخ في القانون الدولي، مؤكدة أن هذه الحقائق، المتوافقة مع الإجماع العلمي، تُرفع الآن إلى مستوى الحقائق القانونية النافذة، مما يعزز مكانة العلم في صياغة السياسات والقوانين البيئية
الربط بين حقوق الإنسان وتغير المناخ
أبرز رولاند أن قرار المحكمة يربط صراحةً بين حقوق الإنسان وتغير المناخ، وهو ما يمثل انتصارًا كبيرًا للمحامين والناشطين البيئيين، ويعزز مفهوم أن حماية البيئة هي جزء لا يتجزأ من حماية حقوق الإنسان