غدًا الأحد، ينطلق العام الدراسي الجديد بحماس وترقب، حيث يعود إلى مقاعد الدراسة ما يقارب 25 مليون تلميذ وطالب في مختلف مراحل التعليم العام والفني، بالإضافة إلى نحو 3 ملايين طالب وطالبة في الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية والتكنولوجية، وفروع الجامعات الدولية والمعاهد العالية.
هذا العام يحمل في طياته آمالًا كبيرة وتغييرات جذرية، خاصة في مراحل التعليم العام، حيث سيكون الحضور الفعلي للطلاب والمعلمين في المدارس هو السمة البارزة، بعد فترة طويلة شهدت عزوفًا ملحوظًا بسبب الدروس الخصوصية التي استمرت لعقود، وبعد أن تجاوزت نسبة الحضور في العام الماضي 85%، من المتوقع أن ترتفع هذا العام لتتجاوز 90%، وذلك بفضل الضوابط التي وضعتها وزارة التربية والتعليم بهدف استعادة الدور التربوي للمدرسة قبل التعليمي، والذي فقدته على مر السنوات الماضية، سواء في مجال التربية والتنشئة والتثقيف وبناء الشخصية، ثم التعليم، بعد أن تحول التعليم إلى “تعليم موازٍ” في السناتر ومراكز الدروس الخصوصية، ولكن هذا العام، الوضع سيكون مختلفًا تمامًا.
من المتوقع أن تنحسر الدروس الخصوصية بشكل كبير، خاصة مع عودة الطالب والمدرس إلى المدرسة، مما سيساهم بشكل غير مباشر في تقليل الوقت الذي كان يقضيه الطالب في الدروس الخصوصية، والتي كانت تبدأ من الصباح الباكر وحتى منتصف الليل.
المدرسة بحُلة جديدة
المدرسة هذا العام ستكون مختلفة تمامًا، فالكتب الدراسية ستكون متوفرة للطلاب منذ اليوم الأول، وهو أمر لم يحدث منذ سنوات طويلة، ولن يتم ربط تسليم الكتب بسداد الرسوم الدراسية، حيث قررت الوزارة أن يتم سداد هذه الرسوم، خاصة في المدارس التجريبية، على مدى 4 دفعات طوال العام الدراسي.
متابعة الحضور والغياب إلكترونيًا
سيتم تسجيل الحضور والغياب يوميًا وإلكترونيًا، وسيتم إرسال البيانات من المدرسة إلى الإدارة المركزية بالوزارة بشكل فوري.
تقليل كثافة الفصول
لن تتجاوز كثافة الفصول هذا العام 50 طالبًا، ولن يكون هناك نقص في أي من مدرسي المواد الأساسية على مستوى الدولة.
صلاحيات جديدة لمديري المدارس
سيكون مدير المدرسة مسؤولاً عن جميع الأنشطة التي يتم القيام بها يوميًا، وسيتمتع بصلاحيات واسعة لاتخاذ القرارات المتعلقة بالدراسة، وسيكون مسؤولاً أمام الوزارة عن أي تقصير.
تطوير المناهج الدراسية
تم الانتهاء من تطوير 94 مقررًا دراسيًا في مختلف المراحل التعليمية، بمناهج جديدة تتفق مع ما يتم تدريسه في معظم الدول المتقدمة وتلبي متطلبات سوق العمل، كما أن تطوير هذه المناهج والمقررات الجديدة تم وفق خطة شاملة تراعي المعايير الدولية الحديثة، وتستهدف بناء شخصية الطالب وتنمية مهارات التفكير النقدي والإبداعي، إلى جانب الارتقاء بالتحصيل العلمي، ولأول مرة منذ عقود، أصبحت جميع حقوق الملكية الفكرية للمناهج مملوكة للدولة المصرية ممثلة في وزارة التربية والتعليم، بعد الإطاحة بالمؤلفين الخارجيين الذين كانوا يتقاضون مبالغ ضخمة جراء تأليف هذه المناهج، وبما يتمشى مع توجهاتهم هم وليس توجهات الدولة أو الوزارة.
سيتم إتاحة جميع المناهج الجديدة بنسختها الرقمية عبر الموقع الرسمي للوزارة، لتكون متاحة أمام المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، بما يُسهّل الوصول إلى المحتوى التعليمي في أي وقت.
جميع الكتب المدرسية تابعة للوزارة فقط، ولن يُسمح بشراء أي كتاب من خارجها، كما انتهت الوزارة من توفير كتب مطبوعة للتقييمات في جميع المواد الدراسية، كخطوة جديدة تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية والمعنوية عن الأسر المصرية، وتوحيد أدوات التقييم على مستوى الجمهورية.
تدريس الرياضيات على الطريقة اليابانية
سيتم تدريس منهج جديد للرياضيات لطلاب الصف الأول الابتدائي، مثلما يتم تدريسه في المدارس اليابانية بالضبط، وقد وضعه خبراء يابانيون بالتعاون مع خبراء مصريون، خاصة وأن اليابان تعتبر من أفضل دول العالم في تعليم الرياضيات.
إدخال الذكاء الاصطناعي للمرحلة الثانوية
لأول مرة هذا العام وبالتعاون مع اليابان أيضًا، سيتم تدريس مادة الذكاء الاصطناعي لطلاب الصف الأول الثانوي بنوعيه، سواء طلاب شهادة البكالوريا أو الثانوية العامة بشكلها التقليدي الحالي، وذلك بالتعاون مع إحدى الشركات اليابانية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي من خلال منصة إلكترونية يتم من خلالها تعلم الطالب ذاتيًا على الذكاء الاصطناعي مثلما يتم مع الطلاب اليابانيون أنفسهم، وستكون هذه المادة خارج المجموع لكنها ستكون شرط نجاح، وسوف تنقسم هذه المادة إلى ثلاثة أجزاء:
* الأول عن تكنولوجيا المعلومات، وسيقوم بتدريسه المدرسون المصريون المتخصصون في الحاسبات والمعلومات والكمبيوتر.
* الجزء الثاني خاص بالبرمجة، وذلك من خلال المنصة اليابانية.
* الجزء الثالث من خلال المنصة اليابانية أيضًا عن الذكاء الاصطناعي، وسيكون التعلم في هذه المادة وامتحاناتها بالنسبة للجانب الياباني “أون لاين” فيما يخص البرمجة والذكاء الاصطناعي، وورقيًا بالنسبة لما سيقوم المدرسون المصريون بتدريسه عن “تكنولوجيا المعلومات”، وسيقوم الجانب الياباني بإصدار شهادة برمجة لكل طالب يجتاز امتحانات هذه المادة على مدى الفصلين الدراسيين، وستكون هذه الشهادة بمثابة إقرار بأن من سيحصل عليها أصبح في دور “مبرمج مبتدئ”، تتيح له استكمال دراسته في هذا المجال والتوسع فيها ليتعامل تطبيقًا مع كثير من الشركات المحلية والعالمية “عن بعد” في مجال البرمجة والذكاء الاصطناعي، خاصة وأن هذا التخصص أصبح متداخلاً في جميع تخصصات الأنشطة والتطبيقات المختلفة في دول العالم في كل المجالات الطبية والهندسية والاجتماعية والاقتصادية، وكل شيء، وأصبح الإلمام به ضرورة لا غنى عنها.
شهادتان في المرحلة الثانوية
سيبدأ العام الجديد وبه لأول مرة شهادتان في المرحلة الثانوية، الأولى هي شهادة البكالوريا الجديدة والتي أقرها البرلمان بقانون وسيبدأ تطبيقها بدءًا من هذا العام وسيكون الالتحاق بها اختياريًا طبقًا لنص القانون الذي صدرت به بالتوازي مع شهادة الثانوية العامة التقليدية، لكنها ستتيح لكل من سيلتحق بها عدة مميزات من بينها وجود أربعة مسارات بهذه الشهادة بعد انتهاء الدراسة بالسنة الأولى وهي مسارات: الطب وعلوم الحياة، الهندسة والحاسبات، الأعمال، الآداب والفنون، وستتيح لكل من سيختار الدراسة فيها إمكانية التحسين في أي عدد من موادها، وستكون أقرب إلى ما يتم تطبيقه بالشهادات الأجنبية المعترف بها دوليًا مثل الشهادة الإنجليزية والدبلومة الأمريكية والأبيتور الألمانية، وستتيح للطلاب أيضًا أن يغير مساره وقتما شاء إذا تعثر في مسار فيها، كما أن عدد المواد بها لن يزيد عن 6 مواد على مدار العامين (الصفين الثاني والثالث الثانوي)، حيث لن تزيد عدد مواد الصف الثاني عن 4 مواد والصف الثالث عن مادتين فقط.
إلزام المدارس الدولية بتدريس مواد الهوية الوطنية
سيشهد العام الدراسي الجديد شكلاً جديدًا أيضًا من الدراسة بالمدارس الدولية سيتم تنفيذه بهذه المدارس لأول مرة هذا العام، حيث سيتم إلزام جميع المدارس الدولية بتدريس مادة اللغة العربية لطلاب مرحلة رياض الأطفال بهذه المدارس، كما ستلتزم هذه المدارس أيضًا بتدريس مادتي اللغة العربية والتربية الدينية لطلاب الصفوف من الأول وحتى الثالث الابتدائي، ثم تدريس مواد اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والتربية الدينية بدءًا من الصف الرابع وحتى الصف التاسع أو ما يعادلهم، ثم استمرار تدريس مادة اللغة العربية والتاريخ والتربية الدينية في المرحلة الثانوية أيضًا.
نعم، سيبدأ التطبيق بدءًا من السنة الأولى الابتدائي هذا العام على أن يتم تدريس مادة التربية الدينية لجميع المراحل حتى شهادة الثانوية العامة بدءًا من الصف الأول الابتدائي لكن لن تضاف درجات هذه المادة للمجموع في أي سنة دراسية لكنها ستكون شرط نجاح، ولابد للتلميذ أو الطالب أن يحقق فيها نسبة نجاح 70% على الأقل في امتحاناتها.
أما بقية المواد التي سيتم إلزام هذه المدارس الدولية بتدريسها للطلاب بالإضافة إلى موادها الأساسية الخاصة بها، هو تدريس مادة اللغة العربية بدءًا من السنة الأولى الابتدائي، كما قلت، وحتى الصف الثالث الابتدائي ثم يستمر تدريس مادة اللغة العربية في بقية السنوات الدراسية حتى الصف الثالث الإعدادي يضاف إليها تدريس مادة الدراسات الاجتماعية والتي تشمل الجوانب التاريخية والجغرافية وذلك بدءًا من الصف الثالث الابتدائي وحتى الصف الثالث الإعدادي، ثم تصبح مادة الدراسات الاجتماعية في المرحلة الإعدادية مادة تاريخ مصر بدءًا من الصف الأول الثانوي بالإضافة إلى مادة اللغة العربية، وستكون هذه المواد ضمن المجموع النهائي لهذه المدارس الدولية بحيث يخصص لها 20% من إجمالي درجات مجموع مواد هذه المدارس بواقع 10% لمادة اللغة العربية و10% لمادة التاريخ و80% للمواد الأخرى التي يتم تدريسها من قبل في هذه المدارس والتي كان مجموع درجاتها قبل ذلك يمثل 100% من إجمالي درجات أي شهادة تصدر من هذه المدارس، لكن الآن أصبح 80% للمواد الأساسية التي كانت تدرس من قبل بهذه المدارس و20% لمادتي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية في مرحة التعليم الأساسي ومادة التاريخ بالمرحة الثانوية.
أي التنفيذ سيكون كالآتي:
* لغة عربية + تربية دينية من السنة الأولى ابتدائي وحتى الصف الثالث الابتدائي.
* لغة عربية + دراسات اجتماعية بدءًا من الصف الرابع الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي.
* لغة عربية + تاريخ + تربية دينية بالمرحلة الثانوية.
يهدف هذا التوجه الذي انتهت إليه وزارة التربية والتعليم إلى الاهتمام بغرس القيم الدينية الصحيحة والمبادئ والمثل ومعرفة الحلال والحرام والتشكيل الوجداني للتلميذ أو الطالب، وكذلك الإلمام بالمفاهيم الدينية السليمة بالنسبة لمادة التربية الدينية، وإلمامه أيضًا بلغتنا القومية ولغة القرآن الكريم وهي اللغة العربية، والمعبرة أيضًا عن هويتنا، وحتى لا يكون التعليم الدولي هذا مهتمًا فقط بإتقان اللغات الأجنبية فقط ولا يستطيع الطالب بعدها أن يتحدث بلغة بلده، أو يتحدث مع الآخرين بسهولة بلغتهم الأساسية وهي اللغة العربية، خاصة وأنه يعيش في مجتمع مصري ويقيم على أرض مصرية، ويستعمل في سوق العمل المصري، مما كان يزيد من شكل الاغتراب لدى خريجي هذه المدارس وصعوبة تعاملهم مع المجتمع، كما أنه من الأهمية بمكان أن يلم طالب المدارس الدولية بتاريخ وجغرافية بلده، ولا يكون جاهلًا بتاريخها العريق الذي تدرسه كثير من جامعات العالم، فكيف يتخرج طالب من هذه المدارس الدولية وهو لا يعرف شيئًا عن تاريخ بلده سواء القديم أو الحديث والذي سيزيده فخرًا أمام الجميع أنه من أبناء هذا الشعب العظيم.