
المملكة العربية السعودية تبرز كوجهة عالمية واعدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث صنفت ضمن أفضل 20 دولة على مستوى العالم من حيث كثافة المواهب المتخصصة في هذا المجال الحيوي، متفوقة بذلك على دول أوروبية وعالمية كبرى مثل إيطاليا وروسيا، وذلك وفقاً لنتائج مؤشر التنافسية العالمي للذكاء الاصطناعي
هذا الإنجاز يعكس قوة المملكة المتنامية في قيادة الابتكار والتطور في هذا القطاع، حيث تستحوذ السعودية على 0,4% من إجمالي المواهب العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يؤكد مكانتها كقوة مؤثرة في هذا المجال
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة المتميزة جاءت كثمرة تعاون بين جهتين مرموقتين هما المنتدى المالي الدولي (IFF) ومجموعة المعرفة العميقة (DKG)
المنتدى المالي الدولي هو منظمة دولية غير حكومية وغير ربحية تأسست في أكتوبر 2003 بمبادرة من دول مجموعة العشرين ومنظمات دولية بارزة مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي
أما مجموعة المعرفة العميقة فهي مركز أبحاث عالمي رائد، متخصص في دراسات الذكاء الاصطناعي والابتكار، مع تركيز خاص على تعزيز التقدم في مجالات التكنولوجيا والرعاية الصحية والقطاعات الاستراتيجية الأخرى
جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST)
حققت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST) إنجازاً أكاديمياً متميزاً، حيث تم تصنيفها ضمن أفضل 150 جامعة على مستوى العالم في مجال إعداد وتخريج الكفاءات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، لتصبح بذلك الجامعة الأعلى تصنيفاً في منطقة الشرق الأوسط، ما يعكس التزامها بالتميز الأكاديمي والبحثي
هذا النجاح يعكس الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة بهدف ترسيخ مكانتها الريادية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتأكيد دورها كمركز إقليمي وعالمي للابتكار في هذا القطاع الحيوي
استثمرت السعودية مبلغاً قدره 20 مليار دولار في شراكات استراتيجية مع جامعات عالمية مرموقة مثل جامعة ستانفورد، بهدف تأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، التي تحتضن اليوم أحد أبرز مختبرات بحوث الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم
بالإضافة إلى ذلك، تتبنى المملكة برامج طموحة مثل برنامج “10,000 مبرمج”، الذي يهدف إلى تدريب وتأهيل الشباب السعودي، وتزويدهم بأحدث المهارات والمعارف في مجال الذكاء الاصطناعي، لتمكينهم من المساهمة الفعالة في بناء مستقبل رقمي مزدهر
أكد تشو جيان، خبير البيانات في المنتدى المالي الدولي (IFF)، أن هذا التقرير هو الإصدار الثالث ضمن سلسلة تقارير مؤشر القدرة التنافسية العالمي لمنظمة الذكاء الاصطناعي، والتي يقوم المنتدى المالي الدولي بنشرها بانتظام
كما صرح ديمتري كامينسكي، الشريك العام في مجموعة المعرفة العميقة، بأن مواهب الذكاء الاصطناعي تعتبر الأصول الأكثر قيمة في جميع الاقتصادات المستقبلية، التي ستعتمد بشكل كبير على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وذلك فيما يتعلق برأس المال البشري
في إطار رؤية المملكة 2030 الطموحة، تم تحديد الذكاء الاصطناعي كأحد الركائز السبع الأساسية للتحول الاقتصادي الوطني، ما يؤكد التزام المملكة بتعزيز الابتكار والتنويع الاقتصادي من خلال الاستثمار في هذا المجال الواعد
السعودية ضمن مصاف الدول الرائدة في الذكاء الاصطناعي
تسعى السعودية جاهدة لاستقطاب استثمارات ضخمة بقيمة 20 مليار دولار، بالإضافة إلى خلق 200,000 وظيفة عالية التقنية، بهدف الوصول إلى قائمة أفضل 10 دول في العالم في مجال أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030
وقد قامت المملكة بإنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)، لتتولى مهمة قيادة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، والإشراف على تنفيذها بكفاءة وفعالية
تتميز المشاريع الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي بإجراءات موافقة سريعة، حيث يتم اتخاذ القرارات عادةً في غضون 30 يوماً، ما يشجع على الاستثمار والابتكار في هذا القطاع
تلعب الصناديق السيادية دوراً محورياً في دعم نمو الذكاء الاصطناعي، حيث أطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) صندوقاً استثمارياً متخصصاً بقيمة 1,5 مليار دولار، يهدف إلى دعم وتنمية هذا المجال الحيوي
وتواصل السعودية استثمارها في مشاريع استراتيجية كبرى مثل مشروع “نيوم” (NEOM)، حيث تمثل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي أكثر من 30% من ميزانيته الضخمة البالغة 500 مليار دولار، مما يضع معياراً جديداً لتطوير المدن الذكية والمستدامة
حوافز غير مسبوقة للمواهب في السعودية
تقدم السعودية حزمة من الحوافز والعروض الوظيفية المغرية للمواهب المتخصصة في الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، حيث يتقاضى العلماء والخبراء البارزون راتباً سنوياً متوسطاً قدره 420,000 دولار، معفى من الضرائب
كما تقدم “نيوم” مكافآت توقيع استثنائية تصل إلى 5 مليون دولار لقادة الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى توفير إعانات كاملة لتغطية تكاليف تعليم أطفالهم
بهدف استقطاب أفضل العقول في مجال الذكاء الاصطناعي، قدمت السعودية برامج إقامة ميسرة، وقامت بتخفيف القيود الثقافية، خاصة في مناطق مثل “نيوم”، مما مكن الخبراء الأجانب من العيش والعمل في بيئة تجمع بين أسلوب حياتهم المفضل والتقاليد الثقافية للمملكة
ستكون مدينة “ذا لاين” (The Line) في منطقة “نيوم” أول مدينة في العالم يتم التحكم فيها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، حيث ستدار الخدمات الأساسية مثل النقل والطاقة بشكل كامل بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة
من خلال جمع البيانات على نطاق واسع والمراقبة البيومترية المتقدمة، ستوفر المدينة فرصاً غير مسبوقة لتطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب الحياة الواقعية
أكد البروفيسور باتريك غلاونر، منسق لجنة الذكاء الاصطناعي في المنتدى المالي الدولي، أن الدول التي تستثمر في تطوير مواهب الذكاء الاصطناعي اليوم، لا تقوم بتشكيل مستقبلها الرقمي فحسب، بل تضمن أيضاً قدرتها التنافسية العالمية لعقود قادمة
وأضاف أن جهود السعودية لسد الفجوة بين الشرق والغرب قد مكنتها من أن تصبح “منطقة محايدة” تسعى للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحقيق الريادة في هذا المجال
وأوضح أن علاقات المملكة الاستراتيجية مع كل من الصين والولايات المتحدة تضعها في موقع فريد، مما يجعلها وجهة متميزة لشركات التكنولوجيا والمواهب العالمية التي تبحث عن بيئة سياسية محايدة وآمنة للاستثمار والابتكار