
تتصدر غانا قائمة الدول الأفريقية المنتجة للذهب، محتلة المرتبة الأولى أفريقيا والسادسة عالميًا، بإنتاج وصل إلى 130 طنًا في عام 2024، أي ما يعادل 6.3 مليون أونصة، ويمثل الذهب أحد أهم المعادن المؤثرة في الاقتصاد الغاني، وله تأثير كبير على الحياة الاجتماعية والسياسية، حيث يشكل المسيحيون غالبية السكان بنسبة تتجاوز 70%، بينما تبلغ نسبة المسلمين 20%، وتمثل الديانات والمعتقدات الأخرى 10%،
تقع غانا في غرب أفريقيا، ويبلغ عدد سكانها حوالي 34 مليون نسمة، وتمتد على مساحة تقدر بنحو 238,5 كيلومترًا مربعًا، وتعتبر من الدول ذات التأثير المتزايد في الاقتصاد الإقليمي بفضل مواردها الطبيعية المتنوعة، ويصل الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى حوالي 88 مليار دولار، مع متوسط دخل فردي يبلغ حوالي 2,600 دولار أمريكي سنويًا،

### الذهب الركيزة الأساسية لاقتصاد البلاد
يتميز الاقتصاد الغاني بتنوع قطاعاته، بما في ذلك التعدين والنفط والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الزراعة وخاصة إنتاج الكاكاو، ومع ذلك، يظل الذهب الركيزة الأساسية للاقتصاد، حيث يمثل ما بين 48% إلى 60% من إجمالي الصادرات، ويساهم بنحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، كما يوفر قطاع الذهب أكثر من 500 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ويضخ ما يقارب 2 مليار دولار سنويًا في خزينة الدولة من خلال الضرائب والإيرادات المختلفة، مما يجعله حجر الزاوية في التنمية الاقتصادية للبلاد،
يمثل الذهب أكثر من 90% من عائدات التصدير المعدنية، حيث وصلت صادرات الذهب في عام 2024 إلى 11,6 مليار دولار، بزيادة كبيرة قدرها 53% عن عام 2023، ويعزى ذلك إلى ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 30%،
تشير التقديرات إلى أن إنتاج غانا من الذهب يمثل حوالي 4% من الإنتاج العالمي، ويقدر الاحتياطي المؤكد في أراضيها بنحو 8% من الاحتياطيات العالمية، وأعلن البنك المركزي الغاني في نهاية العام الماضي أن احتياطياته من الذهب قد ارتفعت إلى 30,5 طنًا، بزيادة قدرها 11 طنًا عن العام السابق، ويعزى هذا الارتفاع إلى سياسة الحكومة التي تلزم شركات التعدين ببيع 20% من إنتاجها للبنك المركزي بالعملة المحلية، بهدف دعم احتياطيات العملات الأجنبية،
تقترب غانا بشكل كبير من الدخول ضمن قائمة الخمسة الأوائل في إنتاج الذهب عالميًا، إلى جانب دول مثل الولايات المتحدة وكندا والصين وروسيا وأستراليا، وسط منافسة قوية من جنوب إفريقيا التي تحتل المرتبة الثانية في إنتاج الذهب أفريقيا بإجمالي 100 طن سنويًا، وذلك وفقًا للعام الماضي،

### طرق استخراج الذهب
يُستخرج الذهب في غانا بطريقتين رئيسيتين، الأولى هي التعدين واسع النطاق (LMS)، الذي تديره كبرى الشركات الأجنبية باستخدام أحدث التقنيات والمعدات الثقيلة، مثل شركات Newmont الأمريكية، وشركة Asante Gold الكندية، وشركة Perseus Mining الأسترالية، وAnglo Gold Ashanti وGold Fields من جنوب إفريقيا، ويتركز عمل هذه الشركات في مدن مثل أوبواسي وتاركوا وأكيم،
أما الطريقة الثانية فهي التعدين الحرفي والصغير النطاق (ASM)، المعروف باسم “جالامسي”، والذي يمارس بشكل غير قانوني في الغالب، ويمثل هذا النوع تحديًا كبيرًا للدولة، بسبب استخدام الطرق البدائية مثل الحفر اليدوي والغسل بالماء، مما يؤدي إلى تدمير البيئة وتلوث الأنهار وتدهور الأراضي، ويتواجد هذا النوع من التعدين في مدن مثل أشانتي وبونو،
وفقًا لتقارير إعلامية دولية، يقدر إنتاج التعدين الحرفي بنحو 40% من إنتاج الذهب في غانا، ومن بين هذا النشاط، يعتبر ما بين 70% إلى 80% غير مرخص، حيث تشارك في هذا القطاع مجموعات مسلحة ومنظمات إجرامية محلية وأجنبية،

### خريطة الذهب في غانا
تتركز مناجم الذهب في غانا في المناطق الجنوبية والغربية من البلاد، وتنتشر في مناطق الغابات والسافانا، ويمكن تحديد أهم مناطق الإنتاج على النحو التالي:
* إقليم أشانتي: يعتبر قلب صناعة الذهب في غانا، ويضم منجم أوبواسي، وهو أحد أقدم وأكبر مناجم الذهب في إفريقيا، وتديره شركة Anglo Gold Ashanti،
* منطقة تاركوا: تنتج نسبة كبيرة من ذهب غانا بفضل غنى تربتها بالذهب السطحي وسهولة استخراجه، وتضم عددًا من المناجم المفتوحة، بما في ذلك منجم Tarkwa الكبير، الذي تديره شركة Gold Fields،
* منطقة بريبري ودامان: تقع بالقرب من تاركوا، وتعتبر أيضًا من المناطق النشطة في التعدين، وتوجد بها مناجم تابعة لشركات دولية كبرى،
* منطقة سيفوي وينشي: تضم عددًا من المناجم الصغيرة والمتوسطة، وتشتهر بتوسع نشاط التعدين الأهلي فيها،
* المنطقة الشرقية والغربية الوسطى: بها عدد من المناجم غير الرسمية ومواقع التعدين الأهلي التقليدي المعروف باسم “جالامسي”،

### الإصلاحات والسيطرة على الذهب
أطلقت الحكومة الغانية مبادرة “Gold Bod” في عام 2024، بهدف السيطرة على موارد الذهب في البلاد وتحقيق أقصى استفادة من هذا المعدن المهم، وتمثلت مهمة المبادرة في شراء الذهب من صغار المنقبين، بهدف كسر احتكار السوق السوداء وتعزيز الشفافية، وعند تولي الرئيس الجديد للبلاد “جون دراماني ماهاما”، قام بإنشاء قوة مهام خاصة تسمى “GOLDBOD Task Force”، لمكافحة التعدين غير الشرعي، باستخدام تقنيات المراقبة والذكاء الاصطناعي وكاميرات مثبتة على أجسام رجال الأمن لتعزيز المساءلة،
وفقًا لتقارير سويسرية، تخسر غانا، الدولة الأولى أفريقيا في إنتاج الذهب، سنويًا ما يزيد عن 2 مليار دولار بسبب تهريب الذهب والتهرب الضريبي، وأكدت التقارير أن الدولة خسرت خلال خمس سنوات فقط قرابة 11,4 مليار دولار بسبب تهريب أكثر من 229 طنًا من الذهب إلى دول مختلفة،
تتجه صادرات الذهب الغاني بشكل رئيسي إلى الأسواق العالمية في آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة الوجهة الرئيسية في آسيا، حيث استقبلت 53,1% من صادرات غانا إلى القارة، فيما استقبلت سويسرا الوجهة الأوروبية الأهم نحو 60,2% من الصادرات إلى القارة العجوز، وحصلت دولة جنوب أفريقيا على نحو 60,5% من الصادرات إلى القارة السمراء،
تشهد غانا منافسة متزايدة من قبل شركات ودول أجنبية، خصوصًا من الصين والإمارات وجنوب إفريقيا، التي تسعى لتأمين موطئ قدم في هذا القطاع الواعد، سواء بالاستثمار المباشر أو النفوذ السياسي والمالي،
تواجه الحكومة تحديات كبيرة، تتجسد في القضاء على الفساد وتهريب الذهب عبر طرق غير شرعية، وإذا تمكنت من السيطرة على الأوضاع وتنفيذ إصلاحات حقيقية والاستفادة من الموارد، فإن الذهب سيمثل الركيزة الأساسية في عملية التنمية، سواء في قطاع التعليم أو الصحة أو البنية التحتية أو الزراعة أو التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى توفير فرص عمل حقيقية لملايين المواطنين، مما سيدفع الدولة نحو التقدم والازدهار،