أندريه سيتروين، اسم لامع في عالم صناعة السيارات، لم يكن مجرد صانع فرنسي، بل كان رائدًا حقيقيًا ومؤسس شركة سيتروين العريقة، اشتهر سيتروين بتبنيه تقنيات الإنتاج الضخم في صناعة سياراته، مما أحدث ثورة في هذه الصناعة، كما لعب دورًا محوريًا في إنتاج الذخائر خلال الحرب العالمية الأولى، مساهمًا بذلك في المجهود الحربي لبلاده.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، قام أندريه سيتروين بتحويل مصنعه إلى إنتاج سيارات صغيرة، لاقت رواجًا وشعبية واسعة بين الناس، ولم يكتفِ بذلك، بل ابتكر أساليب تسويقية جديدة، مثل توفير خيارات التقسيط الميسرة، وإتاحة تجارب القيادة للزبائن، مما ساهم في تعزيز مبيعات سياراته وزيادة الإقبال عليها.
### نشأة أندريه سيتروين
ولد أندريه سيتروين في الخامس من فبراير عام 1878 في مدينة باريس، وتلقى تعليمه في المدرسة البوليتكنيكية المرموقة، حيث تخرج منها في عام 1900، بعد زيارة إلى بولندا، استلهم فكرة نظام التروس الحلزونية المزدوجة، وقام بشراء براءة اختراع لهذا النظام، كانت هذه الخطوة بمثابة الشرارة الأولى لتأسيس شركته الأولى المتخصصة في تصنيع التروس.
### التحول إلى صناعة السيارات
خلال فترة الحرب العالمية الأولى، نجح أندريه سيتروين في إقناع الجيش الفرنسي بإنشاء مصنع متخصص في إنتاج القذائف، بفضل إدارته الحكيمة، وصل إنتاج المصنع إلى 55 ألف قذيفة يوميًا، بعد انتهاء الحرب، اتخذ سيتروين قرارًا جريئًا بتحويل مصنع الذخيرة إلى مصنع لإنتاج السيارات، وفي عام 1919، تم إنتاج أول سيارة تحمل علامة سيتروين التجارية، لتنطلق الشركة نحو النجاح والشهرة.
طبق سيتروين مبادئ الإنتاج المكثف التي وضعها هنري فورد، مما ساهم في إنتاج سيارات صغيرة وغير مكلفة بكميات كبيرة، كما كان رائدًا في تقديم طرق مبتكرة للترويج للسيارات، مثل تنظيم اختبارات القيادة، وتقديم خيار الشراء بالتقسيط للعملاء، مما جعله يتميز عن منافسيه في السوق.
لم يكتفِ سيتروين بإنتاج السيارات وتسويقها، بل أطلق سلسلة من البعثات الاستكشافية الكبرى، التي تهدف إلى قطع مسافات طويلة بسيارات سيتروين، وإثبات قدراتها وكفاءتها، شملت هذه البعثات عبور الصحراء الكبرى، والرحلة الشهيرة من بيروت إلى بكين، في فترة من الفترات، كانت سيارات سيتروين تمثل ثلث السيارات الموجودة في فرنسا، مما يعكس مدى نجاح وشعبية هذه العلامة التجارية.
### إسهامات أندريه سيتروين
من أبرز إسهامات أندريه سيتروين، تنظيم مسابقة سيارات سيتروين التي كانت تقام عبر القارة الأفريقية، كان الهدف من هذه المسابقة هو إثبات إمكانية إنشاء خط اتصال دائم وسريع بين الجزائر وغرب أفريقيا، وقد أدت هذه المسابقة إلى إنشاء محطات على الطريق الذي يربط المستعمرات الفرنسية في تلك المناطق.
فتحت هذه المسابقة المجال أمام استخدام السيارات في حركة الاكتشافات والاستكشاف، مما يعتبر إسهامًا أساسيًا من سيتروين في خدمة التشكيل الاستعماري الغربي الفرنسي في تلك الحقبة.
من بين إسهاماته الأخرى، كان أندريه سيتروين أول من قام بوضع نظام إشارات مرور ضوئية في مدينة باريس، كما استخدم برج إيفل الشهير في الإعلانات الضوئية، وقام بتسليط الأضواء الكاشفة على قوس النصر في ميدان الكونكورد، مما أضفى على المدينة جمالًا وروعة.
### وفاة أندريه سيتروين
توفي أندريه سيتروين في الثالث من يوليو عام 1935، تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا من الابتكار والطاقة في مجال صناعة السيارات، بقيت شركته تحمل اسمه وشعار التروس المزدوجة الذي ابتكره، وهو ما يمثل جزءًا من إرثه الخالد في عالم السيارات، تكريمًا له، تم تسمية حديقة أندريه سيتروين في باريس على اسمه، لتخليد ذكراه وإسهاماته.