
شهد سعر الدولار في مصر تراجعاً ملحوظاً، مسجلاً أدنى مستوياته منذ تسعة أشهر عند 48.75 جنيه للشراء و48.85 جنيه للبيع، هذا الهبوط يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التحسن القوي للجنيه المصري في مواجهة العملة الخضراء، الأمر الذي يستدعي البحث عن العوامل المؤثرة في هذا التطور الاقتصادي
وفرة المعروض وقوة الموسم الصيفي
أرجع مصرفيون هذا الانخفاض بشكل أساسي إلى زيادة المعروض من النقد الأجنبي خلال أشهر الصيف، حيث فاق حجم الطلب عليه في ظل توحيد سعر الصرف، وتشتهر فترة الصيف التي تمتد من يوليو إلى سبتمبر بانتعاش التدفقات الدولارية بفضل ذروة الموسم السياحي وخاصة من دول الخليج، بالإضافة إلى عودة المصريين العاملين بالخارج لقضاء إجازاتهم، وهو ما يضخ سيولة نقدية أجنبية كبيرة في شرايين الاقتصاد

تحويلات المصريين بالخارج الداعم الأكبر
تعتبر تحويلات المصريين العاملين بالخارج ثاني أكبر مصدر رسمي للنقد الأجنبي بعد حصيلة الصادرات، وقد أظهرت بيانات البنك المركزي قفزة هائلة في هذه التحويلات بنسبة 69.6% خلال الأحد عشر شهراً الأولى من العام المالي 2024-2025 لتصل إلى 32.8 مليار دولار، هذا التدفق المستمر يعزز من قوة الجنيه بشكل مباشر
سياسات البنك المركزي تعزز الثقة
لعبت سياسات البنك المركزي دوراً محورياً في هذا التحسن، فقد ساهم الحفاظ على سعر صرف مرن في عودة قوية للاستثمار الأجنبي في أدوات الدين المحلية، حيث يبيع المستثمرون الدولار لشراء الجنيه للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة، كما أن سماح البنوك بتدبير الدولار للأجانب الراغبين في تحويل أرباحهم للخارج عزز من الثقة في السوق المصري وشجع على عودتهم مجدداً

الجنيه يتحرر من الضغوط
أكدت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة وفاء علي أن الجنيه المصري نجح في تخطي مرحلة الضغوط التي فرضتها التوترات الجيوسياسية، وحافظ على مرونة سعر الصرف بفضل:
- زيادة الاحتياطي النقدي
- نمو التدفقات الاستثمارية
- تحويلات المصريين
- إيرادات السياحة
- انتعاش السوق العقاري
- المسار الهبوطي للتضخم
وهو ما دفعه للانخفاض تحت حاجز الخمسين جنيهاً

هدوء المخاطر وجاذبية الفائدة
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد أنيس أن هدوء المخاطر الجيوستراتيجية في المنطقة ساهم في استقرار الأوضاع الاقتصادية، وأضاف أن استمرار جاذبية سعر الفائدة الحقيقي في مصر الذي يقارب 9% يجتذب الاستثمارات غير المباشرة في السندات الحكومية مما يزيد من التدفقات الدولارية، ويتوقع أنيس أن السعر العادل للجنيه أمام الدولار قد يتراوح بين 49 و 52 جنيهاً حتى نهاية عام 2025