«خطر صامت يهدد صحتك».. دراسة تكشف: البلاستيك الدقيق يغزو هواء المنازل بكميات تفوق التوقعات بمئة مرة

«خطر صامت يهدد صحتك».. دراسة تكشف: البلاستيك الدقيق يغزو هواء المنازل بكميات تفوق التوقعات بمئة مرة

في زمننا الحالي، لم يعد تلوث البلاستيك محصوراً في المسطحات المائية كالمحيطات والأنهار، بل بات جزءاً من الهواء الذي نستنشقه في بيوتنا ومركباتنا, إنه خطر يهدد صحتنا وبيئتنا على حد سواء

أظهرت دراسات حديثة أن جزيئات البلاستيك متناهية الصغر، والتي لا تُرى بالعين المجردة، منتشرة في كل مكان حولنا، وتخترق رئاتنا بأعداد هائلة تفوق التوقعات السابقة بمئات المرات, هذا الاكتشاف يثير قلقاً بالغاً بشأن تأثير هذه الملوثات على صحتنا

هذه الجسيمات السامة لا تشكل خطراً على البيئة فحسب، بل تفتح الباب أمام مخاوف صحية جديدة قد تؤثر على حياتنا بطرق غير مسبوقة, فما هو حجم هذا التهديد؟ وكيف تؤثر هذه الملوثات الخفية على صحتنا؟ وما هي المصادر التي تغذي هذه السموم المحمولة جواً؟

أرقام تفوق التوقعات بمئة ضعف

كشف العلماء عن العدد الدقيق لجزيئات البلاستيك الدقيقة التي نتعرض لها يومياً في منازلنا وسياراتنا، وهو رقم يزيد بمئة مرة عن التقديرات السابقة, هذا يعني أننا نستنشق كميات أكبر بكثير مما كنا نتصور

أظهرت التحليلات أن البالغين يستنشقون ما يقرب من 68 ألف جزيء من جزيئات البلاستيك الدقيقة التي يبلغ حجمها 10 ميكرومترات أو أقل يومياً، أي أكثر بمئة مرة مما كانت تشير إليه التقديرات السابقة, الأمر المثير للقلق هو أن هذه الجزيئات دقيقة بما يكفي لاختراق الرئتين، وفقاً لخبراء نقل عنهم موقع ديلي ميل البريطاني

أفادت الدراسات السابقة بوجود جزيئات البلاستيك الدقيقة معلقة في الهواء في مجموعة واسعة من البيئات الخارجية والداخلية, ومع ذلك، ركزت معظم الأبحاث على الجزيئات التي يتراوح حجمها بين 20 إلى 200 ميكرومتر

قدرة على اختراق الرئتين

في دراستهم الجديدة، قرر الفريق البحثي التركيز على الجزيئات الأصغر التي يتراوح حجمها بين واحد إلى 10 ميكرومترات، والتي يُرجح أن تخترق الرئتين بسهولة, هذا التركيز على الجزيئات الدقيقة يهدف إلى فهم أفضل لتأثيرها الصحي المحتمل

أقرأ كمان:  «عبقري الموسيقى» زياد الرحباني: مسيرة فنية حافلة بالإبداع والتأثير

قام الباحثون بجمع عينات هواء من منازلهم وسياراتهم، ثم استخدموا تقنية متطورة تسمى التحليل الطيفي رامان (Raman Spectroscopy) لقياس تركيز جزيئات البلاستيك الدقيقة, هذه التقنية سمحت لهم بتحديد كمية البلاستيك الموجودة في الهواء بدقة

كشفت التحليلات أن متوسط تركيز جزيئات البلاستيك الدقيقة في المنزل يبلغ 528 جزيئاً لكل متر مكعب، بينما في السيارات يصل إلى 2,238 جزيئاً لكل متر مكعب, هذا يشير إلى أننا نتعرض لكميات أكبر من البلاستيك في سياراتنا مقارنة بمنازلنا

اللافت للنظر أن الغالبية العظمى (94%) من هذه الجزيئات كانت أصغر من 10 ميكرومترات, هذا يعني أنها قادرة على الوصول إلى أعمق أجزاء الرئة

ماذا عن 3,200 جزيء؟

باستخدام هذه النتائج بالإضافة إلى بيانات سابقة عن التعرض للبلاستيك الدقيق في الأماكن المغلقة، يقدر الباحثون أن البالغين يستنشقون حوالي 3,200 جزيء من جزيئات البلاستيك الدقيقة التي يتراوح حجمها بين 10 إلى 300 ميكرومتر يومياً, هذا يمثل تحدياً جديداً لصحة الإنسان

كما نستقبل ما يقرب من 68,000 جزيء تتراوح أحجامها بين واحد إلى 10 ميكرومترات، أي أكثر بعشرة أضعاف مما كنا نعتقد سابقاً, هذه الأرقام تثير تساؤلات حول الآثار الصحية طويلة الأمد

لا يزال البحث جارياً لتقييم كيفية تأثير جزيئات البلاستيك الدقيقة على صحة الإنسان، لكن هناك أدلة متزايدة تشير إلى أنها قد تكون ضارة, العلماء يعملون بجد لفهم المخاطر المحتملة

نظراً لأن البلاستيك يحتوي على مواد كيميائية معروفة بأنها سامة أو مسرطنة، يشعر العلماء بالقلق من أن تراكم جزيئات البلاستيك الدقيقة قد يتسبب في تلف أنسجة أجسامنا, هذا القلق مدفوع بالمعرفة حول المكونات الضارة للبلاستيك

في الدراسات التي أُجريت على القوارض، وُجد أن التعرض لمستويات عالية من جزيئات البلاستيك الدقيقة يسبب أضراراً للأعضاء، بما في ذلك الأمعاء والرئتان والكبد والجهاز التناسلي, هذه النتائج تثير مخاوف بشأن التأثيرات المماثلة المحتملة على البشر

أقرأ كمان:  «بشرة متوهجة طبيعياً».. اكتشف أسرار وصفات منزلية لبشرة صافية ونضرة

هل نحن في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان الأمعاء؟

أما بالنسبة للبشر، فقد أشارت الدراسات الأولية إلى وجود ارتباط محتمل بين التعرض لجزيئات البلاستيك الدقيقة وأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان الأمعاء, هذه الروابط تحتاج إلى مزيد من البحث لتأكيدها

أظهرت الأبحاث أن تلوث البلاستيك أصبح واسع الانتشار لدرجة أننا قد نستقبل يومياً ما يصل إلى 130 جسيماً صغيراً منه عبر التنفس, هذا يؤكد مدى انتشار هذه الملوثات في بيئتنا

تُعد الألياف المنبعثة من الملابس المصنوعة من الفليس والبوليستر، بالإضافة إلى الجزيئات الناتجة عن غبار المدن وإطارات السيارات، من أكبر المصادر المعروفة لما يُسمى بالبلاستيكات الدقيقة في الهواء, هذه المصادر المتنوعة تساهم في زيادة مستويات التلوث البلاستيكي في الهواء الذي نتنفسه