أسرة عبد الناصر تسعى للحفاظ على أرشيف القناة بعد قرار إغلاق “ناصر”

قناة “ناصر تي في”، التي أطلقتها عائلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في عام 2018، كانت بمثابة أرشيف رقمي قيّم لتاريخه، حيث احتوت على خطابات، وتسجيلات نادرة، ولقاءات مع قادة آخرين عُرضت للمرة الأولى، واستقطبت جمهورًا واسعًا من المتابعين.

على الرغم من عدم وجود بيان رسمي مفصل من “يوتيوب” يوضح أسباب إغلاق القناة، إلا أن عائلة عبد الناصر أفادت بتلقيها إشعارًا يفيد بأن الإغلاق جاء نتيجة لانتهاك “حقوق الملكية الفكرية” لبعض المواد المنشورة، معتبرين أن هذا الإجراء “غير مبرر”.

في ذكرى مرور 55 عامًا على وفاته، نشرت القناة تسجيلًا صوتيًا جديدًا للرئيس عبد الناصر خلال لقائه بالرئيس الموريتاني المختار ولد داداه في سبتمبر 1970، والذي كشف عن ملامح سياساته قبل وفاته بأسابيع قليلة، وأثار التسجيل جدلاً واسعًا، خاصةً فيما يتعلق بمناقشته للقضية الفلسطينية والعرض الأميركي لمصر باستعادة سيناء فقط، دون التدخل في “الجولان والضفة الغربية وأراضي 67”.

وفقًا لمصدر مقرب من عائلة جمال عبد الناصر، صرح لموقع “سكاي نيوز عربية”، “جرى التواصل مع منصة يوتيوب لاستعادة القناة، والتأكيد على أن العائلة تمتلك الوثائق الخاصة بالرئيس الراحل بشكل رسمي وقانوني، ولا تنتهك أي قوانين مصرية”، وأكد المصدر أنه سيتم إنشاء منصة رقمية جديدة لنشر هذه التسجيلات النادرة، لضمان عدم تعرضها للإغلاق مرة أخرى.

أوضح عبد الحكيم جمال عبد الناصر، نجل الرئيس الراحل، أن الهدف من إطلاق قناة “ناصر تي في” هو تقديم صورة حقيقية وموثقة عن شخصية جمال عبد الناصر، بعيدًا عن “الأكاذيب والشائعات” التي لاحقته لسنوات طويلة دون رد أو توضيح، وأضاف أن القناة استخدمت أساليب العصر الحديث لإيصال الحقيقة إلى الأجيال الجديدة، ونجحت في تغيير قناعات الكثيرين ممن شاهدوها، بعد اطلاعهم على الوثائق والخطابات الأصلية.

حقوق الملكية لخطابات ناصر

أكد المؤرخ المصري البارز وعضو لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، الدكتور جمال شقرة، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “نشر تسجيلات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على المنصات الرقمية يعتبر خطوة مهمة وقيمة للغاية للباحثين والمهتمين بالتاريخ، نظرًا للتأثير القوي للصوت والصورة في توثيق الأحداث وإظهار شخصية عبد الناصر بشكل مباشر وأصيل”.

وشدد على أن “هذه المواد المنشورة هي مواد أصلية وحقيقية وليست تسريبات أو فبركات، بل هي وثائق تاريخية محفوظة وموثقة”.

لكن “شقرة” أشار إلى أن “الاجتزاء يمثل مشكلة جوهرية في التعامل مع هذه الوثائق التاريخية، إذ إن أي اقتطاع أو تجزئة من نص أو تسجيل يفتح الباب واسعًا أمام قراءات وتفسيرات خاطئة ومضللة”.

وأضاف: “هناك فن وعلم لقراءة الوثيقة التاريخية، سواء كانت مكتوبة أو مصورة أو حتى فيلمية، وهذا يتطلب فهمًا عميقًا لما وراء السطور والسياقات التاريخية المحيطة بها، وحين يتم اجتزاء مادة تاريخية، فإنها تتحول إلى أداة للتأويل المبتور وغير الدقيق، وهو ما ظهر بوضوح في بعض التحليلات التي رافقت الفيديو الأول الذي انتشر مؤخرًا، حيث كان عبارة عن حديث جانبي بين عبد الناصر والعقيد معمر القذافي، واستخدم خارج سياقه التاريخي لتشويه موقفه من مبادرة روجرز”.

سبق لقناة “ناصر” أن نشرت تسجيلًا صوتيًا للقاء جمع الرئيس المصري بالزعيم الليبي معمر القذافي عام 1970، دعا فيه عبد الناصر إلى وضع أهداف محددة وواقعية للمعركة مع إسرائيل، بدلاً من “إطلاق شعارات رنانة وأهداف لا يُمكن تحقيقها في ظل توازنات القوى الإقليمية والدعم الأميركي القوي لإسرائيل”.

وفيما يتعلق بالملكية الفكرية لهذه التسجيلات، أكد “شقرة” أن “التسجيلات المتاحة على القناة تعد ملكية خاصة لعائلة الرئيس الراحل، وهي التي قررت تسليم الكثير من وثائقه ومقتنياته الثمينة إلى مكتبة الإسكندرية، لإتاحتها للباحثين والجمهور”، وشدد على أنه “لا يوجد في مصر حتى الآن قانون يُلزم رجال الدولة أو المسؤولين بتسليم وثائقهم الرسمية بعد مغادرتهم مناصبهم، وهذا الأمر يحتاج إلى تنظيم تشريعي لحماية الذاكرة الوطنية”.