«سباق تسلح تكنولوجي» شركات التكنولوجيا تسخّر الذكاء الاصطناعي لخدمة الحروب

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

في قلب الدوحة، خلال فعاليات مؤتمر أخلاقيات الذكاء الاصطناعي الذي نظمته جامعة حمد بن خليفة، التقت الجزيرة نت بالمهندسة المغربية المُلهمة، ابتهال أبو السعد، التي أثارت دهشة العالم بموقفها الشجاع في شركة مايكروسوفت، حيث قاطعت كلمة مدير الذكاء الاصطناعي في الذكرى الخمسين للشركة، معبرة عن استنكارها لما وصفته بـ “تسخير التكنولوجيا لخدمة آلة الحرب الإسرائيلية”.

في هذا الحوار المثير، تستعرض أبو السعد أهمية الأخلاق في عالم الذكاء الاصطناعي، والدور الحيوي الذي يجب أن يضطلع به المهندسون والباحثون لوضع ضوابط تضمن بقاء هذه التقنيات في خدمة البشرية، لا العكس.

وكشفت ابتهال أبو السعد عن رؤيتها الثاقبة حول التحديات الأخلاقية التي تفرضها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، داعية إلى ضرورة وضع ضوابط صارمة لضمان استخدامه في خدمة الإنسانية.

كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في الحروب؟

ترى ابتهال أبو السعد أن فاعلية الذكاء الاصطناعي في الحروب ترتكز على جانبين رئيسيين، وهما:

  • المراقبة والتحليل: التقنيات الحديثة تجمع كميات هائلة من البيانات، مثل المكالمات والرسائل والصور، ثم تدمجها وتحللها وترجمها تلقائيًا بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي، والنتيجة هي منتج استخباري مبسط يتضمن ملخصات وقوائم أهداف ومؤشرات سهلة الاستعمال، وكل ذلك جاهز لمتخذي القرار.
  • اتخاذ القرار والضربات الموجهة: الذكاء الاصطناعي يستخدم لاتخاذ قرارات مباشرة حول “قوائم الأهداف” المستخدمة في توجيه القنابل الموجهة، وفي بعض الحالات دون أي تدخل بشري، وهذا الاندماج بين استخبارات واسعة النطاق وقدرة تنفيذية دقيقة يرفع من معدل الضرر ويحول عملية القتل إلى عملية أسرع تدميرا وأكثر فتكا.

هل شركات التكنولوجيا شريكة في جرائم الحرب؟

تؤكد ابتهال أبو السعد، استنادًا إلى شهادات داخلية، وجود عقود مخصصة لدى بعض مزودي خدمات الذكاء الاصطناعي لصالح جيوش أو لاعبين يشاركون في جرائم حرب، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي، وتوضح أن هذه الشركات ليست محايدة، بل هي شريك مباشر عبر تزويد أدوات مصممة خصيصًا لهذه الجيوش لتوسيع نطاق الدمار، وترى أن هذه الشركات تعطي الأولوية لتعزيز الأرباح على حساب الأخطار الأخلاقية المحتملة، فالحروب والاحتلال مشاريع مربحة، وما دام السوق موجودًا والطلب مرتفعًا، فالمحفزات الاقتصادية قد تدفع الشركات إلى تجاهل الأخطار أو تبريرها تجاريا.

هل مطورو الذكاء الاصطناعي متحيزون؟ وما الحل؟

تقترح ابتهال أبو السعد مجموعة من المسارات المتوازية، أولها التعامل مع الذكاء الاصطناعي الحالي مثل خطر المنصات الاجتماعية من خلال حظر الوصول أو تقييده على غرار سياسات الحظر التي وضعت لمنصات التواصل الاجتماعي في حالات معينة، وثانيها بناء بدائل عربية وإسلامية عن طريق استثمارات محلية لتطوير تقنيات لا تخول بسهولة للاستخدام العسكري الإجرامي، وتقليل الاعتماد على الشركات الاحتكارية العالمية، وثالثها المزاوجة بين التطوير والعناية بالجانب الأخلاقي، بحيث لا يجب أن يأتي تطوير التقنية أولًا ثم الأخلاق لاحقًا، بل يجب أن يسير البحث والأخلاقيات والتشريع والتطوير جنبًا إلى جنب.

تقييم مشاريع الذكاء الاصطناعي العربية وأولويات التركيز

تؤكد ابتهال أبو السعد أن الموارد البشرية والمهارة متوافرة في المنطقة، لكن العائق هو رأس المال والدافع الربحي، لذلك ترى أن التركيز يجب أن يكون متوازنًا بحيث يكون هناك استثمار في البحث لتأسيس أسس علمية قوية، وبناء صناعة لمنتجات قابلة للتنافس، ووضع ذلك في الأطر الأخلاقية والتشريعية المناسبة في الوقت نفسه لا كبند لاحق، فالأخلاق والتشريع يجب أن يكونا مكونًا أساسيًا في كل مرحلة من مراحل التطوير، وتدعو مجموعات التمويل وشركات رأس المال المخاطر إلى تشجيع دعم المشاريع البديلة وإعطاء دفعة للسوق المحلية كي تتغلب على مخاوف العائد الأولي من هذه المشاريع.

إن رؤية ابتهال أبو السعد تتجاوز التحذيرات التقنية، لتصبح دعوة سياسية وأخلاقية ملحة، فإما أن نبني بدائل مسؤولة تضع الأخلاق والحقوق الإنسانية في صميم التصميم، أو نظل مستهلكين لتقنيات تجعل الحرب أكثر ذكاءً وأكثر وحشية.