في موقف لا يخلو من الطرافة والدهشة، واجه رجال شرطة بولاية كاليفورنيا موقفًا غير مألوف، حيث قاموا بإيقاف سيارة بسبب مخالفة مرورية عند إشارة ضوئية، ليكتشفوا أنها خالية تمامًا من أي سائق.
وقعت الحادثة في مدينة سان برونو، عندما لاحظ شرطيان سيارة تنعطف بشكل مخالف للقانون، مما استدعى تدخلهما لإيقافها.
بعد إيقاف السيارة، تفاجأ الضابطان بأنها ليست سوى مركبة ذاتية القيادة تابعة لشركة وايمو، الرائدة في مجال تشغيل سيارات الأجرة الآلية في العديد من المدن الأمريكية.
وصفت إدارة الشرطة هذا الموقف بأنه “الأول من نوعه لكلا الضابطين”، وذلك عبر منشور على صفحتهم في “فيسبوك”، وأشاروا إلى أن غياب السائق البشري جعل من المستحيل تحرير مخالفة أو استجواب المسؤول عن هذا الانتهاك، وذلك بحسب تقرير نشره موقع “digitaltrends” واطلعت عليه “العربية Business”.
في ظل هذا الوضع غير المعتاد، اضطر الضباط إلى التواصل مباشرة مع شركة وايمو لإبلاغهم بالحادثة، فيما أكدت المتحدثة باسم الشركة، جوليا إيلينا، أن سيارات وايمو “مصممة لاحترام قوانين المرور”، وأن أداء هذه السيارات يخضع لمراقبة مستمرة من قبل الجهات التنظيمية في كاليفورنيا.
جدل واسع بين الجمهور حول المخالفة
أثار منشور الشرطة جدلاً واسعًا بين أفراد المجتمع، حيث تساءل الكثيرون عن السبب وراء عدم تحرير مخالفة بحق الشركة، وكيف يمكن محاسبة السيارات ذاتية القيادة على المخالفات المرورية، وهل يجب تعديل القوانين لتواكب هذا التطور التكنولوجي المتسارع.
وردّ أحد الضباط على هذه التساؤلات موضحًا أن مخالفات القيادة لا يمكن إصدارها إلا لسائق بشري، على عكس مخالفات ركن السيارات التي يتم إلصاقها بالمركبة نفسها، مما يوضح الحاجة إلى قوانين جديدة تنظم عمل السيارات ذاتية القيادة.
قوانين جديدة في الأفق لتنظيم عمل السيارات ذاتية القيادة
في خطوة تنظيمية هامة، من المقرر أن يُسمح للشرطة في كاليفورنيا، ابتداءً من عام 2026، بإبلاغ إدارة المركبات الآلية مباشرة عن المخالفات التي ترتكبها السيارات ذاتية القيادة، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا في كيفية التعامل مع هذه التكنولوجيا المتطورة، ويهدف إلى ضمان سلامة الطرق وتنظيم حركة المرور.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الموقف أعاد إلى الأذهان حادثة مماثلة وقعت في عام 2022، عندما أوقف شرطيان في سان فرانسيسكو سيارة ذاتية القيادة تابعة لشركة كروز بسبب إطفاء أنوارها الأمامية ليلاً، ووجد الضابطان نفسيهما في حيرة بعد أن أدركا أن السيارة بلا سائق، مما يؤكد على الحاجة الملحة إلى تطوير قوانين ولوائح تنظم عمل هذه السيارات.
تحديات تواجه تنظيم عمل المركبات ذاتية القيادة
تعتبر السيارات ذاتية القيادة تقنية واعدة تحمل في طياتها الكثير من الإمكانيات، ولكنها في الوقت ذاته تطرح العديد من التحديات القانونية والتنظيمية، ومن بين هذه التحديات:
- تحديد المسؤولية في حالة وقوع حادث: من هو المسؤول عن الحادث في حال كانت السيارة ذاتية القيادة متسببة فيه؟ هل هي الشركة المصنعة، أم الشركة المشغلة، أم الراكب؟ هذا السؤال يحتاج إلى إجابة واضحة من خلال قوانين محددة..
- حماية البيانات والخصوصية: تعتمد السيارات ذاتية القيادة على جمع كميات كبيرة من البيانات، مما يثير مخاوف بشأن حماية الخصوصية وكيفية استخدام هذه البيانات.
- التأمين: كيف سيتم التأمين على السيارات ذاتية القيادة؟ وما هي التغطية التي ستوفرها وثائق التأمين؟
- الأخلاقيات: ما هي القرارات الأخلاقية التي يجب أن تتخذها السيارة ذاتية القيادة في حالات الطوارئ؟ على سبيل المثال، في حالة وقوع حادث وشيك، هل يجب أن تحمي السيارة ركابها أم المشاة؟
مستقبل السيارات ذاتية القيادة في كاليفورنيا
على الرغم من التحديات التي تواجهها، إلا أن السيارات ذاتية القيادة تحظى بدعم كبير في كاليفورنيا، حيث تعتبر الولاية رائدة في مجال تطوير هذه التقنية، وتسعى جاهدة إلى خلق بيئة تنظيمية مناسبة لنموها وتطورها، ومن المتوقع أن تشهد كاليفورنيا انتشارًا واسعًا للسيارات ذاتية القيادة في السنوات القادمة، مما سيؤدي إلى تغييرات جذرية في طريقة تنقلنا وتفاعلنا مع الطرق.