
الاربعاء 30 يوليو 2025 | 02:13 مساءً
وفقًا لبيانات أولية صادرة عن “يوروستات” يوم الأربعاء، حقق اقتصاد منطقة اليورو نموًا هامشيًا بنسبة 0.1% في الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بالربع السابق، وهو ما تجاوز التوقعات، مما يجعله أداء اقتصاديا ملحوظا.
أظهر النمو الاقتصادي في منطقة اليورو مرونة أكبر من المتوقع في الربع الأخير، مما يشير إلى قدرة الشركات على التكيف مع حالة الضبابية التجارية، وهو ما قد يقلل من الحاجة إلى مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي بهدف تحفيز النشاط الاقتصادي في المنطقة، بالمقارنة مع الربع الثاني من العام الفائت، شهد اقتصاد الكتلة نموًا بنسبة 1.4%، متجاوزًا التوقعات التي كانت تشير إلى 1.2%، مما يعكس تحسنا ملحوظا.
كان اقتصاديون استطلعت “رويترز” آراءهم يتوقعون بقاء نمو اقتصاد منطقة اليورو على حاله دون تغيير خلال هذه الفترة، وذلك بعد توسع بنسبة 0.6% في الربع الأول، و هذا يسلط الضوء على التباين بين التوقعات والنتائج الفعلية.
في مذكرة تعليقًا على البيانات، أوضح جاك ألين-رينولدز، نائب كبير اقتصاديي منطقة اليورو في “كابيتال إيكونوميكس”: “لم يكن تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو خلال الربع الثاني مفاجئًا، نظرًا لبدء تلاشي تأثير التسابق على التوريد لتفادي الرسوم الجمركية”, مما يفسر بعض العوامل المؤثرة في هذا التراجع.
وأضاف: “تشير البيانات بشكل عام إلى أن اقتصاد منطقة اليورو قد أظهر صمودًا في مواجهة التغيرات في السياسات التجارية الأميركية حتى الآن، حيث منح التسابق على الاستيراد قبل فرض الرسوم دفعة قوية للاقتصاد في الربع الأول، بينما يبدو أن تأثير حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية ظل محدودًا حتى الآن”, مما يعكس قدرة الاقتصاد الأوروبي على التكيف مع التحديات الخارجية.
خلال هذا العام، شكلت الرسوم الجمركية الأميركية وتداعياتها مصدر قلق كبير للاقتصادات الأوروبية، إذ بدأ تطبيق ما يعرف بـ”الرسوم التبادلية” التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أبريل، بالتزامن مع بداية الربع الثاني، مما أثر على التجارة بين المنطقتين.
على الرغم من أن هذه الرسوم قد خُفّضت مؤقتًا لاحقًا، إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت حالة من التذبذب في ظل مفاوضات مستمرة بهدف التوصل إلى اتفاق تجاري، كما فُرضت رسوم مرتفعة على بعض القطاعات، بما في ذلك السيارات والصلب والألمنيوم، بحسب تقرير نشرته شبكة “CNBC” الأميركية، مما أدى إلى تعقيد المشهد التجاري.
في نهاية الأسبوع الماضي، توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق إطاري للتجارة مع الولايات المتحدة، يشمل فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على صادرات التكتل، مع استثناء بعض السلع، في حين تم تخفيض الرسوم على السيارات إلى المستوى الأساسي، مما يمثل تطورًا هامًا في العلاقات التجارية.
بعد الإعلان عن البيانات، لم تشهد عائدات السندات الأوروبية تغيرًا كبيرًا، إذ ارتفع عائد السندات الألمانية والفرنسية لأجل 10 سنوات بأقل من نقطة أساس واحدة, مما يشير إلى استقرار نسبي في الأسواق المالية.
انكماش الاقتصاد الألماني
في وقت سابق من يوم الأربعاء، كشفت بيانات أولية صادرة عن وكالة الإحصاء الألمانية “ديستاتيس” عن انكماش طفيف في الناتج الاقتصادي الألماني – الذي يُعد الأكبر في الاتحاد الأوروبي – بنسبة 0.1% في الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بالربع السابق, مما أثار بعض المخاوف بشأن أكبر اقتصاد في أوروبا.
جاء هذا الرقم – المعدل وفقًا لعوامل الأسعار والتقويم والموسمية – متوافقًا مع توقعات المحللين الذين استطلعت “رويترز” آراءهم، ولكنه يمثل تباطؤًا ملحوظًا مقارنة بنمو معدل بنسبة 0.3% في الربع الأول, مما يعكس تحديات تواجه الاقتصاد الألماني.
أظهرت بيانات “ديستاتيس” انخفاضًا في الاستثمارات في الآلات والمعدات، إلى جانب قطاع البناء، خلال الربع الثاني مقارنة بالربع السابق، في المقابل، ارتفعت نفقات الاستهلاك الخاص والحكومي, مما يشير إلى تغيرات في محركات النمو الاقتصادي.
نما اقتصاد إسبانيا بنسبة 0.7% خلال الربع، في حين تجاوز النمو الفرنسي، الذي بلغ 0.3%، المتوسط أيضًا، وعلى الجانب الآخر، انكمش اقتصاد كل من إيطاليا وألمانيا بنسبة 0.1%، وفقًا لأرقام “يوروستات”, مما يوضح التباين في الأداء الاقتصادي بين الدول الأعضاء في منطقة اليورو.
كما أبرمت الولايات المتحدة اتفاقية تجارية مع الاتحاد الأوروبي، مما قلل من حالة عدم اليقين وعزز آفاق النمو، خاصة مع إبرام اتفاقيات تجارية مع قوى كبرى أخرى، بما في ذلك اليابان والمملكة المتحدة, مما يعكس جهودًا لتعزيز التجارة العالمية.
على الرغم من أن هذه الصفقات تعني فرض رسوم جمركية أعلى، مما قد يقلل في نهاية المطاف نمو منطقة اليورو بنسبة تتراوح بين 0.2 و0.4 نقطة مئوية سنويًا، وفقًا لتقديرات الاقتصاديين، إلا أن هذا التأثير قد أُخذ في الاعتبار بالفعل في معظم التوقعات, مما يشير إلى أن الأسواق قد استوعبت هذه التطورات.
حالة عدم اليقين لم تنتهِ بعد
تعتزم ألمانيا زيادة الإنفاق الحكومي بشكل كبير بدءًا من العام المقبل بهدف تمويل البنية التحتية والدفاع، وهو ما يمثل دفعة للنمو ستعوض جزءًا كبيرًا من تأثير الرسوم الجمركية، وفقًا لتقديرات الاقتصاديين, مما يعكس استراتيجية لتعزيز الاقتصاد المحلي.
تُعد هذه المرونة الاقتصادية عاملًا رئيسيًا في اعتقاد المستثمرين الماليين بأن البنك المركزي الأوروبي يقترب من إنهاء تخفيف تكاليف الاقتراض بعد خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى النصف ليصل إلى 2% خلال الأشهر الـ 13 الماضية, مما يشير إلى تغير محتمل في السياسة النقدية.
تتوقع الأسواق احتمالًا بنسبة 50% فقط لخفض آخر بحلول ديسمبر، واحتمالًا ضئيلًا لبدء أسعار الفائدة في الارتفاع فعليًا مع نهاية عام 2026 مع تسارع وتيرة الاقتصاد وبدء ضغط الأسعار في الارتفاع مجددًا, مما يعكس توقعات بتحسن الأداء الاقتصادي.
لم يوقع الاتحاد الأوروبي بعد اتفاقيته التجارية مع الولايات المتحدة، ولا يزال هناك العديد من التفاصيل التي تحتاج إلى تسوية، مما يشير إلى أن الشركات قد تحتاج إلى شهور قبل أن تكتسب الثقة اللازمة لاتخاذ قرارات استثمارية, مما يوضح أن هناك عملًا يجب القيام به.
كما لم تتوصل الصين إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بعد، مما يثير مخاوف من إجبار بكين على بيع فائضها من السلع لبقية العالم، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار في مناطق أخرى.