«ارتفاع قياسي» أسعار الذهب تقفز 145 جنيهًا في أسبوع واحد

شهدت أسعار الذهب في السوق المصري ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي، مدفوعة بموجة تفاؤل خيّمت على الأسواق العالمية، وذلك في ظل استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

ووفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة»، المتخصصة في تجارة الذهب والمجوهرات، قفز سعر الذهب في مصر بنسبة 2.9% خلال أسبوع واحد، متأثرًا بالصعود القوي للأوقية عالميًا بنسبة 3.4%، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الأسعار المحلية التي سجلت تحركات صعودية لافتة.

مكاسب أسبوعية قياسية للذهب المحلي

أوضح سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، أن جرام الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية، ارتفع بنحو 145 جنيهًا خلال الأسبوع، حيث افتتح التعاملات عند مستوى 5075 جنيهًا، ووصل إلى مستوى تاريخي جديد عند 5250 جنيهًا، قبل أن يستقر عند 5220 جنيهًا في نهاية الأسبوع.

وأضاف أن هذا الارتفاع القوي يأتي استكمالًا للمسار التصاعدي الذي بدأ منذ مطلع سبتمبر الماضي، والذي قاد الذهب لتسجيل مستويات قياسية غير مسبوقة على الصعيدين المحلي والعالمي.

وفيما يتعلق بأسعار بقية الأعيرة، سجل عيار 24 نحو 5966 جنيهًا للجرام، بينما بلغ عيار 18 حوالي 4474 جنيهًا، ووصل سعر عيار 14 إلى 3480 جنيهًا، في حين استقر سعر الجنيه الذهب عند 41760 جنيهًا.

قفزة تاريخية للأوقية عالميًا

على الصعيد العالمي، حققت أسعار الذهب في البورصات الدولية أداءً استثنائيًا، حيث ارتفعت الأوقية بمقدار 126 دولارًا خلال الأسبوع، لتبدأ التداول عند 3760 دولارًا، وتصل إلى أعلى مستوى تاريخي عند 3900 دولار، قبل أن تغلق عند 3886 دولارًا للأوقية.

ويُعزى هذا الصعود إلى تراجع الثقة في الدولار الأمريكي نتيجة أزمة الإغلاق الحكومي، بالإضافة إلى تزايد الرهانات على قرب بدء دورة خفض أسعار الفائدة الفيدرالية.

أداء استثنائي وتحركات استثمارية ملحوظة

أشار التقرير إلى أن الذهب حقق أفضل أداء شهري له منذ عقود، مما دفع بعض المستثمرين إلى جني الأرباح مع بقاء الأسعار دون مستوى 3900 دولار للأوقية.

وعلى الرغم من أن التأثير الاقتصادي المباشر للإغلاق الحكومي لم يتضح بالكامل بعد، فإن التقديرات الصادرة عن مجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض تشير إلى خسارة الاقتصاد الأمريكي ما يقرب من 7 مليارات دولار أسبوعيًا من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تتضاعف هذه الخسائر لتصل إلى 15 مليار دولار أسبوعيًا في حال استمرار الأزمة لفترة أطول.

وتُظهر توقعات الأسواق أن الإغلاق قد يستمر نحو 11 يومًا، ولكن حتى في حال انتهاء الأزمة سريعًا، فإن الضرر المعنوي لمكانة الولايات المتحدة ومصداقية سياستها المالية قد تحقق بالفعل، خاصة مع تصاعد الشكوك حول السياسات التجارية والرسوم الجمركية المفروضة مؤخرًا.

تحوّل استثماري عالمي نحو الذهب

وفقًا لتقرير صادر عن «جي بي مورجان»، تشهد الأسواق العالمية ما يُعرف بـ«تجارة التخفيض»، حيث يتجه المستثمرون الأفراد إلى فقدان الثقة في العملات الورقية ويفضلون التحوط بالذهب في مواجهة معدلات التضخم المرتفعة والعجز المالي المتزايد.

أشار التقرير إلى أن البنوك المركزية العالمية تبنت هذا الاتجاه خلال السنوات الثلاث الماضية، عبر زيادة حيازاتها من المعدن النفيس كجزء من استراتيجيات التنويع والتحوط من المخاطر الجيوسياسية.

من جانبه، أوضح تقرير صادر عن مورجان ستانلي أن ارتفاع سعر الذهب دخل مرحلة جديدة مع تزايد مشاركة المستثمرين الأفراد في السوق، وهو ما تؤكده البيانات الخاصة بصناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs).

شهد صندوق SPDR Gold Shares (رمز GLD)، وهو أكبر صندوق مؤشرات متداول مدعوم بالذهب في العالم، زيادة في حيازاته بلغت 35.2 طنًا خلال سبتمبر الماضي، من بينها تدفق يومي قياسي قدره 18.9 طنًا يوم 19 سبتمبر.

وعلى الرغم من هذه الزيادة الملحوظة، لا تزال الحيازات العالمية في صناديق الذهب أقل من مستوياتها القياسية المسجلة عام 2020.

بيئة اقتصادية داعمة ومخاطر مستمرة

أوضح تقرير “آي صاغة” أن استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي أدى إلى تعطيل صدور بيانات اقتصادية أساسية مثل طلبات إعانة البطالة وتقرير الوظائف غير الزراعية، مما خلق حالة من الضبابية في الأسواق ودفع المستثمرين إلى البحث عن الملاذات الآمنة، وفي مقدمتها الذهب.

وقال ستيفن ميران، محافظ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إن البيانات الاقتصادية تُعدّ عنصرًا حاسمًا في تحديد السياسة النقدية، مؤكدًا ضرورة اتباع نهج استشرافي في ظل غياب الإحصاءات الدورية.

كما أشار أوستن جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إلى أن الأسواق تسعّر بالفعل احتمالات خفض الفائدة، لكنه شدّد على أهمية ربط السياسة النقدية بالبيانات الفعلية وليس بالتوقعات المسبقة.

شهدت عوائد السندات الأمريكية تراجعًا ملحوظًا، إذ انخفض العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.11%، بينما ارتفعت العوائد الحقيقية إلى 1.77%، كما أظهرت المؤشرات تباطؤًا في النشاط الاقتصادي الأمريكي، حيث تراجع مؤشر مديري المشتريات للخدمات (ISM) إلى 50 نقطة، وانخفضت وظائف القطاع الخاص وفقًا لتقرير ADP الأخير.

وتُظهر بيانات «Prime Market Terminal» أن احتمالات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي يوم 29 أكتوبر تبلغ نحو 96%.

مشتريات البنوك المركزية تدعم الاتجاه الصاعد للذهب

استأنفت البنوك المركزية العالمية مشترياتها من الذهب خلال أغسطس الماضي بإجمالي 15 طنًا بعد توقف مؤقت في يوليو، وجاءت كازاخستان في الصدارة بإجمالي 8 أطنان، تلتها تركيا، الصين، بلغاريا، غانا، التشيك، وأوزبكستان، بينما اقتصرت المبيعات على روسيا وإندونيسيا.

وتتصدّر بولندا قائمة الدول الأكثر شراءً للذهب هذا العام، بإجمالي 67 طنًا منذ بداية 2025، بهدف رفع نسبة الذهب في احتياطياتها من 20% إلى 30%، كما رفعت الصين احتياطياتها إلى نحو 2300 طن، بما يعادل 7% من إجمالي احتياطياتها الدولية، بينما بلغت احتياطيات تركيا نحو 639 طنًا.

يؤكد التقرير أن الضغوط الاقتصادية العالمية، المتمثلة في تراجع النمو وارتفاع التضخم وتقلبات أسعار العملات، تدفع البنوك المركزية والمستثمرين إلى تعزيز حيازاتهم من الذهب كملاذ آمن ووسيلة فعالة للتحوط من المخاطر المالية.