في ظل تصاعد الرسوم الجمركية الأمريكية وتراجع الحوافز الفيدرالية، تواجه سوق السيارات الكهربائية تحديًا كبيرًا يتمثل في كيفية الحفاظ على زخم التحول نحو المركبات النظيفة دون رفع أسعارها، وهو ما يضع ضغطًا هائلاً على كبرى الشركات المصنعة عالميًا، من تسلا إلى جنرال موتورز وفورد وفولكس فاجن، لتسريع خططها لإنتاج سيارات كهربائية بأسعار تنافسية تتراوح بين 25 ألفًا و35 ألف دولار، بهدف توسيع قاعدة المشترين وجذب المزيد من المستهلكين نحو هذه البدائل الصديقة للبيئة لمنافسة السيارات التقليدية العاملة بالبنزين الأرخص ثمنًا.
تسلا تقود الموجة الاقتصادية
تتصدر تسلا مشهد السباق نحو السيارات الكهربائية الميسورة التكلفة، حيث تخطط لإطلاق طراز كهربائي بسعر يقل عن 30 ألف دولار، ومن المتوقع الكشف عنه رسميًا في أكتوبر 2025.
ويُشير المحللون إلى أن هذا الطراز، الذي يُعرف إعلاميًا باسم “موديل 2” (Model 2)، سيكون حجر الزاوية في استعادة الطلب المتباطئ على السيارات الكهربائية، من خلال استهداف شريحة واسعة من المستخدمين الباحثين عن سيارة عملية واقتصادية الأداء بسعر يقارب مثيلاتها من سيارات البنزين التقليدية مثل تويوتا كورولا وهوندا سيفيك، وتسعى تسلا لتحقيق ذلك عبر خفض تكاليف البطاريات باستخدام تقنيات LFP الأرخص والأكثر استدامة، بالإضافة إلى التوسع في الإنتاج المحلي لدعم قدرتها التنافسية أمام الواردات الآسيوية، وخاصة الصينية منها.
جيل جديد من جنرال موتورز في 2027
ضمن سباق المنافسة ذاته، أكدت شركة جنرال موتورز نيتها إعادة إحياء طراز بولت (Bolt) في جيل جديد بحلول عام 2027، ومن المتوقع أن يكون بسعر يقل عن 30 ألف دولار، مستفيدة من منصة Ultium المحدثة وبطاريات LFP لتقليل التكلفة وتحسين مدى القيادة، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج في مصنع الشركة بولاية كانساس أواخر عام 2025، إلى جانب طراز آخر لم يُكشف عن اسمه بعد، لكنه يستهدف الفئة نفسها من السوق التي تنافس فيها تسلا.
فورد تراهن على شاحنات البيك أب الكهربائية
اختارت شركة فورد مسارًا مغايرًا من خلال تطوير شاحنة بيك أب كهربائية بسعر مبدئي يبلغ 30 ألف دولار فقط، والمقرر إطلاقها عام 2027، وتعتمد هذه الشاحنة على منصة جديدة بجهد 400 فولت وبطاريات أخف وزنًا لخفض التكاليف بشكل فعال، في خطوة استراتيجية تهدف إلى مواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية التي رفعت تكلفة استيراد المكونات من الصين بشكل كبير، وبالتالي الحفاظ على قدرتها التنافسية.
فولكس فاجن وبدائل أوروبا الميسورة
في السوق الأوروبية، تسعى فولكس فاجن بقوة لدخول نادي السيارات الكهربائية الاقتصادية عبر طرازها ID.2all، المتوقع طرحه خلال عامي 2025 و2026، بسعر يقل عن 25 ألف يورو (ما يعادل حوالي 27 ألف دولار أمريكي)، ويمنح هذا السعر المنخفض للسيارة، التي تعتمد على منصة MEB الموثوقة، مدىً يصل إلى 280 ميلًا، غير أن فرص طرحها في السوق الأمريكية لا تزال محدودة بسبب الاختلافات في المعايير ومتطلبات الضرائب.
الشركات الصينية حاضرة بقوة لكنها تواجه حواجز
تُعد الشركات الصينية، وعلى رأسها شركة BYD، من الرواد في تطوير وإنتاج السيارات الكهربائية منخفضة التكلفة، حيث تُباع بعض طرازاتها محليًا بأسعار مغرية تقل عن 10 آلاف دولار، وعلى الرغم من توسع صادراتها الملحوظ إلى أسواق رئيسية مثل أوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، إلا أن ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية يمثل حاجزًا كبيرًا يعيق دخول هذه السيارات الميسورة التكلفة إلى السوق الأمريكية، مما يحد من انتشارها هناك.
خيارات السيارات الكهربائية المتاحة بأسعار معقولة حاليًا
على الرغم من أن الجيل الجديد من السيارات الكهربائية الاقتصادية ما يزال قيد التطوير والانتظار، فإن السوق الأمريكية تضم بالفعل مجموعة متنوعة من الخيارات بأسعار متوسطة، تشمل سيارات كهربائية بالكامل وأخرى هجينة قابلة للشحن (Plug-in Hybrid)، وإليكم أبرزها:
السيارة | السعر المبدئي | المدى | ملاحظات |
---|---|---|---|
نيسان ليف 2025 | 28.140 دولار. | 212 ميلًا. | أول سيارة كهربائية تجارية عالميًا منذ 2010، خيار شعبي وسهل الاستخدام، لكن منفذ الشحن CHAdeMO أصبح أقل شيوعًا. |
هيونداي كونا الكهربائية 2025 | 32.975 دولار. | 261 ميلًا. | يمكن شحن البطارية من 10 إلى 80% في 43 دقيقة، لكنها تُنتقد لضعف التحكم مقارنة بمنافسيها. |
شيفروليه إكوينوكس EV 2025 | 33.600 دولار. | 319 ميلًا. | الأطول مدى ضمن فئة السيارات التي تقل عن 35 ألف دولار، تقييم مرتفع من Edmunds للراحة والكفاءة والسلامة. |
تويوتا بريوس Plug-in Hybrid 2025 | 33.375 دولار. | 44 ميلًا (كهربائي). | مثالية لمن يقطع أقل من 40 ميلًا يوميًا ويشحن بانتظام، حصلت على تقييمات عالية للأداء والاقتصاد في الوقود بعد إعادة التصميم. |
كيا نيرو Plug-in Hybrid 2025 | 34.490 دولار. | 33 ميلًا (كهربائي). | تتميز باقتصاد ممتاز في الوقود وتصميم داخلي أنيق، لكنها تفتقر إلى نظام الدفع الرباعي. |
الرسوم الجمركية تزيد من التحدي السعري
على الرغم من توافر بعض الخيارات الاقتصادية، يظل السعر هو التحدي الأكبر أمام انتشار السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، فوفقًا لبيانات كتاب كيلي بلو (Kelley Blue Book)، بلغ متوسط سعر السيارة الكهربائية الجديدة 56.910 دولار في نهاية عام 2024، مقارنةً بـ49.740 دولارًا للسيارات العاملة بالبنزين، ويتوقع الكتاب أن تُضيف الرسوم الجمركية الجديدة على المكونات المستوردة، خاصة من الصين، ما يصل إلى 6.000 دولار إضافية لكل سيارة، وهو ما قد يهدد خطط الشركات الطموحة لتقديم طرازات كهربائية بأسعار تنافسية وجذب قاعدة أوسع من المشترين، مما يعرقل جهود التحول.
تراجع الحوافز الحكومية يعقد المشهد
يزداد تعقيد المشهد مع قرب انتهاء الحوافز الفيدرالية المخصصة لشراء السيارات الكهربائية في بعض الولايات، أو تراجع فعاليتها نتيجة الشروط المتعلقة بالمنشأ والمكونات، ما يجعل الإنتاج المحلي وإعادة تصميم سلاسل التوريد أمرًا ضروريًا وحيويًا للحفاظ على الأسعار ضمن النطاق المستهدف للمستهلكين، وبالتالي دعم استمرارية هذا التحول البيئي المهم.
ترقب عالمي لعام 2027: نقطة تحول مرتقبة
يرى محللون أن عام 2027 سيشكّل نقطة تحول محورية ومهمة في قطاع السيارات الكهربائية، مع دخول موجة جديدة من الطرازات الاقتصادية إلى الأسواق العالمية، ما يمثل بداية “الجيل الثاني من التحول الكهربائي” الذي يستهدف شريحة أوسع بكثير من المستهلكين بدلًا من اقتصارها على النخبة فقط، ومن المتوقع أن تساهم هذه الطرازات الجديدة، بقيادة شركات عملاقة مثل تسلا وجنرال موتورز وفورد وكيا، في خفض متوسط أسعار السيارات الكهربائية عالميًا إلى أقل من 35 ألف دولار، مما يجعلها منافسًا حقيقيًا وقويًا للسيارات العاملة بالوقود التقليدي، ويساهم في تسريع وتيرة التبني العالمي.
وفي ظل التحديات المتزايدة المتمثلة في الرسوم الجمركية المرتفعة وتراجع الحوافز الحكومية، تدفع المنافسة الشرسة بين الشركات نحو ابتكار حلول إنتاجية وتقنية متقدمة تجعل السيارات الكهربائية أكثر كفاءة وأقل تكلفة، وقد يكون الجواب على سؤال “متى تصبح السيارات الكهربائية في متناول الجميع؟” أقرب مما نتوقع، إذ من الممكن أن تصبح سيارة الـ30 ألف دولار هي القاعدة الجديدة بحلول عام 2027، لا الاستثناء.