مع حلول فصل الخريف في محافظة نيغاتا شمال اليابان، يبدأ موسم حصاد الأرز، مما يوفر كميات وفيرة من قش الأرز المعروف باسم “وارا”، ورغم استخدام بعض المزارعين له كغذاء للماشية أو كسماد طبيعي، فإن الفائض الهائل من هذا القش في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ألهم فكرة فنية فريدة، ومنذ عام 2008، تطور مهرجان “وارا” للفنون ليصبح حدثًا سنويًا يجذب طلاب الفنون لصناعة منحوتات عملاقة من الوارا، محولًا المنطقة إلى وجهة سياحية موسمية تستقطب الزوار من كل حدب وصوب.
إيقاظ وحوش إيتشيغو النائمة
حمل مهرجان هذا العام عنوان “إيقاظ وحوش إيتشيغو النائمة”، في إشارة إلى مقاطعة يابانية تاريخية اندمجت مع نيغاتا الحديثة بعد أن زالت إداريًا عام 1871، وقد تجسدت هذه الفكرة المبتكرة في خمسة أعمال فنية ضخمة، تمثل مخلوقات أسطورية من التراث الشعبي المحلي، شملت هذه المنحوتات سمكة ترمز لمدينة نيغاتا، وسلحفاة ذهبية، وتنينًا مائيًا، وثعلبًا بتسعة ذيول، بالإضافة إلى قط مستوحى من شخصية تاريخية تُعرف باسم “نمر إيتشيغو”، وقد أعادت هذه الأعمال إحياء الأساطير القديمة في قالب إبداعي مذهل جذب أنظار الجمهور، بحسب ما نقله موقع mymodernmet.
مشاركة جامعات الفنون اليابانية
لم يقتصر دور المهرجان هذا العام على جامعة موساشينو للفنون، التي اعتادت المشاركة منذ انطلاق الحدث، بل اتسع نطاقه ليشمل أيضًا جامعة توهوكو للفنون والتصميم وجامعة ناغاوكا للتصميم، ولم يكن الهدف من ذلك مجرد عرض إبداعات طلابية جديدة، بل أيضًا تعزيز روح التعاون وإبراز المواهب اليابانية الشابة في مجالات الفنون المعاصرة، كما ساهمت هذه المشاركة الموسعة في رفع مستوى الحماس لدى السكان المحليين وزيادة شعورهم بالفخر المجتمعي بما يقدمه المهرجان من قيمة ثقافية وسياحية متجددة.
فعاليات مصاحبة وتجربة ساحرة
تُعرض المنحوتات الخمسة الضخمة في متنزه أواسيكيغاتا حتى 31 أكتوبر، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بتفاصيلها المذهلة ومشاهدتها خلال النهار، أو انتظار حلول الغسق لمتابعة إضاءتها في مشهد يضفي عليها سحرًا خاصًا ومميزًا، ولا يقتصر المهرجان على الجانب الفني فحسب، إذ يضم أيضًا سوق نيشيكان الذي يوفر المنتجات الزراعية المحلية، والأطعمة والمشروبات الشهية، بالإضافة إلى الحرف اليدوية التقليدية، وبذلك يجمع مهرجان وارا بين الفن والتراث والاقتصاد المحلي، ليصبح حدثًا شاملًا يجسد التقاليد اليابانية بروح معاصرة ومبتكرة.
المهرجان وجهة سياحية موسمية
أثبت مهرجان وارا للفنون منذ انطلاقته نجاحه الباهر في تحويل فائض القش الزراعي إلى فرصة فنية وسياحية كبرى، فالمنحوتات التي يصنعها الطلاب كل عام أصبحت رمزًا للابتكار والإبداع المستمد من التراث المحلي العريق، كما ساهم الحدث بفعالية في جذب المزيد من السياح وتعزيز الاقتصاد المجتمعي، وبفضل الاهتمام المتزايد والحرص الدائم على تطوير فعالياته، بات المهرجان واحدًا من أهم الفعاليات الثقافية التي تعكس قدرة اليابان على دمج الفنون بالتاريخ الزراعي والطبيعة الموسمية بأسلوب فريد وجذاب.