يهدف قرار إيراني، تمت المصادقة عليه في 18 سبتمبر (أيلول) الماضي وإبلاغ الجهات الرسمية به في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، إلى تعميق الفارق السعري بين البنزين والغاز الطبيعي المضغوط، وذلك لتشجيع المستهلكين على الانتقال إلى استخدام الغاز كبديل اقتصادي وفعّال.
وينص هذا القرار على عدة إجراءات رئيسية، منها تحديد سقف لحصص البنزين المدعوم، وتطبيق نظام أسعار متعدد المستويات بحيث تُحتسب الكميات المستهلكة الزائدة عن الحصة المحددة بسعر أعلى، كما يقرر القرار أن يتحمل المستهلكون تكلفة نقل البنزين ورسوم محطات الوقود، بالإضافة إلى رفع سعر البنزين سنويًا بما يتناسب مع معدل التضخم السائد في البلاد.
وفي خطوة مستقبلية، ينص الجزء الأخير من القرار على أنه بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام المقبل، سيتم تخصيص حصص البنزين بناءً على قيمتها بالريال الإيراني، وليس بكميات محددة من الوقود.
تأكيدات رسمية بشأن دعم الوقود
في سياق متصل، صرح عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، رضا سبهوند، بإمكانية مناقشة تعديل أسعار البنزين ضمن ميزانية العام الإيراني المقبل، موضحًا أن تكاليف إنتاج واستيراد البنزين والكهرباء والغاز تفوق بكثير سعر البيع الحالي، وأن استمرار هذا الفارق سيُشكل عبئًا ماليًا متزايدًا على موازنة الدولة.
كما حذر مسؤولون سابقون من أن استمرار الاختلال في إنتاج وتوزيع الوقود والكهرباء يُمثل خطرًا اقتصاديًا حقيقيًا، مؤكدين على الضرورة الملحة لإجراء تغييرات جذرية في الوضع الراهن.
وفي أغسطس (آب) الماضي، اقترح الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، تقليص الدعم الحكومي المقدم للفئات ذات الاستهلاك المرتفع للوقود، وتوجيه الموارد الناتجة لدعم الفئات منخفضة الدخل، لكن هذه المقترحات لم تُطبق فعليًا كما كان مأمولًا في السابق.
وقد أكد رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قالیباف، في تصريحات سابقة، أن الحكومة تتحمل تكلفة توريد البنزين بسعر أعلى بكثير من سعر البيع للمستهلك، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع سيُلحق أضرارًا بالغة باقتصاد البلاد.
ردود فعل شعبية غاضبة
أثارت أنباء “رفع أسعار البنزين” موجة واسعة من ردود الفعل الانتقادية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر المستخدمون عن قلقهم العميق إزاء تأثير هذه الزيادة المرتقبة على الفئات الفقيرة والمتوسطة الدخل في المجتمع.
كتب مستخدم باسم هادي زارعي معلقًا: “مع القرار الجديد، سيزداد سعر البنزين بما يتوافق مع التضخم، لكن رواتب الموظفين والعمال لا تزداد بنفس هذه الوتيرة، مما يعني أن الفارق سيُقلص من القوة الشرائية اليومية للمواطنين”.
وعلق مستخدم آخر باسم مهبد، مشيرًا إلى أن: “لن تزداد أسعار البنزين فقط، بل سيضطر المستهلك أيضًا لدفع تكلفة النقل الإضافية من وإلى محطات الوقود، وهو عبء إضافي”.
كما أشار بعض المستخدمين إلى التناقض بين مصادقة الحكومة على زيادة الأسعار وبين خطط سابقة لإرسال وقود مجاني إلى لبنان، مستشهدين بتصريحات السفير الإيراني في بيروت، مجتبي أماني، الذي كان قد ذكر استعداد بلاده لإرسال الوقود مجانًا، إلا أن السلطات اللبنانية رفضت العرض.
وتجدر الإشارة إلى أن زيادة سابقة في أسعار البنزين خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 كانت قد أشعلت موجة احتجاجات عارمة في جميع أنحاء إيران، قوبلت بقمع دموي من قبل قوات الأمن، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1500 شخص واعتقال آلاف آخرين، مما يثير مخاوف من تكرار مثل هذه الأحداث.