تشكّل أسعار المحروقات في المغرب أحد أبرز التحديات التي تعرقل جهود مكافحة التضخم، إذ تحتل المملكة مكانة ضمن أغلى 5 دول عربية في أسعار الوقود. ويعتمد المغرب بشكل كبير على استيراد المشتقات النفطية لتلبية احتياجاته، وقد أسهم تحرير أسعار المحروقات منذ عدّة سنوات في جعل الأسعار المحلية تتأثر مباشرةً بالتقلبات في الأسواق العالمية، مما يزيد العبء على المواطنين. ووفقًا لرصد منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فقد شهدت أسعار المحروقات في المغرب، خلال النصف الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مستويات غير مسبوقة.
واقع أسعار المحروقات وهوامش الربح
تكشف البيانات الأخيرة عن فارق كبير بين أسعار البيع الحالية للمحروقات في المغرب وما ينبغي أن تكون عليه التكلفة الحقيقية، بالإضافة إلى هوامش الربح المرتفعة التي يجنيها موزعو الوقود مقارنةً بالفترات التي سبقت تحرير الأسعار.
نوع الوقود | السعر الحالي (درهم مغربي/لتر) | السعر الحالي (دولار أمريكي/لتر) | السعر المتوقع (درهم مغربي/لتر) | السعر المتوقع (دولار أمريكي/لتر) |
---|---|---|---|---|
الغازوال “الديزل” | 10.7 | 1.17 | 9.1 | 1.00 |
البنزين | 12.7 | 1.39 | 9.9 | 1.09 |
* الدولار الأميركي يعادل 9.12 درهمًا مغربيًا.
التفصيل | القيمة (درهم مغربي) | القيمة (دولار أمريكي) |
---|---|---|
هامش ربح الديزل الحالي لكل لتر | 1.6 | – |
هامش ربح البنزين الحالي لكل لتر | 2.8 | – |
هامش ربح الديزل قبل التحرير لكل لتر | 0.6 | – |
هامش ربح البنزين قبل التحرير لكل لتر | 0.7 | – |
الأرباح السنوية للشركات (الغازوال) | 7 مليارات | – |
الأرباح السنوية للشركات (البنزين) | 2 مليار | – |
إجمالي الأرباح السنوية للشركات | 9 مليارات | – |
إجمالي الأرباح خلال 10 سنوات | 90 مليار | 9.86 مليار |
تداعيات تحرير أسعار المحروقات وتصريحات النقابات
يؤكد الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، أن قرار تحرير أسعار الوقود قد أثمر أرباحًا طائلة للشركات العاملة في القطاع، مقدّرة بنحو 7 مليارات درهم سنويًا من الغازوال ومليارَي درهم من البنزين، ليصبح إجمالي الأرباح السنوية 9 مليارات درهم. وخلال عقد كامل من تحرير الأسعار، وصلت الأرباح التراكمية لهذه الشركات إلى ما يقارب 90 مليار درهم (9.86 مليار دولار)، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول مدى عدالة هذا التوزيع. ويشير اليماني إلى أن التبريرات الحكومية السابقة، التي ربطت رفع الدعم عن المحروقات بتحسين قطاعي الصحة والتعليم، لم تتحقق، بل شهدت هذه القطاعات تدهورًا متزايدًا في ظل الحكومات المتعاقبة، مع تزايد فتح المجال أمام القطاع الخاص في بيع الوقود وإقرار قوانين عمّقت من تدهور المرافق العمومية.
مطالب بإعادة النظر في سياسات المحروقات
في ظل هذه التطورات، يدعو اليماني إلى تصحيح المسار من خلال مجموعة من الإجراءات الحاسمة، أهمها:
- التراجع عن قرار تحرير أسعار المحروقات في المغرب، ووقف تدهور المرافق العمومية، لا سيما في قطاعي التعليم والصحة.
- الدفع نحو تأميم المدارس والمستشفيات وإغلاق القطاع الخاص فيهما.
- رفع العراقيل أمام استئناف تكرير النفط بشركة “سامير”، مع المطالبة بتفويتها للدولة عن طريق مقاصة الديون.
- خفض الضريبة على المحروقات، وملاحقة المتهربين من الضرائب بناءً على حجم ثرواتهم ومداخيلهم الحقيقية.
الموقف الحكومي ونظرة عامة على السوق
في سياق متصل، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن الحكومة تراقب أسعار المحروقات في المغرب يوميًا لضمان توافقها مع اتجاهات السوق العالمية، مع الحفاظ على حرية الفاعلين في القطاع. وأوضحت الوزيرة أن التسعير المحلي يستند إلى أسعار المواد المكررة وليس النفط الخام، مما يعني أن تأثير تقلبات أسعار النفط يظهر بعد عدة أسابيع. وأضافت أن الأسعار المطبقة مؤخرًا أظهرت توافقًا نسبيًا مع الأسواق الدولية، على الرغم من وجود تفاوتات طفيفة بين شركات التوزيع ونقاط البيع المختلفة. يُذكر أن المغرب يضم نحو 3350 محطة وقود، منها حوالي 75% (ما يعادل 2491 محطة) تابعة للعلامات التجارية للشركات التسع الرئيسية العاملة في السوق.