كشف نيك تيرلي، رئيس منتج شات جي بي تي، عن خطة طموحة لتحويل هذا التطبيق الشهير إلى نظام تشغيل متكامل، يضم مجموعة واسعة من التطبيقات الخارجية، تسعى OpenAI لجعل شات جي بي تي مركزًا رقميًا جديدًا، حيث يتفاعل المستخدمون مع الخدمات الرقمية بسهولة، كما لو كانوا يستخدمون أنظمة تشغيل تقليدية مثل ويندوز أو ماك.
وتعكس هذه الخطوة الطموحة رؤية OpenAI لتوسيع نفوذها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز مكانتها كشركة رائدة في هذا المجال المتنامي.
أوضح تيرلي أن الرؤية الجديدة ترتكز على تحويل شات جي بي تي إلى بيئة مفتوحة للمطورين، تشبه إلى حد كبير متصفحات الإنترنت الحديثة، التي أصبحت بوابة رئيسية لمعظم أنشطة المستخدمين على الإنترنت.
جاء هذا الإعلان خلال مقابلة أجريت مع تيرلي على هامش مؤتمر مطوري OpenAI الثالث في سان فرانسيسكو، الحدث الذي سلط الضوء على مستقبل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المحتملة.
من أداة محادثة إلى منصة تشغيل متكاملة
يرى تيرلي أن شات جي بي تي قد تجاوز مرحلة كونه مجرد أداة ذكية للكتابة أو الإجابة على الأسئلة، بل يتجه ليصبح منصة متكاملة، تضم تطبيقات متنوعة في مجالات الإنتاجية، التعليم، التسوق، الترفيه، وحتى الخدمات اليومية الأساسية مثل النقل والطعام، كل هذا بفضل قوة الذكاء الاصطناعي.
وأضاف: “تماماً كما أحدث الهاتف الذكي ثورة في عالم التطبيقات، فإن شات جي بي تي يفتح الباب أمام جيل جديد من الخدمات المبتكرة، التي لم يكن من الممكن تصورها من قبل، إنه عصر جديد من الإمكانيات الرقمية.”
تشير الإحصائيات إلى أن شات جي بي تي يخدم حاليًا 800 مليون مستخدم نشط أسبوعيًا، وهو رقم ضخم يجعله واحدًا من أكبر الخدمات الرقمية على مستوى العالم، هذه القاعدة الجماهيرية الكبيرة تمنح OpenAI فرصة ذهبية لبناء منظومة اقتصادية متكاملة حول هذه المنصة، والاستفادة من إمكاناتها الهائلة.
شراكات استراتيجية وتطبيقات من كبرى الشركات العالمية
تستعد OpenAI لإطلاق متجر تطبيقات جديد داخل شات جي بي تي، يضم برامج من شركات عالمية رائدة مثل إكسبيديا، أوبر، ودوور داش، هذا المتجر سيكون بمثابة مركز شامل للتطبيقات والخدمات.
تهدف الشركة من خلال هذه الخطوة إلى تحويل شات جي بي تي إلى منصة متكاملة للتجارة الإلكترونية والخدمات الرقمية، حيث يمكن للمستخدمين تنفيذ المعاملات، وطلب الخدمات مباشرة من داخل التطبيق، مما يوفر تجربة مستخدم سلسة ومتكاملة.
الخصوصية والأمان على رأس الأولويات
أكد تيرلي أن OpenAI تولي اهتمامًا كبيرًا بمسألة الخصوصية، وقد وضعت قواعد صارمة تلزم مطوري التطبيقات بجمع “الحد الأدنى من البيانات اللازمة فقط”، مع الالتزام بالشفافية الكاملة تجاه المستخدمين، هذا يضمن حماية بيانات المستخدمين وخصوصيتهم.
وأضاف أن الشركة تعمل على تطوير مفهوم جديد يسمى “الذاكرة المقسّمة”، الذي يسمح للمستخدم بالتحكم الدقيق في البيانات التي يمكن للتطبيقات الوصول إليها داخل شات جي بي تي، مما يمنح المستخدمين مزيدًا من التحكم في خصوصيتهم.
يأتي هذا التوجه في وقت تعمل فيه OpenAI أيضًا على تطوير أجهزة ذكية بالتعاون مع المصمم الشهير جوني آيف، مما يعزز التوقعات بأن الشركة تخطط لبناء نظام بيئي متكامل، يجمع بين البرمجيات، الأجهزة، والخدمات السحابية، لتقديم تجربة مستخدم فريدة ومتكاملة.
شات جي بي تي: الأداة الأساسية لتحقيق الذكاء الاصطناعي العام
يرى تيرلي أن شات جي بي تي سيكون الأداة الأساسية التي من خلالها ستتمكن OpenAI من تحقيق هدفها الأكبر، وهو نشر الذكاء الاصطناعي العام (AGI) بطريقة تفيد البشرية جمعاء، هذا يمثل رؤية طموحة للمستقبل.
ويضيف: “شات جي بي تي ليس مجرد مشروع تجاري، بل هو وسيلة لتوصيل تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى الناس في حياتهم اليومية، وتحسين حياتهم بطرق ملموسة، إنه جسر بين التكنولوجيا والمستخدمين.”
في رؤيته للمستقبل، يشبّه تيرلي المرحلة الحالية من شات جي بي تي بما قبل ظهور الواجهات الرسومية في أنظمة التشغيل، ويقول: “سننظر بعد سنوات إلى شات جي بي تي اليوم كما ننظر إلى سطر الأوامر في بدايات الحواسيب، إنه قوي، ولكنه يفتقر إلى المرونة، ما نبنيه الآن هو واجهة المستقبل التي ستربط الإنسان بالذكاء الاصطناعي في كل لحظة، وستجعل التفاعل مع التكنولوجيا أكثر سهولة وفاعلية.”