«هل حان وقت الحذر» الذهب يواصل صعوده التاريخي فهل يخفي هذا الارتفاع قمة وشيكة أم مساراً غير متوقع للمستثمرين

شهد سوق الذهب موجة صعود تاريخية، محطمًا حواجز 4000 دولار ثم 4100 دولار للأونصة، مما زاد من التركيز على دوره كأداة لتنويع المخاطر في المحافظ الاستثمارية. ومع ذلك، وسط هذا التفاؤل العارم، تتصاعد تحذيرات الخبراء من أن هذا الارتفاع الصاروخي قد يحمل في طياته “مفاجأة غير سارة”، مذكّرين بأن التاريخ يثبت أن الذهب ليس دائمًا الملاذ الآمن الذي يُعتقد.

إليكم نظرة سريعة على بعض الأرقام والمقارنات الرئيسية في سوق الذهب:

البيانالقيمة/الوصف
السعر الحالي للعقود الآجلة للذهبأكثر من 4100 دولار للأونصة.
القمة التاريخية للذهب عام 1979850 دولارًا للأوقية.
نسبة الانخفاض بعد قمة 197965% إلى 70% من القيمة (خلال 3 سنوات).
متوسط شراء البنوك المركزية للذهب (2022-2024)أكثر من 1000 طن سنويًا (أكثر من ضعف متوسط العقد السابق).

تحذيرات من تكرار الأنماط التاريخية

في هذا السياق، أطلق مدير الصندوق كريستوفر كرودن تحذيرًا صارمًا للمستثمرين، مشيرًا إلى أن “العالم كله يعتقد الآن أنك إذا اشتريت الذهب سيرتفع، لكن هذا ليس صحيحًا دائمًا”، خاصة بعد عامين أو ثلاثة من الارتفاع المتواصل للذهب.

ولتدعيم وجهة نظره، استشهد كرودن بتجربته الشخصية في السوق، مذكراً بالقمة التاريخية للذهب عام 1979، حيث بلغ السعر 850 دولارًا للأوقية، ثم فقد نحو 65% إلى 70% من قيمته خلال ثلاث سنوات فقط، مؤكداً أن الذهب، كغيره من الأصول، معرض لتقلبات حادة وتصحيحات قاسية عقب موجات الصعود الكبرى.

مخاوف من فقاعة محتملة وعمليات جني أرباح وشيكة

تتوافق هذه النظرة الحذرة مع رأي جوناثان أنوين، رئيس إدارة المحافظ في شركة “ميرابو لإدارة الثروات”، الذي حذر من أن موجة صعود أسعار الذهب الحالية قد لا تكون مستدامة.

ورغم اعترافه بأن الذهب سيظل مطلوبًا كأصل منخفض الارتباط، إلا أنه توقع بدء عمليات جني أرباح بمجرد تجاوز حاجز 4000 دولار، مؤكدًا أنه “لن يتفاجأ إذا شهدت الأسعار تراجعًا مؤقتًا” بعد هذا الارتفاع القياسي.

عوامل قوية تدعم استمرار صعود الذهب

على الجانب الآخر، هناك عوامل أساسية قوية تدعم الارتفاع المستمر في أسعار الذهب ولا يمكن تجاهلها:

شراء البنوك المركزية: وفقًا لريبيكا ماكميلان من شركة “نيوبرجر بيرمان”، قامت البنوك المركزية، وعلى رأسها الصين، بشراء أكثر من 1000 طن من الذهب سنويًا خلال الأعوام 2022 و2023 و2024، وهو ما يمثل أكثر من ضعف متوسط العقد السابق، هذا التوجه يعكس رغبة في تنويع الاحتياطيات بعد أن كشفت العقوبات المفروضة على روسيا عن مدى هشاشة الاحتياطيات المرتبطة بالدولار.

توصيات كبار المستثمرين: يدعم هذا الاتجاه توصيات شخصيات مؤثرة في عالم الاستثمار، مثل راي داليو، مؤسس صندوق “بريدج ووتر” الشهير، الذي حث المستثمرين على تخصيص نحو 15% من محافظهم للذهب، مؤكدًا أنه “الأصل الوحيد الذي يزدهر عندما تتراجع الاستثمارات الأخرى”.

العوامل الاقتصادية والجيوسياسية: يستفيد سعر الذهب أيضًا من تراجع قيمة الدولار الأمريكي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية، بالإضافة إلى التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، مما يجعله ملاذًا جذابًا في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.

يقف المستثمرون في الذهب حاليًا عند مفترق طرق حاسم، فبينما تشير العوامل الأساسية القوية إلى استمرار الاتجاه الصاعد للذهب، تحذر المؤشرات التاريخية والتحليلات الفنية من أن السوق قد يكون على وشك الدخول في مرحلة تصحيح حادة، مما يؤكد أن الذهب، على الرغم من سمعته كملاذ آمن، لا يخلو من المخاطر ويتطلب استراتيجية استثمار واعية وحذرة.